تحركت البنوك المركزية في شتى انحاء العالم سريعاً أمس لتعزيز السيولة في الاسواق وضخت اموالاً اضافية لتبقي عجلة العمل في اسواق المال دائرة عقب الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة أول من أمس. وحض مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي البنوك المركزية على تقييد التعامل في الدولار للحيلولة دون تفاقم الاضطرابات في اسواق المال. لندن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - تحرك بنك اليابان المركزي صباح أمس لتهدئة المخاوف من حدوث ازمة عالمية وسرعان ما تبعته البنوك المركزية في استراليا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند. وعند فتح اسواق اوروبا بادرت البنوك المركزية في كل من سويسرا وبريطانيا وتركيا بالتعهد بضخ اموال في السوق. وفي رد فعل للمخاوف من حدوث نقص في الاموال، تحرك البنك المركزي الاوروبي سريعاً لضخ السيولة في الاسواق للمساعدة في تخفيف حدة التوتر. ورفض فيم دويزنبرغ رئيس البنك المركزي الاوروبي أمس التكهن باحتمالات التدخل لدعم الدولار، لكنه قال في كلمة أمام اللجنة المالية في البرلمان الاوروبي ان تقديم المساعدة للسلطات الاميركية قد يأخذ أي شكل من الاشكال. وقال رون ليفين المحلل الاستراتيجي لشؤون العملات في "ليمان براذرز" في طوكيو: "نتوقع ان تتحرك البنوك المركزية بنشاط شديد خلال الايام القليلة المقبلة على جبهتي توفير السيولة المطلوبة والحد من التقلبات العنيفة في اسعار الصرف". ويتوقع المتعاملون في اسواق الصرف الاجنبي ان يعلن مجلس الاحتياط الفيديرالي خفضاً طارئاً في اسعار الفائدة الاميركية اذا تطلب الوضع وان تحذو البنوك المركزية في كثير من الدول المتقدمة حذوه. وعزز ذلك الانباء القائلة ان رئيس مجلس الاحتياط الن غرينسبان سيعود الى الولاياتالمتحدة حيث كان يحضر اجتماعات لحكام المصارف المركزية. وقال منصور محي الدين الاقتصادي في مؤسسة "يو. بي. اس واربرغ": "قد نرى تخفيضات طارئة في اسعار الفائدة في شتى انحاء العالم على غرار ما حدث بعد انهيار وول ستريت حي المال في نيويورك في عام 1987". وقال بنك انكلترا المركزي أمس ان مجلس الاحتياط الفيديرالي حض البنوك المركزية على تقييد التعامل في الدولار للحيلولة دون تفاقم الاضطرابات في الاسواق المالية. وقالت متحدثة باسم بنك انكلترا ل"رويترز": "طلب مجلس الاحتياط الفيديرالي من البنوك المركزية تقليص التعامل بالدولار الى ادنى حد ممكن". واضافت "انه رد فعل طبيعي تماماً في موقف مثل هذا ولكن ليس لدينا علم بوجود اي مشاكل في نظام المقاصة". ودعت رابطة الاسواق المالية الدولية البنوك أمس الى تفادي اي معاملات مفرطة او غير ضرورية. استرد الدولار أمس نصف الخسائر التي تكبدها مقابل اليورو أول من أمس في تعاملات متقلبة متأثراً بتدخل المصارف المركزية لتعزيز السيولة. لكن انتعاش الدولار أمام الين كان بطيئاً بعد الخسائر الشديدة التي منيت بها الاسهم اليابانية أمس وانخفضت فيها الى أدنى مستوى منذ 17 عاماً، اذ اثارت هذه الخسائر مخاوف من ان تضطر شركات يابانية الى اعادة استثماراتها الخارجية الى البلاد لدعم دفاتر حساباتها قبل نهاية النصف الاول من السنة المالية في آخر أيلول سبتمبر الجاري. وواصل الجنيه الاسترليني ارتفاعه في أوائل المعاملات الاوروبية أمس ليسجل اعلى مستوى أمام الدولار منذ سبعة أشهر، وتراجع في الساعات التالية من التعامل. وحقق الفرنك السويسري ايضاً اعلى مستوى مقابل الدولار منذ سبعة أشهر مستفيداً من وضعه التقليدي كملاذ آمن للاستثمارات في اوقات الازمات الدولية. وسجل الدولار في الاسواق الاوروبية 119.41 ين مقابل 121.20 ين في اواخر التعامل في طوكيو أول من أمس. وبلغ سعر اليورو 0.9063 دولار مقابل 0.9074، في حين بلغ سعر الاسترليني 0.4659 دولار مقابل 1.4693 دولار. وكان الدولار خسر نحو اثنين في المئة من قيمته مقابل معظم العملات الرئيسية. لكن حجم التعاملات كان خفيفاً للغاية. وقال متعاملون ان الشلل اصاب الاسواق في اعقاب تدمير مركز التجارة العالمي في نيويورك الذي كان العديد من المؤسسات المالية تتخذه مقراً لها. وقال هانز ريديكر كبير خبراء الصرف الاجنبي في بنك "بي. ان. بي باريبا" في لندن: "السيولة قليلة جداً في السوق اليوم أمس والنشاط محدود للغاية". وقال ريان شي خبير الاقتصاد الدولي في "بنك وان": "من الواضح ان غالبية الناس تشعر بقلق شديد على الولاياتالمتحدة وتخشى من أي تدهور في انفاق المستهلكين". واضاف: "لا أعتقد ان الدولار سيشهد هبوطاً شديداً لكن الاسترليني مرشح بكل وضوح ليكون عملة الملاذ الامن وكذلك الفرنك السويسري". وفي روسيا سجل سعر صرف الدولار صباح أمس تراجعاً كبيراً نسبته 30 في المئة، اذ تم شراؤه بسعر يراوح بين 20 و22 روبلاً مقابل 30،29 أول من أمس. وسارع الروس الى شراء الدولار مستفيدين من انخفاض الاسعار وبلغ سعره في بعض المكاتب ليل الثلثاء/الاربعاء 15 روبلاً كما افاد مراسل وكالة فرانس برس. يشار الى ان الدولار هو ابرز عملة اجنبية يتداول بها الروس منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، اذ يقوم الكثيرون منهم بتحويل رواتبهم في آخر كل شهر الى العملة الاميركية. وقال الكسي فولين، المسؤول في مكتب رئيس الوزراء كما نقلت وكالة انترفاكس، ان الشعب يجب ان لا يستسلم للذعر وان "لا يسمح للوسطاء بجمع الثروات". واضاف ان السلطات الروسية لا تتوقع تراجع الدولار في اسواق العملات.