شلت التدابير الاحترازية التي اتخذتها سلطات الطيران الفيديرالية الأميركية حركة الطيران في الولاياتالمتحدة، في وقت رفعت المرافىء الحدودية البرية والجوية والبحرية درجة استنفارها للتدقيق في هوية المسافرين عبرها. وأثار إغلاق الفضاء الجوي الأميركي اضطراباً في العالم دفع كوبا إلى عرض استضافة الرحلات القادمة إلى أميركا، فيما أغلقت اسرائيل مجالها الجوي لمدة 24 ساعة، وعلّقت بريطانيا في خطوة غير مألوفة الرحلات فوق مدينة لندن، وأتى قرار المسؤولين عن سلاح الجو الأميركي تحييد الفضاء الجوي خوفاً من حدوث مزيد من الهجمات ضد مراكز سياسية وعسكرية حساسة، بعدما تحول كل جسم طائر إلى سلاح موجه. وتعطلت داخل الولاياتالمتحدة أكثر من 30 ألف رحلة جوية عجزت عن الوصول إلى وجهاتها المجدولة، بينما اضطر نحو مليوني مسافر إلى إعادة النظر في برامجهم وحجوزاتهم. وواجه كثيرون منهم مشاكل في سعيهم إلى تأمين حلول بديلة لضمان الوصول إلى مقاصدهم، عبر استخدام شبكة السكك الحديد أو استئجار سيارات. وحولت السلطات الأميركية الرحلات التجارية إلى كندا ، من دون أن يكون بالامكان التحقق من قدرة المطارت الكندية على استيعاب التدفق الكبير، ولا قدرة المدن المجاورة لهذه المطارات على إيواء جميع المسافرين الذين حولت رحلاتهم. وبعد أقل من ساعتين على الهجمات التي استهدفت نيويوركوواشنطن وقرار إغلاق الأجواء، سارعت شركات الطيران الأوروبية والدولية الأخرى إلى الاعلان عن إلغاء رحلاتها إلى الولاياتالمتحدة، مفضلة، كما يبدو، تدبير أمر مسافريها في مطاراتها الرئيسية، بدل مواجهة مصاعب تأمين مأوى لهم في المطارات الكندية. وأدى القرار إلى تعطيل مئات الرحلات الجوية بين جانبي الأطلسي. وقال الناطق باسم "هيئة الاشراف على الملاحة الجوية في بريطانيا" ريتشارد رايت ل"الحياة": "هناك ألف رحلة بين الولاياتالمتحدة وأوروبا يومياً، وبمعدل 500 رحلة في كل اتجاه". ورداً على سؤال هل يمكن أن تعود الأمور الى مجراها الطبيعي اليوم، قال: "أشك في ذلك. والأمر يخص الولاياتالمتحدة لتقرر فتح أجوائها". وكانت "الخطوط البريطانية" ألغت أمس كل رحلاتها المتوجهة إلى الولاياتالمتحدة. قبل أن يتطور الأمر لاحقاً مع إعلان السلطات البريطانية إغلاق المجال الجوي فوق لندن مساء. اضطراب في برمجة الرحلات وفيما قدمت "البريطانية" تعازيها إلى عائلات ضحايا الطائرات الذين قضوا في الهجمات أمس، أشارت في بيان لها إلى أن طائراتها التي كانت متجهة إلى الولاياتالمتحدة حولت إلى أقرب مطار، في حين أن الطائرات التابعة لها التي كانت أقلعت صباح أمس من الولاياتالمتحدة أكملت طريقها وعلى متنها مسافرون عائدون إلى المملكة المتحدة. وقالت غوين جونز الناطقة باسم الشركة ل"الحياة": "نطير إلى 21 وجهة في أميركا بمعدل 23 رحلة يومية من هيثرو و12 رحلة يومية من غاتويك ورحلة واحدة من مانشستر"، وذكرت أن قرار استئناف الرحلات سيتخذ اليوم "بناء على المعلومات التي سنحصل عليها". وأعلنت شركة "لوفتهانزا"، التي تعتبر ثالث أكبر ناقلة أوروبية، وقف رحلاتها الى الولاياتالمتحدةوكندا، مشيرة إلى أنه ستتم اعادة الطائرات التي لم تتجاوز خط العرض 40 اما تلك التي تجاوزته فحُوّلت الى كندا. وكذلك فعلت بقية الناقلات الجوية الألمانية التي ألغت رحلاتها إلى الولاياتالمتحدة. أما شركة "ساس" الاسكندينافية فأكدت إن خمساً من طائراتها التي كانت متجهة الى الولاياتالمتحدة عادت أدراجها الى السويد والنروج وايسلندا، في حين جرى إلغاء رحلتين كانتا على وشك المغادرة. وألغت "السويسرية" رحلاتها الثلاث المجدولة الى الولاياتالمتحدة لبعد ظهر أمس، وكذلك فعلت "البلجيكية" و"الكينية"، في حين أعلنت "هيئة الطيران المدني الروسية" ايضاً وقف كل الرحلات الى الولاياتالمتحدة. ولمواجهة الازدحام المتوقع أعلنت الحكومة الكندية حال الطوارىء أمس وإلغاء الرحلات غير تلك المقررة لاهداف انسانية من المطارات الكندية وإليها، للسماح بهبوط الطائرات الأميركية المحوّلة. وأعلنت شركة "كاثي باسيفيك" الغاء كل الرحلات المتجهة من مدينة هونغ كونغ إلى الولاياتالمتحدة. وفي خطوة غير متوقعة زادت التعقيدات التي يواجهها المسافرون، أعلنت شركة "امتراك"، اكبر شركة للسكك الحديد في الولاياتالمتحدة، ان حركة سير القطارات عُلّقت في شمال شرقي الولاياتالمتحدة بين واشنطن وبوسطن اثر الهجمات في نيويورك والعاصمة الفيديرالية. واعلنت "الملكية الاردنية" إعادة اثنتين من طائراتها كانتا متجهتين الى نيويورك وديترويت، بعد هبوطهما في شانون في ايرلندا. المسافرون العرب ويعتقد أن في مقدم ضحايا الاجراءات المتشددة التي ستتخذها الولاياتالمتحدة في الأيام المقبلة سيكونون رعايا البلدان العربية والاسلامية الذين سيواجههم تشدداً في منحهم تأشيرات الدخول والهجرة. ويواجه المسافرون العرب عادة الأمرّين على يد مندوبي الأمن في معظم شركات الطيران الأميركية التي تتعامل معهم وكأنهم مشبوهون، وتقوم بتفتيشهم بدقة قبل السماح لهم بالصعود الى الطائرة. كما يجري توقيفهم وتصوير جوازاتهم بالكامل في المطارات الأميركية، وهو ما حمل بعض الجمعيات الأهلية العربية والاسلامية في الولاياتالمتحدة على الاحتجاج مراراً في الماضي على هذه السياسة التمييزية. ومن المنتظر أن يتراجع عدد العرب الذين يزورون الولاياتالمتحدة. ويصل عدد المسافرين من العالم العربي إلى 283727 مسافراً نصفهم يزور أميركا لأسباب عائلية، مع العلم أن ربعهم يأتي من السعودية. ويقل هذا الرقم عن عدد المسافرين الاسرائيليين 325 ألف مسافر كل سنة. ولا يرتبط إلا عدد قليل من الناقلات الجوية العربية برحلات مباشرة إلى الولايت المتحدة، منها "مصر للطيران" و"الأردنية" و"الكويتية"، في حين أن عدداً قليلاً من الناقلات الأميركية، لا سيما "دلتا" ينظّم رحلات مباشرة إلى العالم العربي. ويستبعد أن تتأثر حركة النقل الجوي للمسافرين العرب المتوجهين الى أميركا الشمالية، وفي شكل يوصلها إلى درجة الالغاء. وقال الأمين العام للاتحاد العرب للنقل الجوي عبد الوهاب تفاحة ل "الحياة" إن "حجم حركة السفر الجوي من العالم العربي باتجاه أميركا سبعة في المئة فقط من نشاط أساطيل الطيران العربية"، مشيراً إلى أنها "نسبة ضئيلة مقارنة مع أوروبا التي تستحوذ على 45 في المئة من نشاط تلك الأساطيل". ويصل عدد الرحلات الجوية، في أميركا وحدها، إلى 36 ألف رحلة تعمل على نقل 2،1 مليون إلى مليوني مسافر يومياً. ويبلغ عدد المطارات المعبّدة في الولاياتالمتحدة 5200 مطار، منها 200 مطار دولي. وتملك الولاياتالمتحدة أكبر المطارات في العالم، وفي مقدمها مطار أطلنطا الذي يستقبل 1،80 مليون مسافر و915 ألف رحلة سنوياً، يليه مطار شيكاغو 1،72 مليون مسافر و909 آلاف رحلة ولوس أنجليس 5،68 مليون مسافر و561 ألف رحلةودالاس 7،60 مليون مسافر و838 ألف رحلة. الحركة لم تتآثر في اوروبا وقال الناطق باسم "هيئة الطيران البريطانية" ريتشارد وايت ل"الحياة" إن إلغاء الرحلات أمس لم يؤثر على رحلات المتابعة داخل أوروبا وبينها وبين العالم الخارجي. لكن الأكيد أن تجميد حركة السفر في الولاياتالمتحدة، التي تشكل بمفردها 33 في المئة من إجمالي حركة السفر الجوي في العالم، سيؤدي الى خلل لن يكون من السهل تجاوزه في الأيام المقبلة، لا سيما إذا استمر إلغاء الرحلات في الولاياتالمتحدةوكندا. وسيؤدي هذا الأمر إلى إلغاء كثير من الرحلات المجدولة، داخل أوروبا، وبينها أيضاًوبين افريقيا وآسيا.