كيف يمكن العالم أن يجد وسيلة لابقاء معظم الطائرات جاثماً على الأرض وتخليص الفضاءات من ضجيجها وازدحامها الذي يغطي أكثر من 40 ألف وجهة سفر في كل أنحاء المعمورة؟. الحل هو بقة صغيرة تعيش وراء شاشات الكومبيوتر ولا تنفك منذ أعوام تثير مخاوف الجمهور الذي ينظر بقلق إلى انتهاء موعد العد العكسي وبدء العام 2000، ليل الجمعة المقبل، خشية أن تؤدي هذه البقة إلى تخريب نظام النقل الجوي في العالم. أنفقت شركات الطيران خلال العامين الماضيين 6،1 بليون دو لار على تحديث أجهزتها وإعدادها لمواجهة مشكلة الصفرين، كما أنفقت الهيئات المسؤولة عن المطارات قرابة بليون دولار لتطوير مطاراتها، إلا أن هذه الجهود لم تكفِ لتجاوز مخاوف المسافرين بدليل أن كثيرين منهم قرروا تجنب الطائرات والمطارات يومي الجمعه والسبت المقبلين. واضطرت شركات كثيرة إلى إلغاء رحلاتها أو تخفيضها، بما في ذلك شركات طيران عربية، تحسباً لتراجع الطلب على السفر الجوي في مناطق كثيرة. وليس كل التوقعات التي سبقت، والتي غلب عليها التحفظ، صحيح. يقول ل"الحياة" الرئىس التنفيذي ل"طيران الخليج" الشيخ أحمد بن سيف آل نهيان: "لم نلغِ أياً من رحلاتنا. كنا فقط نتوقع أن ندمج بعض الرحلات المتوجهة إلى لندن بسبب انخفاض الطلب على هذا الخط ليلة الجمعه - السبت، لكننا فوجئنا بأن الإقبال عليها بقي كبيراً، الأمر الذي دفعنا إلى إعادة النظر بقرار خفض عدد الرحلات وإبقائها على مستواها". لكن شركات عربية أخرى ستترك طائراتها جاثمة على الأرض. ووجدت هناك شركات أوروبية وسيلة أخرى لمواجهة تراجع عدد المسافرين، مثل شركة "فيرجين أتلانتيك" البريطانية التي قررت إلغاء كل رحلاتها ليلة الجمعة - السبت، والاكتفاء باقامة حفلة عملاقة تضم جميع موظفي الشركة. ويعبر سماء المملكة المتحدة قرابة 39 في المئة من الحركة المتجهة عبر الأطلسي إلى الأميركيتين. وقالت المسؤولة الاعامية في "هيئة الطيران البريطانية" آن نونان ل"الحياة": "لن يكون هناك في سماء المملكة المتحدة عند منتصف ليلة الجمعة - السبت بتوقيت غرينتش سوى عشرة طائرات مبرمجة للتحليق في ذلك الوقت". وأشارت إلى أن الهيئة أنفقت، منذ منتصف عام 1996، أكثر من 16 مليون دولارعلى تحديث أنظمتها وتجهيزاتها في حين أنفقت "البريطانية" التي تملك أكبر أسطول للرحلات الدولية في العالم قرابة 97 مليون جنيه للغرض نفسه.، علماً أن "البريطانية" ستسيّر 20 طائرة أو أقل من عشرة في المئة من أسطولها ليلة رأس السنة. وقالت نونان: "لا شيء سيكون في الجو عند رأس السنة الجديدة لأن غالبية الناس تفضل أن تكون بالقرب من الاهل والأصدقاء. والطائرات الأولى عبر الأطلسي ستقلع من المملكة المتحدة عند السابعة أو الثامنة صباح السبت". وألغت شركات عدة رحلاتها. ومنها "اير كندا" التي ألغت 177 رحلة من أصل 655 رحلة مبرمجة، في حين ألغت "السنغافورية" 60 رحلة من أصل 305، و"يونايتد" الأميركية التي ألغت 727 رحلة من أصل 2595. وستخفض "لوفتهانزا" الألمانية عدد رحلاتها من 300 إلى 48 رحلة فقط. وتعتبر أوروبا وأميركا الشمالية مسؤولتين عن نحو 61 في المئة من حركة النقل الجوي في العالم، وفيها يتركز الجزء الأكبر من أصل نحو 100 شركة طيران تؤمن قرابة 90 في المئة من حركة النقل الجوي في العالم. وهذه الأسواق هي الأكثر تأثراً بعملية احجام المسافرين عن السفر ليلة رأس السنة. أما في روسيا فعُلّقت رحلات كثيرة والسبب في ذلك أن هناك 300 شركة طيران روسية تقريباً معظمها شركات غير رابحة. وبسبب عدم جدواها الاقتصادية فإن من المستبعد ان تنفق مبالغ إضافية لحل مشكلة الصفرين. أما في افريقيا وبلدان الساحل الشرقي الافريقي فإن أكثر شركات الطيران لا يزال يعاني من تسييره بشكل يدوي، وهو بذلك لم يدخل بعد العصر الذي يتعين عليه معه مواجهة مشاكل الكومبيوتر وعملية تطويره. إلا أن الحل الأفضل الذي توصل اليه معظم المسافرين حول العالم هو أن ينتظروا حتى الثاني من الشهر المقبل. ولكنهم سيفاجأون حتماً بمشكلة أخرى لا يستطيع أحد حيالها شيئاً وهي مشكلة الإزدحام في الطائرات والمطارات.