} غزة - "الحياة" - اختلطت مشاعر الفرح والارتياح لدى الفلسطينيين في قطاع غزة أمس للعمليات الفدائية التي استهدفت أهدافاً اسرائيلية في اكثر من موقع ومدينة بالترقب والحذر والخوف من اعمال انتقامية اسرائيلية. والأمر الذي تحول حقيقة على مدى الانتفاضة المستمرة منذ اكثر من 11 شهراً هو ان الشارع الفلسطيني يجد في العمليات الفدائية التي تستهدف جنود الاحتلال والمستوطنين اليهود رداً قوياً ومؤثراً على الممارسات العنصرية الاسرائيلية، وسياسة الاغتيالات والقصف وهدم المنازل وقتل الاطفال، وبات التأييد لمثل هذه العمليات عارماً، ولافتاً لنظر المراقبين والمحللين. وقال أحد المواطنين ل"الحياة" امس، في اعقاب سلسلة العمليات التي وقعت في نهاريا وغور الأردن وبيت ليد وشمال قطاع غزة، انه حتى لو لم يقتل أي اسرائيلي يكفينا من مثل هذه العمليات ما تسببه من رعب وخوف في قلوب الاسرائيليين، وايضاً فشل نظرية الأمن الاسرائيلية. الأمر نفسه استخلصه عضو المكتب السياسي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين صالح زيدان في وصفه لنتائج العملية الفدائية التي نفذها مقاتلون تابعون للجبهة شمال قطاع غزة فجر أمس. ورأى زيدان ان النتائج المهمة المتمخضة عن العملية وغيرها تتمثل في فشل رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون في تحقيق الأمن الشخصي للاسرائيليين وهو وعد قطعه على نفسه قبيل الانتخابات التي أوصلته الى كرسي رئاسة الحكومة في شباط فبراير الماضي. وأضاف: "ان العمليات تثبت ان هناك مقدرة دائمة على اختراق كل أنظمة الحماية والأمن الاسرائيلية". وكانت مجموعة مقاتلة من "كتائب المقاومة الوطنية" الجناح العسكري للجبهة الديموقراطية تمكنت فجر امس من الوصول الى موقع عسكري اسرائيلي يقع قرب الخط الأخضر شمال شرقي قطاع غزة قريباً من بلدة بيت حانون، مما اسفر عن استشهاد أحد أفرادها ويدعى نسيم العاص 28 عاماً وإصابة آخر تمكن من الفرار من المكان، ونقل الى جهة غير معلومة لتلقي العلاج. والعملية هذه هي الثانية من نوعها، التي تنفذها الجبهة، بعد الأولى التي هاجم فيها مسلحون قوات الاحتلال جنوب القطاع واشتبكوا وجهاً لوجه مع هذه القوات فجر الخامس والعشرين من الشهر الماضي، ما أسفر عن استشهاد مقاتلين، وقتل ثلاثة من جيش الاحتلال بينهم ضابط كبير. يُشار الى ان قوات الاحتلال تركت الشهيد العاص ينزف دماً بعد اصابته، ولم تقدم له الاسعافات المطلوبة الى ان فارق الحياة بعد ساعات. وقالت مصادر أمنية فلسطينية ل"الحياة" ان قوات الاحتلال ترفض الى الآن نقل جثمان العاص من مكانه تحت اشعة الشمس الحارقة، كما ترفض تسليمه للسلطة الوطنية. وأشار زيدان في حديث الى "الحياة" ان العمليات تثبت ان المقاومة في تصاعد مستمر، خصوصاً مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى للانتفاضة التي تصادف الثامن والعشرين من الشهر الجاري. الى ذلك، اعتبر الشيخ عبدالله الشامي أحد قياديي "حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين" في تعقيبه ل"الحياة" على العملية الفدائية التي نفذها مجاهدو الحركة في غور الأردن فجر امس، ان "تنفيذ العمليات، بمختلف الأساليب يأتي في سياقه الطبيعي كرد مشروع على جرائم الاحتلال الاسرائيلي". من جهة اخرى، أخلت السلطة الوطنية جميع المقار الأمنية والمواقع العسكرية والمدنية، ومن ضمنها الوزارات، امس، تحسباً لعمليات قصف انتقامية قد تشنها قوات الاحتلال. كما اخليت مقار الفصائل والقوى الفلسطينية، التي رفع اعضاؤها درجة الحيطة والحذر في تحركاتهم وتنقلاتهم خشية وقوع عمليات اغتيال مرتقبة رداً على العمليات. الى ذلك، شيع آلاف الفلسطينيين في مدينة رفح ومخيماتها ظهر امس، جثمان الشهيد الطفل محمد سمير أبولبدة 13 عاماً الى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء، بعد أداء الصلاة عليه في مسجد العودة وسط المدينة. وكان الطفل أبولبدة سقط برصاص قوات الاحتلال اثناء محاولته عبور أحد الشوارع القريبة من بوابة صلاح الدين الواقعة على الشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر، ليل السبت - الاحد. كما قصفت قوات الاحتلال في بوابة صلاح الدين فجر امس، المدينة بنحو عشر قذائف مدفعية، سقط عدد منها في مخيم الشابورة للاجئين الذي يبعد عنها نحو 1.5 كيلومتر، ما أدى الى اصابة أربعة مواطنين بجروح بينهم امرأة في الخمسين من عمرها.