ما زالت قوات الاحتلال الاسرائيلي تصعد من اجراءاتها وممارساتها في اطار خطة المئة يوم التي بدأت حلقة جديدة منها قبل أيام عدة ب"المبادرة" الى الهجوم والقتل، خلافاً لما كانت تدعيه سلطات الاحتلال سابقاً من أن اجراءاتها تأتي في اطار سياسة رد الفعل. وفي هذا السياق قتلت قوات الاحتلال أمس فتى فلسطينياً، كان يلقي الحجارة على جنود الاحتلال جنوبغزة، كما اقتحمت مناطق عدة في قطاع غزة، واحتلت فجر أمس مصنعاً لانتاج حليب الأطفال، هو الوحيد في القطاع، ومنعت مالكيه والعاملين فيه من دخوله. ورد الفلسطينيون على ممارسات قوات الاحتلال باطلاق عدد من قذائف الهاون على مستوطنات يهودية داخل القطاع وخلف الخط الأخضر. استشهد الفتى محمد حسن سليم 15 عاماً من مخيم البريج للاجئين 5 كلم جنوبغزة، إثر اصابته برصاصة في صدره اطلقها جنود الاحتلال المتمركزون في الموقع العسكري المقام على أحد طرفي مفترق الشهداء جنوب مدينة غزة. وكان سليم يرشق وعشرات من أقرانه التلاميذ جنود الاحتلال بالحجارة من مسافات بعيدة، لم تشكل حسب شهود عيان أي خطر على الجنود الذين اطلقوا النار نحوهم، فأصابوا أربعة آخرين بجروح، نقلوا على اثرها الى مستشفى الشفاء في مدينة غزة. وخرج هؤلاء التلاميذ من مدارس مخيم البريج في تظاهرة احتجاجاً على استمرار أعمال القتل وتصعيد العدوان الاسرائيلي، واحياء لذكرى النكبة. وقصفت قوات الاحتلال أمس منازل المواطنين في دير البلح، قرب مستوطنة "كفار داروم"، وفي مخيم رفح للاجئين، وموقعاً للأمن الوطني في المخيم نفسه. ولحقت اضرار جسيمة بثلاثة منازل في مخيم "يبنا" في رفح، ومنازل في دير البلح، وموقع الأمن الوطني المذكور. وتوغلت القوات الاسرائيلية داخل منطقتين في أراضي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة لازالة بساتين في بيت حانون واحتلال مبنى من عدة طوابق قرب مستوطنة "غوش قطيف". ورد الفلسطينيون باطلاق قذيفة هاون واحدة على مستوطنة "كفارداروم" صباح أمس، من دون أن توقع اصابات في صفوف المستوطنين على حد قول ناطق عسكري اسرائيلي. وعند الساعة الثامنة والنصف من ليل الثلثاء اطلق الفلسطينيون تسع قذائف هاون نحو مستوطنات يهودية داخل قطاع غزة، وخلف الخط الأخضر. وتبنت الهجوم بالقذائف قوات المقاومة الشعبية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وقالت قوات المقاومة الشعبية في بيان لها، تلقت "الحياة" نسخة منه عبر الفاكس ان "ثلاث مجموعات عسكرية تابعة لها قصفت ثلاث مستوطنات صهيونية بقذائف الهاون". وأعلنت ان هذا القصف جاء رداً على مجزرة بيتونيا ومجازر غزة التي نفذتها قوات الاحتلال، مؤكدة ان مجموعاتها الفدائية ستواصل "نهج المقاومة والكفاح المسلح حتى تحرير كل فلسطين". وفي خطوة منافية، حذرت قوات المقاومة الشعبية "اجهزة الأمن الفلسطينية، وتحديداً جهاز المخابرات العامة في محافظاتغزة من تواصل عمليات الملاحقة والمداهمة لبيوت ومحال المواطنين الشرفاء"، مشدد على أن "هذه السياسة تعصف بالتلاحم والتماسك الفلسطيني الداخلي". وفسر مراقبون هذا التحذير بأنه رد علىم حاولات جهاز المخابرات العامة الذي يرأسه اللواء أمين الهندي، اجرى تفتيشات في الاونة الأخيرة في عدد من الأماكن داخل قطاع غزة، يشتبه في أن لها علاقة بقوات المقاومة أو الجبهة الشعبية، بحثاً عن قذائف ومدافع الهاون وأسلحة نارية. ويقوم مصنع حليب الأطفال الذي بدأ انتاجه قبل نحو عام واحد في المنطقة أ على بعد نحو 100 متر الى الشمال من مستوطنة "كفارداروم" اليهودية وسط القطاع. وكان المصنع يبعد عدة مئات من الأمتار عن المستوطنة، قبل أن يقوم المستوطنون بتوسيعها في الأشهر الأخيرة. واستناداً الى اللواء عبدالرازق المجايدة أمين سر مجلس الأمن الأعلى، مدير الأمن العام في قطاع غزة، فإن قوات الاحتلال رفضت اخلاء المصنع وظلت متمركزة داخله وفوق سطحه وحوله. وأشار المجايدة في بيان صحافي أصدره أمس ان الجيش الاسرائيلي رد على الطلب الفلسطيني عبر الارتباط العسكري بإخلاء المصنع، بالقول ان لديه "أوامر عليا من القيادة الاسرائيلية، وانهم باقون في المصنع لمدة غير معروفة". وحذر المجايدة الجيش الاسرائيلي من "مغبة استمرار احتلال المناطق الفلسطينية"، مشدداً ان على الجيش أن يخرج "فوراً من مصنع الألبان، ومن كافة المناطق المحتلة، حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه". من جانبه، عقد رئيس اتحاد الفلاحين والتعاونيين الفلسطينيين جبر قديح، مؤتمراً صحافياً في مدينةغزة، أمس، حول اقتحام المصنع واحتلاله، أكد خلاله ان الاتحاد سيقيم دعوى على الجهات المختصة المسؤولة في الدولة العبرية عن احتلال المصنع، في حال بقي هذا الاحتلال قائماً. ولم يستبعد قديح ان يكون احتلال المصنع في اطار الحرب الاقتصادية التي تشنها الدولة العبرية على الفلسطينيين، أو أن يكون له علاقة بحملة المقاطعة الفلسطينية للبضائع والمنتجات الاسرائيلية والأميركية. وأوضح ان المصنع تعرض لاطلاق النار والاعتداءات الاسرائيلية 16 مرة منذ بدء الانتفاضة.