يوم قدمت هوندا سيارتها سيفيك لم تكن تتوقع ان تتحول من صغيرة الشركة الى إحد أفضل طرازات الشركة اليابانية وأكثرها مبيعاً. فالتركيز الذي نالته شقيقتها أكورد خلال الثمانينات وبداية التسعينات تحول اليوم لمصلحة سيفيك التي ظهر جيلها السابع مع نهاية العام الماضي والتي أظهرت تجربتنا لها أنها أصبحت قمة في النضج والعملانية. بدأت مسيرة سيفيك عام 1972 كسيارة هاتشباك صغيرة مخصصة للاستعمال في المدن. ومع الأيام، تطورت السيارة وكبر حجمها وباتت مصنفة في قطاع السيارات العائلية المتوسطة الصغيرة لتبلغ مرحلة متقدمة من النضج مكنتها من تثبيت قدميها في سوق تعد المنافسة فيها شرسة جداً، خصوصاً في ظل وجود سيارات عريقة في هذا القطاع، ولاسيما منها اليابانية شأن تويوتا كورولا ونيسان ساني وسوبارو امبريزا وسوزوكي بالينو وغيرها. وهوندا التي تميزت سياراتها عبر السنين، خصوصاً عن مواطناتها اليابانيات، بأنها تتمتع بشخصيات مستقلة لا تمت بصلة الى السيارات المنافسة، قررت أن تضخ دماً جديداً في عروق سيارتها سيفيك لإبقائها في موقع المنافسة. وفي هذا الإطار، لم تخضع سيفيك لأي تعديل إذ فضلت هوندا أن تقدم جيلاً جديداً كلياًً منها، من دون التضحية بالمبدأ الذي أدى الى نجاح سيفيك طوال العقود الثلاثة الماضية، وهو "الإنسان على حساب الآلة" أي تطوير الآلة الى أقصى حدود التطوير بهدف خدمة الإنسان. المحافظة على شخصية سيفيك النظرة الأولى الى سيفيك الجديدة تؤكد أن هوندا أرادت أن تحافظ على شخصية هذه السيارة اليابانية الناجحة. فخطوط المساحات الزجاج الجانبية وتصميم المقدم العام تذكر بالجيل السابق السادس من سيفيك، إلى درجة يمكن أي شخص، ولو لم يكن من محبي السيارات، أن يتعرف إليها فور رؤيتها. ففي المقدم، تبدلت المصابيح الأمامية القديمة لمصلحة أخرى جديدة مغطاة بطبقة زجاج الماسية شفافة تضم المصابيح الأمامية الرئيسية وإشارات الانعطاف التي تتمتع بخلفية برتقالية اللون. وتتوسط المصباحين الأماميين، فتحة تهوئة وسطية ذات تصميم جديد قوامه ثلاث شفرات أفقية متوازية طُليت العلوية منها بمادة الكروم اللماع، على غرار شعار هوندا الكبير الذي يتوسط فتحة التهوئة الوسطية والتي تعلو بدورها الصادم الأمامي المدمج. والأخير يحتوي في أسفله فتحة تهوئة مستطيلة مهمتها إدخال الهواء الى مقصورة المحرك وجهاز المكابح الأمامي والإسهام بالتالي في فاعلية تبريدهما. أما في ما يتعلق بالخطوط الجانبية التي تشبه خطوط الجيل الأسبق، فيجد المرء أن هوندا عمدت الى خفض المسافة التي تفصل بين الجهة الخارجية للمساحات الزجاج وإطارات هذه الأخيرة المطلية بالأسود اللماع، ما أسهم في خفض الضجيج الصادر عن اختراق السيارة الهواء، ورفع بالتالي من سهولة اختراقها إياه على السرعات العالية. وفي هذا السياق، نشير الى أن تصميم المرايا الخارجية جديد أيضاً ويسهم بدوره في خفض نسبة الجر، شأنه للزجاج الخلفي الذي تخلى عن إطاره النافر، وبات يعتمد مواد لاصقة لتثبيته على مستوى الجسم. ولزيادة طابع الانسيابية، زودت سيفيك تنانير جانبية مدمجة بأسفل الهيكل، إضافةً الى حمايات جانبية مطاط تؤكد سهولة اختراقها الهواء، وتعمل من ناحية أخرى على حماية جانبي السيارة من الخدوش الناتجة عن فتح أبواب السيارات المجاورة عند ركنها في المواقف العامة. أما في الخلف، فتخلت سيفيك عن الخطوط المنسابة التي تتخللها زوايا دائرية لمصلحة مؤخر يتسم بخطوطه الصندوقية وحافته المرتفعة التي تؤدي دور عاكس الهواء الخلفي، إذ تسهم سماكة الصندوق وحافته العلوية المرتفعة في زيادة ثبات المؤخر الذي زود، على غرار المقدم، مصابيح خلفية ذات تصميم جديد تتداخل حوافه العليا والجانبية الخارجية في الهيكل. ويتوسط هذين المصباحين اللذين تخليا عن اللون البرتقالي الخاص بإشارات الانعطاف لمصلحة اللون الأحمر، خط عريض من الكروم اللماع على غرار المقدم يعلو المكان المخصص للوحة السيارة. أخيراً، يبقى في سياق الحديث عن الهيكل، أن نشير الى أن هوندا لم تغفل عوامل السلامة العامة إذ دعمت سيارتها الجديدة هذه بمناطق هشة في المقدم والمؤخر لامتصاص الصدمات وابعادها عن مقصورة الركاب التي زودت جوانبها عوارض معدن مدمجة في الأبواب، إضافةً الى كيسي هواء أماميين قياسيين على كل الطرازات. مقصورة فسيحة مقصورة القيادة التي تعد من المقصورات الفسيحة في سيفيك الحالية، طاولتها تعديلات مع الجيل الجديد، أبرزها زيادة المساحات المخصصة للجلوس، سواء كان الأمر لجهة المساحات المخصصة للأرجل أو الأكتاف أو الرؤوس. وساعدها في ذلك التصميم الجديد للبنية التحتية، والذي تمكنت عبره هوندا من الخروج بأرضية مسطحة لمقصورة الركاب ولصندوق الأمتعة. وراعت الشركة اليابانية أيضاً المساحات المخصصة لتوضيب الحاجات الصغيرة، خصوصاً أن سيارتها هذه مخصصة لنقل العائلات. لوحة القيادة نالت أيضاً نصيبها الوافر من العناية والدراسة. فهي تضم تجويفاً للعدادات وضعت فيه هوندا عدادات للسرعة ولدوران المحرك، إضافة الى عدادين صغيرين مخصصين للإشارة الى مستوى الوقود المتبقي في الخزان والى درجة حرارة المحرك. أما باقي المؤشرات الحيوية، فقد استعيض عنها بالمنبهات الضوئية والصوتية. وزودت هوندا العدادات إطارات سميكة مطلية بالأسود أضفت على تجويف العدادات طابعاً رياضياً. من جهة أخرى، وضعت الشركة اليابانية مخارج جهاز التكييف ومفاتيح تشغيله، إضافةً الى مفاتيح تشغيل جهاز الراديو كاسيت وبعض أجهزة السيارة في الكونسول الأوسط الذي أخذ لنفسه وضعية نافرة سهلت وصول يد السائق اليمنى إليها، في وقت ضم أسفله علبة صغيرة لتوضيب الحاجات الصغيرة، إضافةً الى منفضة السجائر والولاعة. ولا بد من الإشارة الى أن هوندا وضعت مفاتيح تشغيل النوافذ الكهربائية في مسند يد السائق اليسرى، في وقت ثبت مفتاح تحريك المرايا الخارجية الكهربائية في الجهة اليسرى من لوحة القيادة، ليبدو الوصول إليه صعباً نوعاً ما. وأمام مقبض علبة التروس ثبتت هوندا حاملات الأكواب، في حين استغلت المساحة التي تلي مقبض علبة التروس لوضع مقبض مكبح اليد، إضافةً الى مكانين خصصا لتوضيب الحاجات الصغيرة. ولم تقف العناية بالتفاصيل عند حدود لوحة القيادة التي بطنت بمواد جلد وأخرى بلاستيك ذات نوعية جيدة وحسب، بل طاول أيضاً تصميم بطانات الأبواب التي ضمت جيوباً لتوضيب الحاجات الصغيرة والمقاعد التي تم تكبير حجمها، خصوصاً مقعد السائق الذي زود جهازاً يدوياً يمكن عبره التحكم بارتفاعه، الأمر الذي وفر للسائق وضعية جلوس جيدة يدعمها مقود يمكن تعديل درجة ميلانه، ما أسهم بالتالي في زيادة مجالات الرؤية في كل الاتجاهات، خصوصاً أن المساحات الزجاج المحيطة بالمقصورة كبيرة نسبياً. وهنا لا يمكننا إغفال ركاب المقعد الخلفي الذين سيتمتعون بدورهم بمساحات جلوس جيدة، وبالأخص راكب الوسط الذي لن يجد عائقاً أمام قدميه بسبب الأرضية المسطحة. وفي سياق الحديث عن ركاب المقعد الخلفي، نشير الى أن هوندا وفرت لهم ثلاثة أحزمة أمان بثلاث نقاط تثبيت لكل منها باستثناء الوسطي منها الذي جاء بنقطتي تثبيت فقط!. صندوق الأمتعة حصل بدوره أيضاً على دراسة وافية. فهوندا لم تكتف بتزويده أرضية مسطحة وحسب، بل عملت على زيادة طوله وعرضه وارتفاعه. وعمدت الى خفض حافة تحميله ما انعكس سهولةً في تحميل الأمتعة وتفريغها. ويمكن مع سيفيك الجديدة أيضاً زيادة حجم تحميل الصندوق بعد طي ظهر المقعد الخلفي كلياً، ويمكن طيه جزئياً أيضاً، الأمر الذي يجعله يستوعب الأمتعة الطويلة، شأن المزالج الرياضية وغيرها. محركان في تصرفها للجيل السابع من سيفيك، قررت هوندا أن توفر محركين اثنين فقط يعملان على البنزين، قوامهما الأسطوانات الأربع المتتالية. وتبلغ سعة المحرك الأول 1.5 ليتر وهو يعمل بمساعدة صماماته ال 16 على توليد قوة 110 أحصنة عند 5800 دورة في الدقيقة يرافقها عزم دوران يصل حده الأقصى الى 13.8 م كلغ عند 4200 دورة في الدقيقة. أما المحرك الثاني الذي تبلغ سعته 1.7 ليتر، فيعمل عبر عمود كامة واحد في الرأس مع 16 صماماً، تشتغل عبر تقنية في - تك التي تتحكم بتوقيت عمل الصمامات، على توفير قوة 130 حصاناً عند 6300 دورة في الدقيقة، تنخفض الى 4800 دورة في الدقيقة في ما يتعلق بعزم الدوران البالغ 15.8 م كلغ. ومع هذه المحرك، يمكن السائق أن يشعر بمدى تجاوب المحرك على مختلف دوراته. والفضل يعود الى تقنية في - تك التي تتحكم بتوقيت عمل الصمامات تبعاً لمدى ضغط السائق على دواسة التسارع. ولا يمكن نكران فضل علبة التروس اليدوية التي تقوم على خمس نسب أمامية متزامنة درست لتوفير أكبر مقدار من التأدية المتقدمة. وفي سياق الكلام عن علبة التروس، نشير الى أن هوندا وفرت لسيفيك المزودة محرك ال 1.7 ليتر، علبة تروس أوتوماتيكية من أربع نسب أمامية أظهرت خلال تجربتها أنها تتمتع بنعومة عمل متناهية، على رغم افتقادها برامج العمل المنوعة عادي، اقتصادي، رياضية التي تتوافر عادةً مع علب التروس الأوتوماتيكية. وعند السؤال عن السبب في عدم تزويد سيفيك الجديدة أنظمة العمل المنوعة لعلبة التروس، كان الجواب أن هوندا قصدت ألا توفر هذا التجهيز كي تتمكن من إبقاء سعر مخفوض ومنافس لسيفيك. يذكر أيضاً أن سيفيك المزودة محرك ال 1.7 ليتر، وعلى رغم العناية التي نالتها على صعيد العزل الصوتي للضجيج والهواء، تعاني ارتفاعاً في صوت المحرك عند قيادتها على مستوى دوران مرتفع، على غرار كل السيارات التي تعتمد محركاتها الصمامات المتعددة في الرأس. ثبات متقدم على رغم عدم تمكننا من ضغط السيارة الى حدودها القصوى خلال التجربة، خرجنا بنتيجة مؤكدة، مفادها أن سيفيك الجديدة أفضل من الجيل الحالي لناحية الثبات. أما السبب فيعود الى توزيع الوزن المتكافئ بين مقدم السيارة ومؤخرها من ناحية، والى صلابة الهيكل ونسبة التوائيته من ناحية أخرى، والى أجهزة التعليق المستقلة للعجلات الأربع. والأخيرة التي سبق لها أن أثبتت قدراتها في عدد من السيارات، تقوم في الأمام على تقنية ماكفرسون الانضغاطية وفي الخلف على الشعب المزدوجة. وفي مقابل هذا الثبات المميز من سيارة في هذا الحجم، لوحظ بعض التلكؤ في عمل جهاز المقود عند الدخول في المنعطفات المتتالية بسرعة عالية، حيث يظهر المقود المزود مساعداً هيدروليكياً بعض القساوة عند محاولة لفه في الاتجاه المعاكس يعتقد أن السبب يعود الى الإطارات. إلا أن هذا الأمر ليس بمشكلة خصوصاً أن السيارات التي تنتمي الى فئة سيفيك نفسها، ليست معدة في الأساس للقيادة الرياضية، بل للاستعمال العائلي. [email protected]