ما ان افاق الاسرائيليون من صدمة اختراق مقاتلين فلسطينيين موقعاً عسكرياً في مستوطنة "جان - اور" في قطاع غزة اول من امس، حتى اودى الرصاص الفلسطيني بمستوطنيْن في منطقة رام الله واسرائيلي في الضفة الغربية. وقتل اسرائيلي برصاص فلسطيني امس عندما كان في سيارته على طريق وادي عارة داخل الخط الأخضر قرب مفترق طريق يؤدي إلى قرية زيتا الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني، وذلك اثناء توجهه الى "كيبوتس ماغال". وفي حادث منفصل وقع في حوالى الساعة العاشرة من ليل السبت - الاحد، اطلقت النار من سيارة مسرعة على اخرى تقل مستوطنين قرب قرية بيت عور الخاضعة لسيطرة امنية اسرائيلية كاملة، ما ادى الى مقتل اثنين من ركابها واصابة ثالث بجرجح خطرة. وتمكن المهاجمون من الفرار من المكان الذي يشرف عليه موقع عسكري معزز بالدبابات اقيم قبل ستة اشهر ولا يبعد اكثر من كيلومتر عن قاعدة ل"حرس الحدود" الاسرائيلي. واتخذت قوات الاحتلال اجراءات فورية منها تمشيط اربع قرى قريبة من الموقع هي بيت عور الفوقا والتحتا وخربثا وبيت لقيا، وشوهدت المروحيات تحلق في الوادي الموصل الى مدينة رام الله، كما فرض حظر التجول على بلدتي بيت عور، فيما صدر قرار عسكري بمنع السيارات الفلسطينية من استخدام الطريق الذي وقع عليه الحادث والذي يخدم 26 قرية وقصر استخدامه على المستوطنين والجيش. وأعلنت "كتائب شهداء الاقصى" مسؤوليتها عن الهجوم. وبادر دوري غولد، احد مستشاري رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، الى تحميل الرئيس ياسر عرفات مسؤولية الاحداث الاخيرة، وقال: "سواء تم استهداف الجنود في قطاع غزة ام المدنيين في طرق الضفة، فإن عرفات يصعد حرب الارهاب ضد دولة اسرائيل". واستدعى الحادث اجتماعاً أمنياً ترأسه وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر وانتهى بشن المقاتلات الحربية الاسرائيلية من طراز "اف - 16" و"اف - 15" غارات جوية استهدفت المقر الرئيس العام للشرطة الفلسطينية في مدينة غزة المكون من خمس طبقات فسوته بالأرض، كما دمرت مواقع للاستخبارات والشرطة في بلدة دير البلح حيث اصيب في هذه الغارات ثمانية فلسطينيين. وتوغلت الدبابات الاسرائيلية في منطقة رفح جنوب قطاع غزة وهاجمت مواقع للأمن الوطني ودمرتها كما دمرت حاجزين ل"القوة 17"، لكنها لاقت مقاومة واصيب احد جنودها، فيما فقد الفلسطينيون شهيداً هو علي ابو بكرة واصيب 11 فلسطينياً بشظايا القنابل ورصاص الرشاشات الثقيلة. كذلك دمرت الغارات الجوية على سلفيت قرب نابلس مقراً للشرطة. وأعلن ضابط كبير في الجيش ان الرد لن يقتصر على هذه الغارات والاقتحامات، بل ان الحرب باتت مفتوحة على الاجهزة والفصائل الفلسطينية. ولا يستبعد الفلسطينيون اعتداءات اوسع خلال اليومين المقبلين خصوصاً على مدينة رام الله التي تعتبر اسرائيل ان قادة "كتائب الأقصى" موجودون فيها، علماً أن جهات عسكرية في اسرائيل طالبت بالتأني في استهداف القيادات الميدانية الفلسطينية تجنباً لاخفاقات جديدة بعد فشل عمليات اغتيال قيادات من "حماس" و"فتح" في غزة ونابلس اخيرا. وتتدارس القيادة العسكرية الاسرائيلية القصور الذي سجل بدخول مقاتلي "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" الى معسكر محصن وذي اسوار الكترونية حيث شكلت لجنتا تحقيق الاولى لتقصي اسباب الحادث لوجستيا والثانية لفحص الاجراءات الدفاعية المتخذة في ثلاثين موقعاً عسكرياً في قطاع غزة كانت على الدوام عرضة للهجمات المسلحة الفلسطينية ما يفترض ان يكون افرادها في اقصى حالات التأهب. وفي تعليقات المحللين العسكريين الاسرائيليين، فإن المعركة وجهاً لوجه يبدو انها "كعب اخيل" الجيش الاسرائيلي، أي نقطة الضعف الرئيسية فيه، وما يستشف من معركة المعسكر ان المراقبين عجزوا عن رصد المقاتلين الفلسطينيين وان الاسوار لم تمنع اقتحامه، كما ان البوابة الرئيسية كانت سهلة الاختراق. لكن الأسوأ من ذلك كله، في رأي المعلق ارييه سوليفان في "جيروساليم بوست"، هو الفشل في تحديد موقع الفلسطينيين واردائهم فوراً! كما لا يمكن القبول بالنظرية التي تتحدث عن استحالة محاربة انتحاريين لان العملية لم تكن انتحارية بل كانت جيدة التخطيط لجهة المراقبة ودراسة الموقع وتقدير سير الامور وحتى الانسحاب. مسيرة عربية الى ذلك، دعا الأمير طلال بن عبدالعزيز رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الانمائية أجفند الى تنظيم مسيرة سلمية شعبية تتقدمها زعامات عربية وقيادات المجتمع المدني العربي تتوجه الى الأراضي المحتلة للمطالبة باسترداد الحقوق العربية المغتصبة وانصاف الشعب الفلسطيني، معتبرا ان هذه الخطوة ستكون أفضل وسيلة لوضع اسرائيل والمجتمع الدولي أمام الأمر الواقع. وشدد في حديث أجرته معه صحيفة "26 سبتمبر" اليمنية وينشر الخميس، على أهمية دعم الانتفاضة بكل الوسائل لضمان تواصلها لكونها الفرصة الأخيرة لاسترجاع الحق العربي. الاسبوعية وتنشره الخميس المقبل ان الاسلوب العملي لحمل أميركا على تصحيح موقفها المتحيز لإسرائيل هو تشكيل وفد عربي من زعماء واختصاصيين وفاعليات سياسية واجتماعية لمحاورة الأميركيين في عقر دارهم بالتركيز على مفاتيح صنع القرار الأميركي، وتوظيف الشفافية الموجودة هناك.