عرج رئيس الحكومة اللبنانية أمس على باريس آتياً من سردينيا حيث أمضى اجازة استمرت عشرة أيام على وقع ترددات الهزة العنيفة التي تعرض لها لبنان إثر حملة الاعتقالات والحديث تارة عن "مؤامرة" وطوراً عن "انقلاب". والتقى الحريري في العاصمة الفرنسية الرئيس جاك شيراك وتناول معه الغداء على انفراد قبل أن يعود الى بيروت لمتابعة المشاورات لمعالجة التأزم السياسي العام من جهة والوضع داخل الحكومة من جهة أخرى. وفي حين حرص قصر الرئاسة الفرنسي على اصدار بيان يشير الى أن البحث تطرق الى مؤتمر "باريس - 2" الذي يضم شركاء لبنان الاقتصاديين وانعقاده قبل نهاية العام الجاري، قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الحريري رد على استفسارات شيراك واسئلته في ما يتعلق بالاعتقالات وما رافقها وما يتعلق بالمسؤولية عما حدث. وفي هذا الصدد قالت المصادر ان الحريري أكد لشيراك ان "الأمر يتعلق بصراعات سياسية داخلية. ولا يمكن تحميل سورية مسؤولية ما جرى". وأضاف: "ما حصل يمكن تجاوزه لأنه لا يشكل توجهاً استراتيجياً. فما جرى حادث لا يمت بصلة الى تقاليد لبنان ونظامه". وشدد الحريري أمام شيراك على "التزام حكومته الحريات والديموقراطية وحقوق الانسان" في اشارة الى الحملة التي طاولت المعارضين والاعتقالات وظروف التحقيقات. وفي معرض البحث في انعقاد "باريس - 2" أكد شيراك للحريري دعمه الخطوات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة فرد الحريري بالتأكيد على أن "مناخ الثبات التشريعي وحكم القانون من الشروط اللازمة لإنجاح المعالجات الاقتصادية واستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات، وهما من صلب النظام السياسي والاقتصادي للبنان، وأن استراتيجية الحكومة تشمل ترسيخ هذا المناخ وتعزيزه". وأفادت المصادر ان الحريري بحث مع الرئيس الفرنسي في وضع المنطقة واعتبر رئيس الوزراء اللبناني ان "لا مصلحة لفرنسا بالبقاء متفرجة على ما يجري في فلسطين مما يعطي الانطباع بأنها موافقة على المواقف الأميركية خصوصاً على موقف بوش قبل يومين". ورأى "ان كل من ينادي بوقف اطلاق النار شرطاً لاستئناف المفاوضات يعطي حق الفيتو لأي طرف لا يريد مفاوضات السلام أن يمارس هذا الحق". وذكّر الحريري شيراك بما كان يقوله لكل من يلتقيه ان التوجه الاسرائيلي منذ مسار مدريد بمقاربة كل مسار على حدة فشل. لذلك يجب العودة الى مقاربة كل المسارات معاً استناداً الى مدريد وقرارات الشرعية الدولية. وفور عودته الى بيروت اطلع الحريري من عدد من الوزراء على حصيلة الاتصالات التي جرت أثناء غيابه والتي تشمل عقد لقاء موسع برئاسة رئيس الجمهورية اميل لحود للملمة الوضع السياسي. وعلمت "الحياة" ان الحريري تلقى رسالة من القيادة السورية تؤكد ان "دمشق ضد استهدافه سواء في موقعه كرئيس للحكومة أو في دوره في معالجة الأزمة الاقتصادية في البلاد، فضلاً عن انها ضد أي استهداف للوضع الاقتصادي في لبنان". وذكرت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان "القيادة السورية كررت للحريري ما سبق ان أكده له الرئيس الأسد من أن سورية حريصة على ممارسة مجلس الوزراء في لبنان دوره كاملاً وفق الصلاحيات التي ينص عليها الدستور وأن سورية لا تشجع تفرد أي كان في القرار". وفي اطار اتصالات التهدئة يلتقي الرئيس لحود اليوم راعي لقاء قرنة شهوان المطران يوسف بشارة الذي سيطلب موعداً لأركان اللقاء لزيارة القصر الجمهوري. وفي موازاة ذلك يزور رئيس اللقاء، النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط دمشق اليوم للاجتماع بنائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام بغية اطلاع المسؤولين السوريين على نتائج الجهود التي بذلها بتشجيع من الرئيس بشار الأسد.