لا يعرف المهندس حكمت ديب الذي أوقف مع عشرات من رفاقه في "التيار الوطني الحر" وأخلي بكفالة، أسباب اعتقاله الحقيقية ولا دوافع تخليته. لكنه لا يخفي اعتقاداً لديه ب"أن للتوقيف والتخلية أهدافاً سياسية". وديب وهو عضو في الأمانة العامة للتيار أوقف مرتين عامي 1994 و1996، بتهمة "الانتماء الى التيار"، تعرض خلالهما ل"ضرب وعنف جسدي". وعلى رغم انه لم يتعرض لضرب كما في السباق، فانه يعتبر "ما حصل معه أشد ايلاماً". وقال ل"الحياة" ان "الألم المتأتي من الضرب يذهب فوراً، لكن ذاك المتأتي من العنف المعنوي يؤذي كثيراً". وروى ما حصل معه خلال "مسيرة" 14 يوماً منذ "توقيفي في مداهمة لا تخلو من صراخ واهانات، وصولاً الى مركز لتدريب المكافحة قرب وزارة الدفاع، حيث مكثنا 4 أيام في مستوعب وسخ نمنا خلالها على الأرض. ثم نقلت الى الوزارة وبقيت أربعة أيام أخرى مكبلاً ومعصوباً. لم يكن هناك عنف جسدي باستثناء لكم بسيط، بل كانت هناك طريقة جديدة تتمثل بالتكبيل والعصب وعدم التحدث الى احد والعزل عن العالم الخارجي الا ثوانٍ ارتاح فيها حين أدخل الحمام". وأشار الى انه شعر بغشاوة بيضاء على عينيه اللتين لم يدخلهما النور. وأضاف "لم يحقق معي الا في اليوم الأخير، وتركز على التيار والخطط المستقبلية وما نقوم به، واسئلة عادية منها: هل تحب رئيس الجمهورية اميل لحود. وكنت أجيبهم ان القضية ليس حباً او كرهاً بل مآخذ على سياسته، ولسنا أعداء لسورية بل نطالب بانسحابها". وقال ان "في التحقيق كذباً كثيراً، ويجب ألا يصدق أحد ما يسرب لأن الافادة الأولية تتضمن أشياء لم يقلها الموقوف خصوصاً انه يدلي بها معصوباً ثم ترفع العصبة عن عينيه ويطلب منه التوقيع. وأنا طلبت ان أقرأ افادتي فصرخ بي، ولأنني اريد ان اخرج في سرعة وقعت وهذه حال كل الموقوفين". وتابع: "الافادة الأولية التي نسبت الي، نسخة طبق الأصل عن افادة اللواء المتقاعد نديم لطيف. وكان قاضي التحقيق يقرأها وأنا أنفيها، وكذلك اللواء لطيف الذي قال لقاضي التحقيق، هل تقمص حكمت بي؟". وهذه الطريقة أكدها عضو مجلس نقابة المهندسين سليم عون، لكنه رأى ان "الخطير في الأمر ان المحقق كان يسعى في السابق الى الحصول على افادة الموقوف بعد الضرب، أما الآن فهو يصل الى ما يريده من خلال الضغط النفسي". وعون الذي اعتبر نفسه "مخطوفا"ً ولم يخرج الا "بفدية" الكفالة، كان عائداً لتوه من المحكمة العسكرية التي قصدها ليستعيد هاتفه الخلوي وهو ملك النقابة. "لكنهم لم يعيدوه الي بحجة انهم يريدون الاطلاع على المعلومات الكامنة في داخله علماً ان المخابرات صادروه مني قبل 15 يوماً". وعن التحقيق قال: "حاسبوني على رأيي لا على أفعال ارتكبتها". وكشف انه حين طُلب منه توقيع افادته كتب "مع التحفظ". وقال: "تلقيت حينها صفعة، وقال لي المحقق بعدما احضر ورقة أخرى لأوقع عليها: اذا كتبت بتحفظ سأكسر يدك". لكن عون على رغم الصورة القاتمة هذه، أكد ان المعاملة تتغير منذ احضار الموقوف الى قاضي التحقيق. وقال "الحق يقال قبل فترة قاضي التحقيق يتمنى الموقوف لو خلقه الله حيواناً، وبعد تلك الفترة يعامل في شكل أفضل عند القاضي، حيث يطالب بحقه ويحصل عليه، وفي السجون الاخرى". أما المهندس زياد مونس فقال انه تعرض للضرب منذ لحظة التوقيف، "راحوا يلكمونني حتى بلغت الشاحنة". وقال: "فرضوا علينا صمتاً مطبقاً في الوزارة، وحين سمعني جندي أهمس، عاقبني بالوقوف ساعتين بعدما لكمني "عطية" اسم جنود يضربون على بطني". لكن الدكتور كميل خوري طبيب، حقق معه في اليوم التالي واطلق. واذ لم يتعرض لعنف، قال ان "شخصاً معنا طببته كاد يموت من ألم اللكمات التي تلقاها على بطنه". وأعلن انه سيطالب من خلال نقابة الاطباء بأن يسمح لطبيب بالاشراف على الموقوفين.