فرضت المخاوف على الوضع الاقتصادي في لبنان، على كبار المسؤولين والقوى السياسية اعطاء منحى ايجابي للاتصالات من اجل لملمة الوضع السياسي، خصوصاً بعدما اجتمع رئيس الجمهورية إميل لحود الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في اطار جهود الأخير لمعالجة الخلافات السياسية. راجع ص5 وانصبت الجهود على تأمين مخرج يؤدي الى تلاقي المسؤولين على معالجات خلال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، بعد عودة رئيس الحكومة رفيق الحريري من اجازته، لاطلاق عجلة الدولة التي شلّها التأزم السياسي. في حين تواصلت التحقيقات أمس مع عدد من الموقوفين الذين كان الادعاء العسكري طلب التحقيق معهم بتهم الاتصال مع اسرائيل او التعامل معها. وأجرى قاضي التحقيق العسكري عبدالله الحاج استجواباً طويلاً للزميل في "الحياة" حبيب يونس، بعدما كان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي نصري لحود ادعى عليه بالتهمة نفسها، مشيراً الى ان "يونس كان سيجتمع مع أوديد زاراي المستشار الاعلامي لأوري لوبراني" المنسق السابق للنشاط الاسرائيلي في لبنان. وقال أحد وكلاء الزميل يونس المحامي رياض مطر بعد انتهاء الاستجواب: "ان حبيب يونس ضحية. ونحن واثقون من نزاهة القضاء وان شاء الله يظهر القضاء براءته عند استكمال التحقيقات، وليس لدى يونس أي علم بكل ما يقال انه يحاك ضد لبنان في هذه المرحلة". وأوضح "ان حبيب تعرف الى أوديد زاراي حين كان يعمل في جريدة "العمل" أوائل الثمانينات، حتى العام 1985 وعلاقته به ليست بصفة شخصية بل لأنه كان يتردد على الجريدة وكان يونس يعمل محرراً فيها". وأكد المحامي مطر "ان يونس كان قرر عدم الاجتماع مع زاراي في 19 الجاري كونه شخصاً اسرائيلياً، بعدما كان طلب منه كتابة مقالات عن الوضع في لبنان فامتنع عن ذلك". وأضاف: "ان حبيب وفق ما تبين لي في جلسة الاستجواب لبناني صميم ولم يتعامل مع أحد ضد وطنه أكان اسرائيلياً أم غير اسرائيلي". وأوضح انه سيتقدم خلال هذه الساعات بطلب اخلاء سبيل يونس. ورفض محامو الزميل يونس كشف مزيد من المعطيات في شأنه افاداته، وعلمت "الحياة" انه أنكر كثيراً مما نسب اليه في محضر التحقيق الأولي. وأشارت مصادر التحقيق الى انه كان زار قبرص قبل أشهر للقاء رئيس حزب "حراس الأرز" إتيان صقر ولم يجتمع مع زاراي. وكان وفد من عائلة الزميل يونس زار البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير أمس، ضم عمه الأب نعمة الله يونس وزوجته ميراي وشقيقه. ورد الأب يونس على ما تسرب بأن الاسرائيلي زاراي أهدى إلى الزميل حبيب جهاز كومبيوتر جديداً بدل القديم. وقال: "لم يكن لدى حبيب كومبيوتر قديم. والجديد وصل منذ أقل من أسبوع ولم يتم وصله بالانترنت...". ونفى كل التهم الموجهة الى ابن شقيقه قائلاً ان "كل هذه البراهين التي يقدمونها لا تدخل في عقل أحد". وأشار الى ان السيدة كلوديا حجار التي استُمع اليها كشاهدة وأطلقت قالت انه لم يكن هناك أي اجتماع مع زاراي. أما على الصعيد السياسي فكانت هناك محطتان بارزتان: الأولى لقاء لحود جنبلاط الذي حرصت أوساط الجانبين على وصفه ب"الايجابي". ورأس الزعيم الاشتراكي مساء اجتماعاً ل"اللقاء الديموقراطي" النيابي، وجرى بحث في الأفكار المتداولة من اجل الخروج من المأزق السياسي في البلاد، خصوصاً بعدما اخذ الوزراء الموالون للحود والمؤيدون لسياسة الحريري يتقاذفون التصريحات. وقال وزير الاعلام غازي العريضي إثر الاجتماع ان "لقاء جنبلاط مع لحود كان صريحاً شرح فيه الأول موقفه وقلقه على الوضع الاقتصادي ووجوب المعالجة السياسية في شكل واضح ودقيق للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية". وذكر العريضي ان لحود عرض وجهة نظره ومعطياته وتم التوافق على بقاء الاتصالات مفتوحة. وشدد على ان جنبلاط لا يقوم بوساطة بين الرؤساء بل كان هناك تمنٍ مشكور من جانب القيادة السورية أن يؤدي دوراً في المعالجات. المحطة الثانية اجتماع أركان لقاء قرنة شهوان، واتفاقهم على ان يتولى المطران يوسف بشارة، المكلف من البطريرك صفير تمثيله في اللقاء، الاتصال مع رئيس الجمهورية لاستكشاف سبل استكمال الحوار. وأصدر اللقاء بياناً اعتبر فيه انه "يتعرض لهجمة شرسة تسعى الى الاجهاز عليه للنيل من اعضائه والزعم بانفراط عقده". ورأى في ما تضمنه ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية عن انشاء تجمع وطني للأحزاب المسيحية المعارضة تم بناء على طلب لوبراني "محاولة تخوين ومؤامرة على ثوابت اللقاء". ودان مجدداً "حملة الاعتقالات والملاحقات والتهديدات التي قامت بها الأجهزة الأمنية". ودعا الى التلاقي الوطني لمعالجة الوضع الخطير بسبب سوء تدبير السلطة والى حوار عاجل سواء في السلطة او في المعارضة لمنع الانهيار. وقرر تكثيف اتصالاته مع القوى السياسية والتواصل مع المسؤولين وفي مقدمهم رئيس الجمهورية.