خرجت المنافسة في الرياضة السعودية عن النص في مواسم ماضية عدة وكان المشهد الإعلامي ثرياً بتصريحات حادة لرؤساء أندية وبخلافات بين رياضيين وإعلاميين ولاعبين تتناثر على مختلف القنوات الإعلامية ما وصفه العديد من المراقبين في حينها ب«الانفلات» متهمين التعصب للأندية ب«التسبب» فيما آلت إليه الحال. ولم يكن عصياً على أحد أن يلحظ أن التعصب خرج عن مساره المقبول ودخل في عباءة «ما يثير القلق»، خصوصاً وأن متابعي الرياضة يشكلون القسط الأوفر من فئة الشباب التي بدأت تتشكل ذهنيتهم على «الفرقة الكروية». ويبدو أن السياسة السعودية لتعديل الحال نجحت في رسم ملامح أولية من خلال محاور عدة كان أولها الأمر السامي بمنح القناة الرياضية السعودية (وهي التي تنتمي إلى القطاع الحكومي) حقوق النقل الحصري للمنافسات الكروية السعودية، أما المحور الثاني فكان تصاعد نغمة الاستعانة بالقوانين والأنظمة لحل الخلافات مع وسائل الإعلام المختلفة، وفضلاً عن هذه وتلك كان المحور الثالث حملة احترام التي قادتها هيئة دوري المحترفين بالتعاون مع لجنة الأخلاق واللعب النظيف بالاتحاد السعودي لكرة القدم التي تحمل شعار (الكرة لا تعني الكره) وتهدف إلى غرس وتنمية مبدأ الاحترام في البيئة الرياضية كمسؤولية أخلاقية جماعية. أما المحور الرابع فجاء من خلال قيام الاتحاد السعودي بوضع لائحة إجراءات تنظيمية للإعلاميين تكفل كبح جماح رؤساء الأندية ومسيريها، إذ تم حصر التصريحات بالمؤتمرات الصحافية والمنطقة المختلطة والمركز الإعلامي وتم مطالبة الإعلاميين باختيار اللاعبين من خلال المنسق الإعلامي للفريق بل لوحت اللائحة بعقوبات مالية وإدارية تجاه الإعلاميين الذين يقومون بحسب نص اللائحة ب«طرح أسئلة ضد الحكام أو الفريق الخصم أو تؤدي إلى التشكيك بأي منتمي للوسط الرياضي من لاعبين أو إداريين ومن في حكمهم أو تؤدي إلى الإساءة إلى أي طرف آخر». وواجهت حزمة القرارات الحكومية السعودية صعوبات تكمن في توفير المحتوى الرياضي بدرجة عالية من الكفاءة والجودة توازي أو تنافس ما كانت تقدمه القنوات الخاصة في سنوات ماضية، وعدم التأثير في درجة المتابعة الجماهيرية للمنافسات، وهو ما حدا إلى إحداث نقلة للقناة الرياضية السعودية لم يكن يحلم بها أي من مسيريها وتحويلها من ذراع «خشبية» إلى ذراع تلفزيونية «ذهبية» تمتلك إمكانات عالية وتستقطب تحت مظلتها كفاءات إعلامية رفيعة.