تظهر في استطلاعات الرأي في اسرائيل، سواء بالنسبة الى مستقبل المنطقة أو إلى تطور المجتمعات فيها. 59 في المئة من الاسرائيليين مرتاحون الى سياسة رئيس حكومتهم ارييل شارون، و55 في المئة يؤيدون معاودة المفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن 58 في المئة يعتبرون انه ينبغي ألا تعاود المفاوضات قبل وقف العنف. و76 في المئة يؤيدون سياسة شارون لتصفية المناضلين الفلسطينيين الذين يصفونهم ب"الارهابيين". فهذه الصورة عن المجتمع الاسرائيلي وتوجهاته الحالية هي بخطورة سياسة شارون العنصرية تجاه الفلسطينيين. فكيف يقبل مجتمع الدولة اليهودية، التي ولدت بعد مأساة التصفيات النازية الوحشية لليهود في العالم، سياسة شارون التي تتسم بالعنصرية والتعصب الأعمى تجاه كل ما هو فلسطيني. لا يعني دعم المجتمع الاسرائيلي لرئيس حكومته سوى ان الرأي العام في اسرائيل يراهن على أجيال متطرفة ومتشددة في منطقة الشرق الأوسط. ففي مواجهة التطرف الاسرائيلي الخطير ليس هناك مكان للمعتدلين في دول الشرق الأوسط، فلماذا يقوم شاب فلسطيني بعملية انتحارية في مقهى أو في مطعم في القدس، لأنه يفضل الموت على العيش في الذل والبؤس والبطالة وتحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي. لم يتعلم المجتمع الاسرائيلي المؤيد لشارون درس فشل رؤساء: الحكومات السابقين الذين حاولوا مقاومة العمليات الانتحارية بتصفيات المسؤولين الفلسطينيين. فوزير خارجية اسرائيل الحالي شمعون بيريز خسر انتخابات 96 نتيجة العمليات الفلسطينية في القدس بعدما اغتالت "الشين بيت" مهندس "حماس" يحيى عياش. كيف يتصور المجتمع الاسرائيلي انه يمكن لشارون بعد سياسة تصفية الفلسطينيين وقادتهم منذ أكثر من خمسة شهور ان يطلب تعاون الفلسطينيين مع السلطات الاسرائيلية لمكافحة العمليات التي يعتبرها "ارهابية". في الواقع ان الاستطلاعات في اسرائيل تشير الى ان المجتمع الاسرائيلي يفضل الحرب العسكرية والاقتصادية ضد الشعب الفلسطيني على المفاوضات والسلام الحقيقي. ولكن الرأي العام الاسرائيلي يفضل ايضاً ان تنشأ في المجتمعات العربية المحيطة به أجيال متطرفة تتصدى لسياسة الدولة العنصرية. فكيف تتغلب الآراء المعتدلة أمام سياسة كلها أمنية تريد العيش في عزلة على نمط مستوطناتها في الأراضي الفلسطينية. تقف الأسرة الدولية، وفي طليعتها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، متفرجة على سياسة حليف طالبته "بخجل" بتطبيق تقرير ميتشل، بما فيه تجميد المستوطنات، وشارون يرد بسياسة تذكر الجميع في الشرق الأوسط بأن اسرائيل نفسها ليست سوى مستوطنة. فمسؤولية الأسرة الدولية كبيرة لكبح جماح هذا التطرف الأعمى، لأن التشدد في الشرق الأوسط سيؤذي المصالح الاميركية. أما أوروبا، وفي طليعتها فرنسا التي تحركت بقوة لإقناع الإدارة الاميركية بالقبول بمبدأ ارسال مراقبين على الأرض، فأين هي الآن. هل هي عاجزة أم انها في إجازة؟