الملكة الإيطالية ماريا جوزه دي سافويا التي وصفت دائماً ب"الثائرة" والتي رحلت عن عالمنا، بداية العام الجاري، عن 94 عاماً ولا تزال محط اعجاب الكثيرات من نساء اوروبا وإيطاليا المعاصرات، سيقدمها إلى الشاشة الصغيرة، أحد رواد الواقعية الإيطالية الجديدة المخرج كارلو ليتساني في فيلم من إنتاج التلفزيون الإيطالي الرسمي، عنوانه "ماريا جوزيه الملكة الأخيرة". وستقوم بدور الملكة الممثلة بابربورا بوبولوفا التي أدت دور البطولة في فيلم "أمير هامبورغ" للمخرج بيلوكيو، ويجسد كلاوديو سبادورو دور موسوليني، وأنطونيو ستورنيولو دور صهر موسوليني الذي اجريت له محاكمة في مدينة فيرونا وأعدم رمياً بالرصاص عام 1944. أما الممثل البيرتو مويناري فيقوم بدور الأمير اومبرتو آل سافويا الذي تزوج الملكة عام 1930. الملكة ماريا جوزيه عرفت بالمثقفة الثائرة الأنيقة الشجاعة الكريمة، واشتهرت بمحبتها ومعرفتها الموسوعية لتاريخ الفنون العالمية، خصوصاً فنون عصر النهضة الإيطالية 1250 - 1550، وبمواقفها الليبرالية كأول معارض في العائلة المالكة لحكومة موسوليني الفاشية وضد تحالف ايطاليا مع ألمانيا النازية، وعرف عنها دفاعها عن قضايا المثقفين الإيطاليين اليساريين وتعاطفها معهم ايام محنة التسلط الفاشي في البلاد. نفيت الملكة وعائلتها سنة 1946 بعد سقوط النظام الفاشي الذي كان يقوده موسوليني تحت مظلة الحكم الملكي، إذ أجري استفتاء شعبي حسم الموقف لمصلحة القوى التي حاربت الفاشية، فأعلن النظام الجمهوري. وبعد ذلك بأشهر، وعند صوغ الدستور الجديد، قرر واضعوه في المادة الثالثة عشرة حظر دخول جميع المنتسبين إلى العائلة الملكة السابقة وبالتحديد الذكور منهم الى إيطاليا. ولا تزال إلى يومنا الحاضر قضية تعديل فقرة الدستور الإيطالي مطلب الكثير من الأحزاب السياسية في البلاد إضافة الى البرلمان الأوروبي الذي يعتبر حظر دخول المنتسبين إلى العائلة المالكة الإيطالية السابقة يتنافى وقوانين المجموعة الأوروبية في مجال حقوق الإنسان ويتعارض مع وثيقة امستردام التي وقعتها دول المجموعة الأوروبية، ومن ضمنها ايطاليا. وأعلن المخرج ليتساني أن فيلمه سينجز، نهاية العام الجاري، وقد بدأت عملية التصوير ما بين مدينة سانت فينسيت في فرنسا وصالات القصر الملكي في مدينة تورينو والقصر الملكي في نابولي، وأثار بومبي في الجنوب الإيطالي، ومواقع في مدينة روما استثني منها قصر الكويريناله الذي تحول في العهد الجمهوري مقراً لرئاسة الجمهورية الايطالية. رغبة عن مشروعه الجديد قال المخرج ليتساني ل"الحياة": "منذ سنوات طويلة، كانت لي رغبة حقيقية في إخراج فيلم عن شخصية الملكة ماريا جوزيه التي كنت أرغب في أن تقوم بدورها الممثلة الإنكليزية فانيسا ريدغريف، أو الراحلة انغريد بريغمان أو ساندا، أو غريتا ساكي، إلا أنني أخيراً اقتنعت ببوبولوفا لأني رأيتها مقنعة وملائمة تماماً للدور. هل سبق ان التقيت الملكة ماريا جوزيه؟ - لا، لكنني قرأت آلاف الصفحات عن حياتها، فمجموعة الكتب والوثائق كانت، على ما اعتقد، عوناً كبيراً لي لتفهم شخصية هذه المرأة، ولا أخفي على أحد أن تصوير حياة امرأة عن حقبة تمتد ما بين 1917 و1941، في ثلاث ساعات، ليست عملية سهلة على الإطلاق. هل هناك توجهات عدائية ضد العهد الملكي الإيطالي خصوصاً أنك يساري؟ - فيلمي الجديد لا يحمل اي موقف عدائي ضد الملكية في شكل عام. كيف صورت الملك اومبيرتو الذي عرفت عنه مواقفه المترددة في أمور كثيرة سياسية واجتماعية؟ - اومبيرتو كان هاملت صغيراً، لم يكن قادراً على اتخاذ اي قرار في شأن حياته. كيف ترى الملكة ماريا جوزيه؟ - إنها ليست اسطورة بل امرأة تمتلك رغبة في فهم العالم الذي تعيشه، كانت تخرج وحدها ومن دون رجال أمن وحماية لتتنقل في الأماكن العامة وتلتقي عامة الناس، كانت تحلم بمملكة ديموقراطية بكل معنى الكلمة. وكنت آنذاك في عهدها شاباً شيوعياً رافضاً كل ما تطرحه السلطة من افكار ومواقف. كنت أرى أن السلطة تحمل نفاقاً كبيراً. وما نظرتك الآن إلى السلطة آنذاك؟ هل تغيرت؟ - تغيرت أمور كثيرة ومن ضمنها رؤية الماضي. هل يكون فيلمك المقبل، وكما عودتنا، عن موضوع تاريخي؟ - نعم سيكون عن كتاب لرئيس وزراء ايطاليا السابق جوليو اندريوتي يحمل عنوان "عمليات آبيا القديمة" وتدور احداثه على الحرب العالمية الثانية.