امر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان الحداد وتنكيس الأعلام في روسيا امس حداداً على 145 شخصاً قتلوا في احد أسوأ حوادث الطيران في البلاد، بعدما تحطمت طائرة من طراز "توبوليف 154" فوق سيبيريا. استفاقت سيبيريا امس على كارثة جوية، زعزعت الثقة بقطاع الطيران الروسي الذي كان مؤسسة يفخر بتطورها وسلامتها الاتحاد السوفياتي السابق. وكانت الطائرة التي تملكها شركة "فلاديفوستوك آفيا" تقوم برحلة داخلية، وأثناء محاولتها الهبوط في مطار اركوتسك السيبيري انقطع الاتصال بها فجأة، ثم أبلغ سكان قرية مجاورة انهم شاهدوها تتحطم على بعد خمسة كيلومترات منها. ولم تجد فرق الإنقاذ التي هرعت الى مكان الحادث عملاً لها سوى إطفاء الحرائق ومحاولة جمع الأشلاء المتناثرة لتسعة من أفراد الطاقم و136راكباً، كان بينهم ستة أطفال، و12 مواطناً صينياً. وشكل بوتين لجنة عهد الاشراف عليها الى نائب رئيس الوزراء ايلي كليبانوف، بينما كان وزير شؤون الطوارئ سيرغي شويغو أول المسؤولين الذين تفقدوا مكان الحادث. وأعلن على الفور ان الطائرة تحطمت بسبب عطل طرأ على محركاتها الثلاثة، واستدرك لاحقاً ان من المبكر الحديث عن المسببات الفعلية للكارثة، مشيراً الى ملابسات غريبة قال إنها تخالف القوانين التي تتحكم بتحليق الطائرات ومنها ان "تو 154" انقلبت رأساً على عقب ولم تمس هامات الأشجار عند سقوطها. ونقلت وكالات الأنباء عن نائب المدير العام للشركة المالكة للطائرة فلاديمير رازبيجكين ان انفجاراً ربما أدى الى سقوط الطائرة. وأشار الى أن أفراد الطاقم لم يبلغوا برج المراقبة بأي عطل، بل قاموا بأربع مناورات للهبوط. وأكد القبطان في المناورة الأخيرة انه يرى مدرج الهبوط، وبعد ذلك انقطع الاتصال معه. ونقلت وكالة "انترفاكس" عن خبير في الطيران ان المحركات الثلاثة يمكن ان تتوقف نتيجة عطل كهربائي، لكنه أضاف "أن الطيار في هذه الحال يكون لديه فرصة لإبلاغ برج المراقبة بأعطال، وإذ لم تسجل اي مكالمة في هذا الشأن، فالأرجح ان الكارثة حصلت في صورة مباغتة كأن يكون انفجار وقع". لكن نائب وزير المواصلات كارل روبل قال إن حطام الطائرة تناثر على مساحة تتفاوت بين 60 متراً ومئة، ما يستبعد احتمال الانفجار. لكنه عجز عن تقديم تفسير للحادث الذي وقع في ظروف جوية اعتيادية. وتعد طائرات "تو 154" الأكثر استخداماً على الخطوط الجوية الروسية الداخلية والخارجية، وأكدت سلطات الطيران انها لن توعز بوقف استخدامها. والطائرة التي تحطمت كانت صنعت عام 1986 واستخدمت ثماني سنوات في الاتحاد السوفياتي وروسيا ثم بيعت للصين حيث بقيت في الخدمة حتى عام 2000، عندما بيعت لشركة "فلاديفوستوك آفيا". وبعد اجراء تصليحات عليها وضعت في الخدمة على أمل ان تنقل المسافرين لمدة تتفاوت بين خمس سنوات وسبع. وفي السنوات الأخيرة وقعت حوادث عدة لطائرة "تو 154" اكبرها عام 1994 حين قتل 124 شخصاً في تحطم طائرة قرب اركوتسك ايضاً. ومات 95 شخصاً بعد سنة واحدة في سخالين ثم قتل 129 راكباً في حادث عام 1996 في أقصى الشمال الروسي. ويشير المراقبون الى ان روسيا تواجه تعاظم الأخطار التكنولوجية الناجمة عن قدم عمر المعدات والتقصير في الإنفاق على عمليات التجديد والصيانة. ولوحظ ان الرئيس بوتين الذي كان تعرض لانتقادات شديدة بسبب التباطؤ في التعامل مع غرق الغواصة "كورسك" تحرك في سرعة الآن، وعقد سلسلة اجتماعات في الكرملين وظهر على شاشات التلفزيون ليبلغ تعازيه الى ذوي القتلى، ويتحدث عن "فاجعة هزتني ومأساة لبلادنا كلها".