.. في مثل هذا الأسبوع من عام 2001 - أي قبل ثماني سنوات - سقطت سندريلا الشاشة العربية الراحلة "سعاد حسني" من نافذة شقة في الدور السادس داخل برج سكني بالعاصمة البريطانية لندن لتلقى مصرعها في حادث مأساوي غامض ما زال صداه يتردد داخل عقول كل عشاق ومحبي هذه الفنانة.. الجميلة!! جاءت "سعاد حسني البابا" الى الدنيا وسط حياة أسرية مزقها كثرة زواج الأب وانجابه، وكثرة زواج الأم - من غيره - وانجابها، "سعاد" لديها ست أخوات- من والدتها - وثلاثة أشقاء من الأب والأم، لم تحصل على فرصة للتعليم، وعرفت كيف تكتب وتقرأ وهي في عامها الثامن عشر! اكتشفها "عبدالرحمن الخميسي" وقدمها عام 1959 في فيلم "حسن ونعيمة" بعد أن تلقت دروساً في اللغة العربية الفصحى - حتى تستطيع أن تقرأ سيناريوهات الأفلام - من الفنان الكوميدي الراحل "ابراهيم سعفان"، كما تعلمت التمثيل وأصوله على يد ممثلة محترفة هي "انعام سالوسة" التي كانت تؤدي دور زوجة "العمدة صلاح السعدني" في مسلسل .. "ليالي الحلمية"! جمال "سعاد حسني" كان سر شقائها، تزوجت ثلاث - او اربع مرات - لكنها لم تكن سعيدة على الاطلاق، ولم تنجب من اي من ازواجها، عاشت في قلوب ملايين الشباب العرب - ومنهم انا - فقد كنت احبها كثيرا - عبر افلامها طبعا - على الرغم من فارق السن بيننا، فقد كانت في العشرين وكنت في الثامنة من "عمري" حتى شاهدتها في شتاء لندن عام 1999 وكانت خارجة من مكتب للعقارات وتأجير الشقق في "اوجوارد رود" بينما كنت "منحاشا" من حكم قضائي صدر ضدي بسبب مقال صحافي بالحبس لثلاثة اشهر وارتأى المحامون ان اغادر البلاد لبضعة اسابيع لحين تقديم طلب استئناف للحكم والغائه نظرا لصدوره مشمولا.. بالنفاذ!! تحطمت صورة "سعاد" الجميلة التي لازمتني لاكثر من اربعين عاما بعدان شاهدت امامي كومة من "اللحم والشحم والوجه المنتفخ" نتيجة تعاطيها لدواء "الكورتيزون" بعد اصابتها بشلل نصفي في.. وجهها!! لكن، عندما لمحت عينيها - في نظرة خاطفة - وهي تصعد الى سيارة التاكسي اللندنية السوداء، كانت هي - مازالت - "سعاد.. أخت القمر"!! مثلت المئات - وليس العشرات من الافلام الناجحة تراوحت بين الكوميديا والشقاوة، وبين الجدية والسياسة، منها فيلم "الكرنك" الذي يحكي عن حقبة مهمة في تاريخ مصر حين كان رئيس المخابرات المصرية الاسبق "صلاح نصر" يبطش بخلق الله ويرسلهم الى السجون والمعتقلات حيث ينسى المسجون اسمه والاديب مهنته والسياسي عقله والمرأة.. شرفها، وقد عرض الفيلم في سينما "الاندلس" التي هدمت واقيم مكانها مجمع "المهلب" الحالي، وفي اليوم الاول لعرضه في عام 1977، اتصل مجهول بادارة السينما وقال ان.. "قنبلة مزروعة بداخلها سوف تنفجر بعد نصف ساعة"!! جاءت سيارات النجدة "ذات اللونين الاصفر والاسود" واخرجوا الجمهور المرعوب وجرى تفتيش الصالة بأكملها، لكن.. تبين ان "البلاغ كاذب"، فقررت وزارة الداخلية الكويتية ان "تشتري دماغها وتريحه" فطلبت رفع الفيلم نهائيا ومنعه من العرض، ولم يره الجمهور الكويتي - بعد ذلك - الا بعد بيعه في اشرطة فيديو في عام 1979!! شاركها هذا الفيلم - "الكرنك" - الفنان الكبير الراحل "فريد شوقي"، بدور والدها، الذي يتفاجأ بخبر القبض عليها من شرطة "زوار الفجر" فيدوخ عليها "السبع دوخات" بين اقسام البوليس دون ان يعثر لها على اثر، وفي لحظة يأس قاتلة - يرفع رأسه الى السماء باكيا - وهو يقول.. "يا رب، خلصنا - بقى - وحلها من عندك يا كريم"!! خلال الايام الثلاثة الماضية، تابعت الانتخابات الايرانية "المزورة" واستمعت الى خطاب رئيس وزراء اسرائيل الممل، وقرأت اخبار "الوطن نيوز" الهاتفية حول استجواب "البراك" لوزير الداخلية وتهديد "ناجي العبدالهادي" باستجواب وزير العدل، و"الطبطبائي" الذي يسأل وزير الصحة عن "امراض المستقبل" - الذي لا يعلمه الا الله - وانواعها وامراض "الشيشة" واشكالها، فرفعت رأسي الى السماء - في لحظة يأس ايضا - قائلا.. "يا رب، نبي الحل من عندك يا أرحم الراحمين"!! رحم الله "سعاد حسني" و"فريد شوقي" وكل موتى المسلمين أجمعين.. آمين!! عن الوطن الكويتية