يستكمل مساء اليوم الحوار بين رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري وبين "حزب الله" ممثلاً برئيس مكتبه السياسي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل، في محاولة جادة للتأسيس لعلاقة بين الطرفين تقوم على استمرار التواصل، للتداول في الحلول الممكنة للقضايا العالقة بين الحكومة وبين الحزب، ولتبادل الرأي في الأمور السياسية الراهنة انطلاقاً من إدراكهما أهمية الحوار الذي يسهم في تقريب وجهات النظر بعيداً من اللجوء الى التراشق الإعلامي كلما حصلت مشكلة على غرار ما حصل اخيراً. في أول لقاء بين "حزب الله" ورئيس الحكومة منذ التباين الذي حصل ازاء العملية التي نفذتها المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا المحتلة في منتصف نيسان ابريل الماضي عقد اجتماع ليل اول من امس بين الحريري ووفد من الحزب ضم النائب محمد رعد والمعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل، انتهى الى التفاهم على ضرورة متابعة الحوار في لقاء يعقد ليل اليوم في منزل الأول في قريطم. في معلومات "الحياة" ان اللقاء جاء تكريساً لإنهاء القطيعة بالمعنى السياسي للكلمة التي بدأت في 14 نيسان الماضي بعد اعتراض الحزب على ما نشرته جريدة "المستقبل" التي يملكها الحريري في تعليقها على العملية التي نفذتها المقاومة الإسلامية من انها جاءت في التوقيت الخاطئ، واستعجل اللقاء عاملان اساسيان، الأول وجود رغبة سورية قاطعة بضرورة تجاوز الماضي، وقد عبر عنها اكثر من مسؤول سوري في لقاءاته المباشرة مع الطرفين وهذا ما يعزز مبادرتهما الى إطلاع دمشق على اجواء اللقاء الإيجابي الذي عقد وإن كانا اعتبراه بمثابة اجتماع تمهيدي تحضيراً للقاء الذي يتناول القضايا العالقة في العمق. وفي هذا السياق تردد امس أن الخليل زار البقاع وأطلع رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان على نتائج الاجتماع. اما العامل الثاني فيعود الى المراجعة النقدية التي تولاها شخصياً الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، مبدياً استعداده لمد يد التعاون للحريري، نافياً وجود اي مشروع لدى الحزب للإطاحة بالحكومة، علماً ان هذه المراجعة قوبلت بتقدير ايجابي من قبل رئيس الحكومة، في وقت اعتبرتها مصادر رسمية انها جادة ومسؤولة، مستبعدة ان تكون بمثابة مراجعة تكتيكية استعداداً لهجوم جديد من قبل الحزب على الحكومة. كما ان الموقف الذي عبر عنه الحريري لدى استقباله الموفدين الدوليين الذين زاروا بيروت اخيراً من مسألة تحرير مزارع شبعا اعتبر من جانب قيادة الحزب بأنه ايجابي ومتطور على نحو يحول دون استمرار الشكوك ويمهد لمعاودة اللقاءات. وعبر رعد والخليل عن ارتياح الحزب لهذا الموقف. وفي العودة الى الأجواء التي سادت لقاء اول من امس، قالت مصادر مقربة من المجتمعين ل"الحياة" ان الاجتماع بدأ على خلفية تجاوز التوتر السياسي الذي حصل في الماضي، وأن الطرفين اعتبرا ان لا مبرر لوجود خلاف يتناول الموقف من المقاومة والعلاقة الاستراتيجية مع سورية وأكدا ان المواقف التي صدرت في الأيام الأخيرة كانت كافية لتبديد سوء التفاهم. ولفتت المصادر الى أن البحث يتركز في الوقت الحاضر على علاقة الحزب بالحكومة في ضوء الخلاف القائم على مجموعة من الأمور المحلية وتحديداً ذات الصلة المباشرة بالشؤون الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية. وشددت المصادر على أن الطرفين اكدا في مستهل اللقاء ضرورة التواصل الذي يسمح بتبادل الآراء حول القضايا الداخلية حتى لا تأتي الاجتماعات بين الحريري والحزب وكأنها مطلوبة لتجاوز الأجواء الضاغطة وصولاً الى معالجة اسباب التوتر بدلاً من ان تبقى مفتوحة على نحو يستبق الصدام السياسي ويوفر المناخ المطلوب للتفاهم حول القضايا المطروحة. وبكلام آخر رأت ان اهمية الحوار تكمن في منع الوصول الى توتر في العلاقة، بدلاً من ان يأتي وكأنه يهدف الى ترطيب الأجواء... مشيرة الى الروحية الجديدة التي سيطرت على اللقاء التحضيري والتي من شأنها ان تسهم في الوصول الى نتائج واضحة. وفي هذا السياق قال رعد ل"الحياة" "ان الاجتماع الأول كان صريحاً وطرحت فيه جميع المقدمات التي تؤسس لاستكمال الحوار، وأكد الحزب للحريري بصراحة ان المقاومة في تصديها للاحتلال الإسرائيلي لا تتحرك على قاعدة إرباك عمل الحكومة ولا تفكر في المطلق بهذه الطريقة وفي المقابل تمنينا عليه ألا تعتبر الحكومة ان الأمر موجه ضدها كلما قامت المقاومة بعملية في مزارع شبعا". ولفت الى أن الحزب يدعم الخطوات التي تقوم بها الحكومة لإنقاذ الوضع الاقتصادي وأنه مستعد للتعاون انطلاقاً من انه لا يؤيد أبداً اسقاط البلد بسبب الأزمة الاقتصادية، وبالتالي نرى ان هناك مجالاً للعمل معاً. ورداً على سؤال ما إذا كان البحث تطرق الى إنشاء مجلس انماء بعلبك - الهرمل، قال رعد: ان الحريري المح الى وجود صعوبة بالنسبة الى هذا الموضوع وقد أبلغنا بصراحة بأنه يفكر بصيغة ويعمل من اجل صوغها بصورة نهائية كي يتبناها مجلس الوزراء ليعرضها علينا لاحقاً. وأضاف: "ان الصيغة المتعلقة بإنماء بعلبك - الهرمل لا تزال موضع خلاف"، مشيراً الى أن النقاش لم يتطرق ابداً الى ما سمي في السابق بالتوقيت الخاطئ لعملية المقاومة في إشارة الى ما أوردته جريدة "المستقبل" في حينه. وكشف رعد ان الحوار التمهيدي بين الحزب والحريري توصل الى قناعة مشتركة تتعلق بعمل المقاومة وتقوم على "أننا لا نربك الحكومة بما تفعله في المجال الاقتصادي. في مقابل ألا تتناول قضية المقاومة ما يشكل لها الإرباك". وقال: "الاتفاق شمل أيضاً ضرورة تبادل وجهات النظر في الأمور الطارئة، شرط الجلوس الى الطاولة وعدم التداول فيها بالعلن والإبقاء عليها ضمن الغرف المغلقة". واعتبر ان عدم التفاهم على مشكلة لا يبرر اللجوء الى التراشق الإعلامي أو وقف الحوار. ولم يتناول البحث قضية الإخلاءات في منطقة الأوزاعي كما ذكر رعد وأكده الحريري مع احتمال مناقشتها في اللقاءات المقبلة.