} يتعرض المقال الآتي، على حلقتين، لواقع الاقتصاد السوري وآفاقه المستقبلية سواء لجهة معدل النمو الاقتصادي ومساهمة القطاعات الاقتصادية فيه، أو لجهة استيعابه الأيدي العاملة ومساهمته في اجمالي الناتج المحلي. دخلت سورية مرحلة جديدة عقب تولي الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم في تموز يوليو من العام الماضي، والذي أخذ على عاتقه أن يضع سورية على طريق الاصلاح الاقتصادي وفتح الباب نحو اجتذاب رأس المال سواء المحلي أو العربي أو الأجنبي. وفي هذا الإطار وافق مجلس الشعب البرلمان السوري في كانون الثاني يناير الماضي على انشاء مصارف خاصة في ظل إعادة هيكلة قطاع النقد والمصارف. ووافق مجلس الوزراء في شباط فبراير الماضي على مسودة قانون يسمح بإنشاء سوق للأوراق المالية. وفي محاولة لإنعاش السوق العقارية تم إقرار قانون جديد للايجارات. وفي آذار مارس تمت الموافقة على تشريع يتعلق بالسرية المصرفية بهدف اجتذاب المدخرات، خصوصاً من السوريين العاملين في الخارج والتي تراوح بين 60 و70 بليون دولار. أما في مجال سياسة سعر الصرف فاتخذت خطوات لتوحيد أسعار الصرف المتعددة. معدل النمو الاقتصادي يعتبر قياس معدل النمو الاقتصادي في سورية من المشاكل الواضحة وفي ضوء غياب الأرقام التي يمكن الاعتماد عليها، فغالباً ما يتم الإعلان عن معدلات النمو بصورة متفائلة جداً، على رغم الشواهد التي توضح عكس ذلك. فعلى سبيل المثال أعلنت الحكومة عام 1998 أن معدل النمو الحقيقي في اجمالي الناتج المحلي سجل 8.7 في المئة على رغم انخفاض معدل النمو على مستوى القطاعات الاقتصادية، هذا فضلاً عن أن موسم 1998/1999 شهد جفافاً خطيراً، فقلت الأمطار بصورة ملحوظة أثرت في القطاع الزراعي، وانعكس ذلك في تسجيل معدل النمو الحقيقي معدلاً سالباً بلغ 5.1 في المئة عام 1999. وعلى رغم اعتراف الحكومة السورية بوجود كساد عام 1999، إلا أنها لم تعدل من معدل النمو الاقتصادي ليظهر بصورته الحقيقية، بل ان إحدى الصحف الحكومية أعلنت في آذار مارس عام 2000 أن معدل النمو يقدر بنحو 3.8 في المئة. وتشير المصادر المستقلة إلى أنه من المقدر أن يسجل معدل النمو الاقتصادي عام 2000 نحو 5.1 في المئة، وفي 2001 6.2 في المئة، وفي 2002 نحو 2.3 في المئة. وترتبط هذه المعدلات بأسعار النفط المرتفعة يسيطر قطاع النفط على حوالى 60 في المئة من الصادرات وعودة مستويات الأمطار إلى معدلاتها الطبيعية، وانعكاس ذلك على زيادة الصادرات الزراعية من القطن والفواكه والخضر. وكان تقرير اقتصادي حكومي ذكر أن قيمة اجمالي الناتج المحلي في سورية ارتفع عام 2000 بنسبة 5.2 في المئة مقارنة بعام 1999. وبتقسيم اجمالي الناتج المحلي عام 1999 آخر بيانات فعلية متاحة، حسب مساهمة القطاعات الاقتصادية، نجد أن القطاع الزراعي يحتل المرتبة الأولى ويساهم بنسبة 33 في المئة، يليه قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 22 في المئة، ثم قطاع التجارة والمطاعم والفنادق بنسبة 20 في المئة. ونظراً إلى أن القطاع الزراعي يعتبر في سورية من القطاعات الرائدة، إذ يستوعب 30 في المئة من القوى العاملة، وتبلغ مساهمته في الناتج المحلي نحو 33 في المئة، كما أن قطاع النفط والغاز يعتبر من القطاعات الواعدة، سنتعرض لهذين القطاعين بشيء من التفصيل. قطاع الزراعة تعرض القطاع الزراعي لمصاعب جمة عام 1999 نظراً إلى حدوث جفاف في موسم 1998/1999 يعتبر الأسوأ منذ أربعة عقود، إذ انخفضت كمية الأمطار بشدة بمعدل تراوح بين 25 و67 في المئة عن مستوياتها العادية، الأمر الذي انعكس في انخفاض الانتاج الزراعي من القمح عام 1999 بنسبة 33 في المئة مقارنة بعام 1998. كما انخفض انتاج الشعير بنسبة 61 في المئة، مما دعا منظمة الأغذية والزراعة الفاو إلى زيارة سورية للوقوف على مدى الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي، ومواجهة الأزمة التي أصابت هذا القطاع، خصوصاً أن معدل النمو السكاني في سورية والبالغ 3.3 في المئة، يعتبر من أكبر معدلات النمو السكاني في العالم. أما في عام 2000 فتحسن الوضع في ظل عودة الاستقرار إلى القطاع الزراعي، إذ أظهرت الأرقام الأولية لعام 2000 أن محصول القطن سيكون جيداً ويقدر بنحو 4.1 مليون طن بزيادة بنسبة 3.15 في المئة مقارنة بعام 1999، وبلغت مساحة الأراضي المزروعة قطناً 256 ألف هكتار بزيادة بنسبة خمسة في المئة عن عام 1999. أما العدس فقدر انتاجه بنحو 360 ألف طن بمعدل نمو 18 في المئة عن العام السابق عاكساً بصفة أساسية زيادة انتاجية الفدان نتيجة تحسن الظروف الجوية في الشهور الأخيرة من عام 2000. أما بالنسبة لسنة 2001 فمن المتوقع خفض مساحة الأراضي المزروعة قطناً نتيجة قرار وزارة الزراعة خفض انتاج القطن في مقابل زيادة انتاج المحاصيل الأخرى التي يتم استيرادها من الخارج مثل الذرة توفيراً للعملة الصعبة. والجدير بالذكر أن سورية تعتبر عاشر أكبر دولة منتجة للقطن في العالم وتصدر 80 في المئة من انتاجها السنوي. أما بالنسبة للمحاصيل الأخرى من الزيتون والفواكه والخضر، فزاد انتاجها بصورة ملحوظة عام 2000 يعزى ذلك أساساً إلى تحسن انتاجية الفدان وتحسن الظروف المناخية. وسجل الزيتون زيادة ضخمة بلغت نسبتها 101 في المئة مقارنة بعام 1999 ليقدر حجم الانتاج بنحو 807 الاف طن واضعاً سورية ضمن اكبر عشرة منتجين للزيتون في العالم، اذ أصبحت حصتها اربعة في المئة من الانتاج العالمي. كما حقق الانتاج من الفواكه الحمضية زيادة ملحوظة وقدر حجم الانتاج بنحو 800 ألف طن. ويمثل هذا الانتاج ضعف المسجل عام 1999 اذ زادت مساحة الاراضي المزروعة حمضيات بنسبة 12 في المئة عام 2000 مقارنة بعام 1995. يذكر ان انتاج الفواكه يعتبر أحد الصناعات القليلة التي يقودها القطاع الخاص اذ ان صادراته لا تخضع لنظام سعر الصرف المعروف بSURRENDER REQUIREMENT وهو النظام الذي يفرض على كل مصدر ان يحول نسبة قدرها 25 في المئة من عائداته التصديرية بسعر الصرف الرسمي. النفط والغاز سيستمر العائد التصديري من النفط المصدر الرئيسي للعملات الاجنبية في سورية على رغم انخفاض مستويات الانتاج المحلي، وانخفاض الاسعار العالمية للنفط الخام، اذ تقدر وكالة الطاقة الدولية انتاج سورية في الربع الاول من سنة 2001 بمتوسط 530 الف برميل يومياً منخفضاً من الذروة البالغة 588 الف برميل في عام 1996. وكان انخفاض مستويات الانتاج بصورة ثابتة منذ عام 1996 نتيجة للمشاكل المتعلقة بالتكنولوجيا القديمة المطبقة في الحقول النفطية، فضلاً عن انخفاض عدد الاكتشافات الجديدة. وتشير الأرقام غير الرسمية الى ان الاحتياطات النفطية ستبقى عند مستوياتها الحالية لأكثر من عقد من الزمان باستثناء جهود الاكتشافات الجديدة، كما ان تزايد الطلب المحلي على الطاقة سيعكس زيادة استخدامات حجم النفط عاكساً انخفاض التصدير. والجدير بالذكر ان السلطات تنوي استخدام بعض الزيادة المخططة في انتاج الغاز لانتاج طاقة للاستهلاك المحلي بهدف زيادة الحصة التصديرية للنفط. السياسة المالية نظراً إلى البيانات المالية المنشورة التي يعتمد عليها بخصوص الشؤون المالية الحكومية شحيحة، فضلاً عن تأخر إعلان هذه البيانات، إذ أن موازنة عام 1999 لم تتوافر عنها أية بيانات إلا في الربع الأول من عام 2000، فأخذ الرئيس السوري بشار الأسد على عاتقه معالجة هذا الأمر، وظهر ذلك في موازنة سنة 2001، إذ قدمت إلى البرلمان للموافقة عليها في كانون الأول ديسمبر عام 2000، وتزامن وضع خطة سنة 2001 لحسن الحظ مع ارتفاع ملحوظ في أسعار النفط، الأمر الذي ترتب عليه عدم وجود صعوبات في تمويل برامج التوسعة. وتشير تقديرات النفقات الحكومية لموازنة سنة 2001 إلى أن اجمالي هذه النفقات يقدر بنحو 322 بليون ليرة سورية حوالى 1.7 بليون دولار بزيادة نحو 6.46 بليون ليرة حوالى بليون دولار أي بنسبة 9.19 في المئة عن موازنة عام 2000، في ضوء خلق وظائف جديدة، وزيادة رواتب القطاع العام التي تكلف موازنة الدولة 6.15 مليون ليرة، فضلاً عن أوجه الانفاق الأخرى المصاحبة لعمليات الاصلاح الاقتصادي. وفي ظل زيادة اجمالي النفقات الحكومية، فإن الانفاق الاستثماري من المتوقع زيادته بنسبة 22 في المئة والانفاق الجاري بنسبة 1.14 في المئة. الجدير بالذكر أن الهدف الرئيسي لزيادة النفقات الحكومية الذي يأتي متزامناً مع ارتفاع أسعار النفط، هو دعم الاقتصاد السوري وانتشاله من حال الركود، وتوفير كثير من احتياجات البنية الأساسية، خصوصاً عقب الجفاف الخطير الذي أصاب البلاد في موسم 1998/1999، إلا أن استمرار توقع انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية خلال سنتي 2001/2002 سيقلص من المتوافر للانفاق المستقبلي، وإن كان ذلك لن يؤثر على الانفاق العام. السياسة النقدية تعتبر السياسة النقدية في سورية غير فاعلة، فسعر الفائدة في المصارف محدد منذ زمن طويل عند سبعة في المئة ينخفض قليلاً عند اقتراض القطاع العام ويزيد قليلاً بالنسبة للقطاع الخاص. هذا التحديد يتم بغض النظر عن معدلات التضخم أو ظروف السيولة، وعلى رغم ذلك، فإن معدل نمو عرض النقود ومعدلات التضخم لا تزال تحت السيطرة وستظل معتدلة خلال سنتي 2001 و2002. وفي ظل صفرية معدل التضخم المسجل عام 2000، فإن أسعار الفائدة الحقيقية ربما تكون مرتفعة جداً. وعلى رغم ادخال اصلاحات اقتصادية في القطاع المالي، تتضمن السماح بانشاء مصارف خاصة واستحداث أوعية ادخارية جديدة، إلا أنه من غير المتوقع في المدى القصير تحرير سعر الفائدة بصورة كاملة خلال سنتي 2001/2002، وستظل السياسة النقدية لمدة غير قليلة تحددها وزارة الاقتصاد بعيدة عن استقلالية المصرف المركزي. فالائتمان يتم تحديده مركزياً مخصص لمشاريع الخطة، والجانب الأكبر منه يوجه للقطاع العام حيث أن كل المصارف مملوكة بالكامل للدولة. ومن هنا يعاني القطاع الخاص من نقص حاد في الحصول على الائتمان من المصادر المحلية، الأمر الذي يجعل رجال الأعمال السوريين يذهبون للحصول على احتياجاتهم التمويلية من مصارف الأوفشور ومعظمها لبناني، مما يشكل كلفة تمويلية مرتفعة تعتبر قيداً على نمو القطاع الخاص، إلا أن هذا الوضع لن يستمر طويلاً، خصوصاً أن نحو 50 جهة مصرفية واستثمارية عربية وأجنبية تقدمت لفتح مصارف جديدة أو فروع لمصارف عربية وأجنبية في سورية. ومن أبرز هذه الجهات "سيتي بنك" ومصرف "بيت تونس" و"عودة" اللبناني. وعلى رغم عدم فاعلية السياسة النقدية، نجحت السلطة السورية بصورة كبيرة في التحكم في معدلات التضخم، وساعدها على ذلك بعض العوامل الخارجية، وأهمها الانخفاض النسبي في أسعار الواردات خلال الأعوام القليلة الماضية. وتجدر الإشارة إلى أن تبني سياسة توسعية سنة 2001، والنمو القوي المتوقع في أسعار الواردات، سيؤديان إلى ضغوط على الأسعار خلال سنتي 2001 و2002، إذ يتوقع أن يرتفع معدل التضخم من لا شيء عام 2000 إلى 8.1 في المئة في 2001، وإلى 8.2 في المئة في 2002، عاكساً تزايد أسعار كلفة السكن في ضوء بدء تنفيذ قانون الايجارات الجديد وتزايد الانفاق الحكومي. قانون النقد وتعدد أسعار الصرف يسمح نظام سعر الصرف المطبق الآن بالاستيراد غير المحدود للعملة السورية والعملات الأخرى، كما يسمح أيضاً بتصدير العملة السورية بصحبة المقيمين المسافرين فقط إلى الأردن ولبنان بحد أقصى 5000 ليرة سورية لكل فرد. ويسمح للمواطنين السوريين والمقيمين المغادرين للدول العربية والأجنبية باستثناء الأردن ولبنان بحمل 2000 دولار تم رفعها أخيراً إلى 3000 دولار بحد أقصى أو ما يعادلها من العملات الصعبة لكل فرد، وفي كل رحلة سفر، من دون السؤال عن مصدر هذه العملات، وهذا الحد الأقصى تم خفضه إلى النصف بالنسبة للأطفال المسافرين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً في تاريخ السفر. كما يسمح لغير المقيمين من العرب والأجانب بتصدير عملات بقدر ما جلبوا معهم، وذلك في حدود 5 آلاف دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، وبالنسبة للمبالغ الضخمة، فعلى غير المقيم عند مغادرته أن يوضح كمية العملات الصعبة التي جلبها معه عند دخوله مسجلاً على الاقرار الجمركي. أما الحسابات بالعملة الأجنبية، فيسمح لغير المقيمين والسوريين المقيمين في الخارج والأشخاص الذي يمارسون نشاطاً اقتصادياً في الخارج، فتح حسابات بالعملات الأجنبية على أن تغذى هذه الحسابات من خلال التحويلات الواردة من الخارج، بحيث تستخدم بصورة كلية أو جزئية على النحو التالي: أ - البيع للمصارف المحلية المعتمدة عند معدل يحدده البنك التجاري السوري، ويسمى هذا المعدل أسعار السوق المجاورة. ب - التحويل للخارج. ج - تمويل صفقات الترانزيت وصفقات التجارة الخارجية. د - تحسب الفوائد على هذه الحسابات وفقاً للأسعار العالمية وتضاف للحساب وتعامل معاملة الحساب نفسه. ويسمح للمقيمين بسواء كانوا مؤسسات عامة أو شركات أجنبية مقيمة... الخ بفتح حسابات بالعملات الأجنبية بعد الحصول على موافقة مسبقة من مكتب تحويل العملة. ويسمح للمواطنين السوريين المقيمين بفتح حسابات بالعملات الأجنبية في البنك التجاري السوري من دون الإعلان عن مصدرها، على أن تغذى هذه الحسابات من خلال الشيكات والتحويلات والبنكنوت، فضلاً عن كل وسائل الدفع المقبولة. ويسمح لأصحاب هذه الحسابات بالتحويل من حساب إلى آخر، كما أن الحسابات التي يتم تغذيتها بعملات أجنبية يمكن سحبها في صورة بنكنوت أو تحويلها للخارج لمواجهة الالتزامات العادية كمصاريف العلاج الطبي ومصاريف التعليم ورسوم المساهمة في المؤتمرات والمعارض العلمية والطبية والاشتراك في الجرائد والمجلات. حسابات المستثمرين وقانون الاستثمار يسمح للمستثمرين في ظل قانون الاستثمار الرقم 10 لعام 1991 بفتح حسابات بالعملة الأجنبية لتغذية 100 في المئة من رأس مال المشروع، كما تغذى بنسبة 75 في المئة من عائد الصادرات المحققة من السلع والخدمات. ويمكن للمستثمرين أن يستخدموا هذه الحسابات في تمويل المشاريع المصرح بها في ظل هذا القانون، والمساهمة في رأس مال هذه المشاريع، أو في شراء أسهمهم، كما يسمح لهم بإضافة الفوائد على هذه الحسابات المفتوحة في البنك. ويسمح للعرب والأجانب سواء المقيمين أو غير المقيمين بفتح حسابات بالعملة السورية بغرض الاستخدام المحلي، ولا يمكن تحويلها إلى الخارج. ويشمل نظام سعر الصرف المطبق منذ بداية عام 1998 الأسعار التالية: أ - سعر الصرف الرسمي وهو أن الدولار الأميركي يعادل ما بين 20.11-25.11 ليرة سورية ما زال يستخدم على عدد محدود من الصفقات وهذا يطبق على نفقات القطاع العام المستحقة السداد بالعملة الأجنبية، وعلى وسائل الدفع الناتجة من اتفاقات المقاصة والترتيبات المصرفية. ب - سعر الصرف المجاور أي المطبق في الدول المجاورة حيث يعادل الدولار ما بين 46 و5.46 ليرة سورية ويطبق هذا السعر على كل الصفقات عامة، خاصة، تجارية، غير تجارية وتمثل هذه الصفقات 80 في المئة من اجمالي الصفقات. ج - ثلاثة أسعار صرف أخرى للأغراض الجمركية تتنوع وفقاً لطبيعة السلعة. كما أن هناك سعراً يتم تداوله خارح القنوات الشرعية السوق السوداء ويراوح بين 48 و50 ليرة لكل دولار. ونعتقد أنه في ظل العولمة والتحديث والرغبة في جلب رؤوس أموال استثمارية جديدة، فإن توحيد أسعار الصرف بالسعر الحقيقي يكون مناسباً للإقلال من الواردات وطمأنة المستثمر على أنه لن يخسر سواء عند التصدير أو استيراد المواد الخام بسبب سعر الصرف، وكذلك عند تحويل الأرباح، خصوصاً أنه من المخطط اجتذاب حوالى أربعة بلايين دولار. فالنقطة الأساسية في أي اصلاح اقتصادي هو الاصلاح النقدي. عائدات التصدير تسمح النظم الخاصة بسعر الصرف للمصدرين من القطاع الخاص بحيازة 75 في المئة من حصيلة صادراتهم بالعملات الأجنبية لاغراض تمويل وارداتهم، أما النسبة المتبقية 25 في المئة فتحول بسعر البنك التجاري السوري. وبالنسبة إلى الصادرات من الفواكه والخضر والدواء للقطاعات العامة والخاصة والمشتركة، فيسمح لمصدريها بالاحتفاظ بنسبة 100 في المئة من عائداتهم التصديرية بغرض تمويل وارداتهم. ويتم تدبير النقد الأجنبي في مقابل واردات مؤسسات القطاع العام من خلال الموازنة السنوية للنقد الأجنبي، وهذه المؤسسات قد تحصل على تراخيص الاستيراد بعد تقديم المستندات المطلوبة لوارداتهم. أما النقد الأجنبي المطلوب لواردات القطاع الخاص فيتم تأمينه من موارده الذاتية، وهي: - الناتجة عن 100 في المئة، 75 في المئة من عائداته التصديرية بالنقد الأجنبي وفقاً لطبيعة السلعة المصدرة. - حسابات العملات الأجنبية للسوريين غير المقيمين والمودعة في البنك التجاري السوري والتي يتم تغذيتها من أنشطة في الخارج. - تسهيلات ائتمانية من الخارج لمدة 180 يوماً. وأخذت الحكومة السورية حديثاً خطوات متواضعة لاصلاح نظام سعر الصرف المتعددة، إلا أن التوحيد الكامل سيأخذ وقتاً، فالبنك التجاري السوري، أكبر المصارف الستة السورية، بدأ في التعامل عند معدل يقترب من سعر السوق عند مستوى ما بين 8.49-50 ليرة لكل دولار، وكان سعر الصرف في السوق السوداء منذ منتصف التسعينات استقر عند مستوى 48 ليرة لكل دولار. وفي ظل عدم وجود هزات مفاجئة في الموقف السياسي المحلي والاقليمي منه، نتوقع توسع الحكومة التدرجي في هذه التجربة، بحيث ينتهي الأمر بتوحيد أسعار الصرف إلى سعر صرف واحد يقترب من السعر المطبق في بعض الدول المجاورة وهو 25.46 ليرة لكل دولار. * اقتصادي سعودي.