تستعد الساحة الايرانية لمواجهة استحقاقات مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية لمعرفة ما اذا كان الاحتكام الى صناديق الاقتراع سيؤدي الى انفراج في التجاذب والصراع السياسي بين المحافظين والاصلاحيين راجع ص3 و8. وفي الشأن الخارجي، ظهر من مواقف للاصلاحيين ان ملف العلاقة الايرانية - الاميركية مجمد حالياً. اما في الداخل، فأعطى كبار صانعي القرار أولوية واضحة للدخول في معالجة سريعة لمشكلة البطالة ومكافحة الفساد المالي والاقتصادي، من خلال مواصلة الاجتماعات بين المرشد ورؤساء السلطات الثلاث ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، بينما بدأت أصوات اصلاحية تدعو الى ترميم العلاقة بين المرشد والاصلاحيين. وقال نائب اصلاحي فاعل ل"الحياة": "ان مفتاح الحل للخروج من نفق النزاع السياسي حول الاصلاحات بين اليمين المحافظ واليسار الاصلاحي يكمن في بناء ثقة حقيقية بين الاصلاحيين والمرشد آية الله علي خامنئي بحكم كونه دستورياً صاحب الكلمة الفصل في صنع القرار". وأضاف النائب الاصلاحي طالباً عدم الكشف عن اسمه ان "هناك اطرافاً محافظة تعمل على ايجاد الهوة بين المرشد والاصلاحيين، وهو أمر يجب وضع حدٍ له، خصوصاً ان المواقف التي أعلن عنها آية الله خامنئي بشأن أهمية دور الشعب والبرلمان هي قناعات مشتركة مع الاصلاحيين". وكان خامنئي أعلن الاسبوع الماضي في لقاء نواب البرلمان "ان النظام في ايران لا يساوي شيئاً من دون الشعب وان الكلمة الحاسمة هي للشعب، وان البرلمان يقف على رأس الأمور كافة". ورأى نائب رئيس البرلمان الاصلاحي محمد رضا خاتمي "ان هذه القناعة لدى القائد خامنئي ليست أمراً جديداً". واضاف في حديث خاص ل"الحياة": "ان الاهم هو تطبيق هذه النظرية بشكل عملي خصوصاً من جانب أولئك الذين ينسبون انفسهم الى القائد، ويدعون اتباع خطه، ومنهم السلطة القضائية". واضاف رضا خاتمي، الأمين العام لحزب جبهة المشاركة الاصلاحي، انه "إذا تم تطبيق نظرية المرشد فإن كثيراً من المشاكل السياسية الداخلية ستجد حلاً لها". وظهر من مواقف رضا خاتمي ان ملف العلاقة بين طهران وواشنطن لا يزال "في ثلاجة الانتظار" حتى تثبت الادارة الاميركية حسن نياتها عملياً تجاه ايران، عبر اجراءات فعلية وليس عبر المفاوضات المباشرة. ويعزز هذا الاعتقاد اعطاء كبار الساسة في ايران الأولوية لحل المشاكل الداخلية والاقتصادية تحديداً لايجاد فرص العمل ومكافحة الفساد المالي والاقتصادي والبطالة، وهو اهتمام كان عنوان اللقاء بين مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي ورؤساء السلطات الثلاث وبينهم الرئيس محمد خاتمي، وبحضور هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام. وتم التأكيد في الاجتماع على ان مكافحة البطالة هي الأولوية الأولى للدولة، وهي مسؤولية تقع في الدرجة الأولى على عاتق الحكومة مع ضرورة التعاون من جانب السلطتين التشريعية والقضائية. وعلى المستوى السياسي والاقتصادي شدد الرئيس محمد خاتمي على ان ايران اختارت الديموقراطية المتلازمة مع المعايير الدينية، واضاف في حديث متلفز "انه يمكن حل المشاكل الاقتصادية بالامكانات المتوافرة ومن خلال استقطاب رؤوس الأموال الاجنبية". وفي هذه الاثناء ظل ملف ما يسمى "اطاحة النظام" على حاله رغم ان خاتمي كان اعلن الاسبوع الماضي انه لا يحق للحكم أو لجزء منه ان يقوم بإقصاء المعارضة عبر اتهامها بالعمل على الإطاحة ويقصد الليبراليين. وفي تطور كان أشبه بالرد على هذا الموقف، قامت المحكمة الثورية بنشر رسالة من المعارض الليبرالي عزت الله سحابي الى ولديه بعثها من سجنه وفيها "اعتراف بالعمل الى جانب آخرين على محاولة اطاحة الحكومة الدينية بشكل هادئ واستبدالها بحكومة علمانية". وجاء في الرسالة التي نشرتها الوكالة الايرانية للانباء ايرنا ان سحابي حذر من أنه "سيكشف خفايا ملف هذه القضية، خصوصاً اضطرابات الحي الجامعي عام 1999 ولقاءه بمبعوث من أحد المسؤولين الاميركيين حضه على جر الفوضى الى بقية المحافظات" حسب نص الرسالة.