باريس - اف ب - كشفت شهادة جديدة ان المعارض المغربي المهدي بن بركة تعرض للتعذيب بشكل وحشي قبل ان يقتله الجنرال محمد اوفقير ومساعده احمد دليمي. جاء ذلك في رواية عميل سري مغربي سابق تنشرها في نهاية الاسبوع صحيفة "لوموند" الفرنسية واليوم السبت الاسبوعية المغربية باللغة الفرنسية "لو جورنال". وتستند المطبوعتان الى شهادة العميل السري السابق احمد بخاري، الذي يقول ان المهدي بن بركة تعرض للتعذيب بشكل وحشي طوال ساعات عدة قبل ان يقتله الجنرال محمد اوفقير الذي كان وزيرا للداخلية في المغرب، ومساعده القومندان احمد دليمي. وتفيد هذه الشهادة الحافلة بالتفاصيل ان المعارض المغربي لقي حتفه في الساعة الثالثة فجر يوم السبت 30 تشرين الاول اكتوبر 1965 في فيللا في فونتناي-لو-فيكونت قرب باريس، ونقلت جثته الى الرباط حيث اذيبت في خزان من الحمض الاسيد. ويقول احمد بخاري انه "قرر ان يتكلم حتى يعرف المغربيون، بدءا بعائلة بن بركة، ما حدث فعلا، لاظهار الحقيقة". وفي موضوعين متسلسلين يحملان عنوان "الحقيقة في شأن مقتل المهدي بن بركة في فرنسا"، بدأ نشرهما امس الجمعة، يؤكد ستيفن سميث من "لوموند" الفرنسية وابو بكر جماعي وعلي عمار من "لوجورنال" المغربية ان احمد بخاري كان في تلك الفترة، مساعدا مقربا جدا من محمد العشعاشي، الذي كان رئيسا لجهاز مكافحة التخريب في المغرب. ونظرا لكون بخاري على اتصال دائم مع رئيسه الذي كان في الفيلا الفرنسية، فقد كان في موقع جيد للحصول على المعلومات من مصدرها مباشرة في شأن جريمة دولة ما زال الغموض يكتنف ظروف الاعداد لها وتنفيذها. وتفيد شهادة احمد بخاري ان "العملاء المغربيين وشركاءهم الفرنسيين -من الشرطة والمرتزقة- تم تكليفهم بخطف بن بركة ونقله حيا الى المغرب". ولكن "خرج الوضع عن السيطرة في جنوبباريس". وتتابع رواية بخاري: واقتيد بن بركة الى فيلا فونتنوي-لو فيكونت، بعد ان اوقفه شرطيان فرنسيان امام حانة في وسط باريس. ووصل احمد دليمي في بداية السهرة "ما ادى الى تغيير المعطيات"، فالرجلان كانا يعرفان بعضهما شخصيا ويكرهان بعضهما. وما ان دخل دليمي الى الصالة، وهو كان قد حاول قتل بن بركة في 18 تشرين الثاني نوفمبر 1962، "شتم رئيس المعارضة المغربية وكاد ان يخنقه عندما بدأ بالصراخ، وقعت في الفخ". وتؤكد "لوموند" و"لوجورنال" انه تم تقييد بن بركة بناء على طلب دليمي ثم قام ممرض بحقنه لكن الجرعة كانت قوية جدا "فغاب بن بركة عن الوعي". عندئذ انقسم العملاء المغربيون الى فئتين، واحدة تزعمها محمد العشعاشي وكانت تعارض تعذيب بن بركة وتريد نقله حيا الى المغرب، بينما الفئة الاخرى بزعامة احمد دليمي ارادت تصفية حسابها مع المعارض. لكن وصول الجنرال اوفقير عند منتصف الليل "لم يضع حدا لتمادي مساعده، الذي اغضبه صمت بن بركة المطبق"، فقام دليمي بتعليق بن بركة بحبل، واوثق يديه خلف ظهره بينما قام اوفقير بضرب بن بركة على صدره وظهره بخنجر مضلع. واستمرت عملية التعذيب ساعة كاملة. وعندما قرر محمد العشعاشي التدخل ودفع دليمي لتحرير المهدي بن بركة، كان فارق الحياة.