بيروت - "الحياة" - أجواء القصور الرومانية القديمة بأعمدتها الرخام الضخمة غلّفت عرض المصمم عبد محفوظ الذي قدّم مجموعة خاصة بفساتين الأعراس. وتحوّلت الباحة الخارجية لفندق "فينيسيا أنتركونتيننتال" الى قطعة من حلم عروس تنتظر أميرها الآتي على فرس أبيض. كل شيء في تلك الليلة أوحى بالرومانسية، شجيرات الغاردينيا المزهرة التي تعطّر أزرارها الأجواء، المياه المسقسقة التي تسبح في وسطها نباتات طويلة خضراء، والاضاءة الخافتة المنعكسة ألواناً على صفحة المياه، حتى "البوديوم" المغطى بالسجاد الأحمر المزروع في وسط المياه كان سبباً اضافياً للحلم ناهيك بالكراسي المغطاة بالأبيض الناصع. لكن هذه الأجواء الساحرة الحالمة التي نقرأ عنها عادة في روايات باربرا كارتلند ما لبثت أن تحوّلت كابوساً حقيقياً بسبب سوء التنظيم، وأجواء التبجح والتمظهر التي لفّت العرض فضلاً عن الأثواب عينها التي برز فيها كل شيء ما عدا الخلق والابداع! الاطار الجميل... ولكن التمتع بالإطار الجميل لم يلبث أن تحوّل لدى الحضور انزعاجاً طال مع تأخير العرض المحدد موعده في الثامنة والنصف الى العاشرة إلا ربعاً، وكاد الجمهور الآتي لمشاهدة الأزياء أن يتحول أصناماً للعرض يعصف بها الهواء البارد. في هذا الوقت كان محفوظ المرتدي قميصاً أسود وبنطلوناً رمادياً يروح ويجيء بين الحضور كأنه أضاع تصاميمه في اللحظة الأخيرة، فإذا سئل عن التأخير لا يخفي امتعاضه من السؤال ثم يضع الحق على "غلط في الاسم". أخيراً فرجها الله وأضاء اسمه واجهة المسرح، وانتظر الحضور نصف ساعة اضافية من دون سبب معلن. وتوالت الفساتين وتوالى التكرار ... وبدأ العرض. وتدفقت العارضات على وقع موسيقى شرقية/ غربية. الفستان الأول غير تقليدي، طابعه هندي عاري الظهر، تزيده جمالاً وتألقاً العارضة التي كانت تتمايل على المسرح بخطوات مغناجة. وتوالت الفساتين: واحد بطرحة طويلة وآخر بطرحة قصيرة، والموديل العام للثوب هو هو مع تبديل بسيط في أماكن الشك وكثافته أو تعديل طفيف في القصة، وعلى رغم الأناقة والأقمشة الجميلة و"الشكّ" الذي أضفى فخامة كبرى على الأثواب، إلا أن التكرار في القصّات كان واضحاً باستثناء قلة قليلة من الفساتين. وكانت الرتابة سيدة الموقف لا سيما مع الموسيقى المتشابهة أنغامها، ولم تضف رهجة على الأثواب، التي تميز عدد ضئيل منها فقط. التصفيق كان خجولاً ونال قسطاً منه فستان غير طويل مشكوك بال"ستراس" وبعض الريش بانت فيه العارضة كأنها أميرة آتية من قُصة شرقية. وفي ختام العرض الذي سرق البرد والملل بعض ملامحه الجميلة مرّ فستان زهري طويل تزيّنه الأزهار المنثورة على الكتفين والصدر عرضته سابين نحاس بأسلوب حي وجذاب تفردت فيه عن بقية العارضات. ولما صعد عبد محفوظ الى "البوديوم" أخيراً ليحيي الجمهور، تنفّس الجميع الصّعداء...