استقبل الرئيس الفرنسي جاك شيراك مساء أمس ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وأجرى معه محادثات تناولت مسيرة السلام في الشرق الأوسط، في ضوء الاتصالات التي اجراها شيراك مع عدد من رؤساء الدول العربية، وآخرهم الرئيس السوري بشار الأسد. كما تناولت محادثات الأمير عبدالله والرئيس الفرنسي الوضع في العراق، في ضوء المشاورات المكثفة في مجلس الأمن لتعديل نظام العقوبات على هذا البلد. وسيلتقي ولي العهد السعودي في العاصمة الفرنسية مساء اليوم وزير الخارجية الأميركي كولن باول. وقالت أوساط الرئاسة الفرنسية ل"الحياة" ان شيراك يولي أهمية كبيرة للحوار المستمر مع المسؤولين السعوديين، خصوصاً ان فرنسا ترتبط بشراكة استراتيجية مع المملكة، وللرئيس الفرنسي علاقات صداقة قديمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز. وكان الأمير عبدالله قام بزيارة دولة لباريس في أيلول سبتمبر 1998، فيما أوفد شيراك الأمين العام للرئاسة دومينيك دوفيلبان الى الرياض وحمّله رسالة. ورأت الأوساط الفرنسية ان من المفيد جداً ان يطلع شيراك على تقويم الأمير عبدالله للمستجدات في الشرق الأوسط والوضع العراقي، مشيرة الى أن فرنسا "مهتمة جداً بوجهة النظر السعودية في المسألة العراقية". مصدر فرنسي مطلع قال ل"الحياة" ان لباريس هدفين في ما يتعلق بالقرار الجديد المرتقب حول العراق: الأول ضرورة وجود وفاق تام في مجلس الأمن، لأن انقسامه على مشروع ما يعني انه فشل. ونبه الى تعذر وجود سياسة "واضحة وقوية" حيال العراق ان لم يكن هناك وفاق في المجلس و"كلما انقسم يأتي الانقسام في مصلحة لعبة بغداد، وهذ ما لا تتمناه فرنسا". وحدد الهدف الثاني بالتشاور مع الدول المجاورة للعراق، وقال: "ليس ممكناً لفرنسا ان تساهم في وضع نظام يخفف العقوبات المدنية ويبقي اليقظة في مسألة مراقبة التسلح من دون تشاور وثيق مع الدول المجاورة، فهناك آثار اقتصادية خصوصاً ستنعكس على هذه الدول الحساسة مثل الأردن وسورية وتركيا". وأشار الى ان فرنسا "مهتمة بإنهاء نظام العقوبات المدنية الذي يؤدي الى تعزيز النظام العراقي، لذلك كان أول من رفض رفع هذه العقوبات". وتابع ان لدى باريس تقويماً مفاده ان بغداد تريد الحفاظ على الوضع الحالي لأنه "يضمن الحفاظ على النظام عبر التهريب والسوق السوداء والتحايل على العقوبات"، لافتاً الى ان تلك القنوات "تشكل مصدر ثروة لهذا النظام". ورأى المصدر ان وقف العمل ببرنامج "النفط للغذاء" القرار 986 ليس أمراً جيداً لا بالنسبة الى الهدف العسكري للقرار، ولا بالنسبة الى الاستقرار الاقليمي وأسعار النفط الخام واقتصاد الدول المجاورة. وزاد انه في حال لم يتم التوصل الى وفاق في مجلس الأمن على قرار جديد، ينبغي أخذ بعض الوقت للتشاور. ويتوقع ان يتناول شيراك الملف العراقي خلال زيارته روسيا نهاية الاسبوع. الى ذلك علمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان عدداً من المواضيع الاقتصادية ستثار خلال لقاء شيراك والأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وبينها التعاون الاقتصادي والعسكري. وقالت المصادر ان الجانب الفرنسي سيطرح مشاريع للتعاون العسكري، بينها محاولة بيع السعودية دبابات من نوع "لوكليرك" ومشروع يتعلق بمركز قيادة عسكرية. وأشارت الى وجود عدد من مشاريع التعاون المدني، بينها "ارابسات" والتعاون مع شركة "الكاتيل" الفرنسية للاتصالات، ومع مجموعة "ارباص" لصناعة الطائرات، بالاضافة الى مناقشة التعاون النفطي، علماً ان المملكة هي المزود الأول لفرنسا بالنفط. وكان الديوان الملكي السعودي أصدر في وقت متقدم ليل الأربعاء بياناً أعلن فيه أن الأمير عبدالله سيقوم بزيارة خاصة إلى فرنسا من 28 حزيران يونيو إلى 2 تموز يوليو، تعقبها زيارة رسمية لمصر، تلبية لدعوة من الرئيس حسني مبارك.