يقدم كتاب "طعم الفراق: ثلاثة أجيال فلسطينية في ذاكرة"، الصادر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في بيروت وعمان، سيرة ملحمية للأجيال الفلسطينية التي عاشت النكبة عام 1948، بدءاً من جيل المولف، المولود في المجدل - عسقلان منتصف اربعينات القرن العشرين، على مشارف النكبة، وعودة الى الجيلين السابقين عليه، جيل والده خليل، وجيل جده ربعي، وما حولهم من علاقات وبشر عاديين، وما تنطوي عليه حياتهم جميعاً من حكايات، وما يمارسون من عادات، وما يحكمهم من تقاليد، وما يطلقون من الأغاني في المناسبات. تشكل كتابة المدهون هذه، ما يتجاوز السيرة الذاتية الى سيرة حياة منطقة كاملة في فلسطين، هي منطقة الجنوب، بكل ما هو مشترك بين أهلها، وبكل ما في المكان من جماليات تجسدها الطبيعة والبيوت والحقول... ما يشكل رحلة أولى في فلسطين قبل النكبة، ورحلة ثانية لمن جرى تهجيرهم الى المنافي العربية والغربية. هي كتابة تجمع الواقعي والأسطوري، وتبرز الجوانب المأسوية لحياة الفلسطيني في الوطن وفي المنفى، وتعتمد المصادر الشعبية للحكايات، بقدر ما تعود الى الوثائق والكتب التي تناولت التجربة المرة. كل هذا لتسجل "شهادة" الفلسطيني، في مواجهة "الرواية" الصهيونية لجوانب مهمة من مسيرة الصراع العربي - الصهيوني، في محطات أساسية منه. هو واحد من قلة قليلة من الأسفار التي كتبت جوانب من سيرة الفلسطيني، كنه قد يكون السفر الأشد جرأة، والأكثر غوصاً في المأساة، وربطاً بين الماضي والحاضر في محطات الصراع.