اجهشت بالبكاء واغرورقت عيناها، نظرت الى ورقات من كراس مدرسي أمامها وقرأت: "... انهالوا علي بالسباب والشتائم وقالوا لي انظري ماذا سنفعل بك أمام والدك... اغتصبوني جميعهم الواحد تلو الآخر أمام والدي، ثم اطلقوا النار فأصابوني في يدي اليسرى وفي رأسي وذهبوا... قال لي أبي ليكن الرب معك وفارق الحياة..." جاءت هذه العبارات من احدى ضحايا مذابح صبرا وشاتيلا، سعاد سرور مرعي، أمس الاثنين في بروكسيل امام حشد من الصحافيين في قاعة منظمة "محامون بلا حدود"، بعدما كان اعضاء هيئة الدفاع قد عادوا من قصر العدل في العاصمة البلجيكية، حيث قدموا شكاوى مستندة الى اتهامات بجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية، باسم عشرات ضحايا مذابح صبرا وشاتيلا في 1982، ضد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لأنه كان "المسؤول المباشر" عن ارتكاب جرائم الاغتصاب والإبادة في لبنان حين كان وزيراً للدفاع وأشرف بنفسه على الاجتياح وعلى احتلال العاصمة اللبنانية راجع ص4. عشية هذا الحدث القضائي الذي أعاد مجزرة صبرا وشاتيلا الى الواجهة، ووضع شارون مجدداً أمام جريمته. اذ عرضت قناة ال"بي.بي.سي" الأولى مساء الاحد خلاصة لتحقيق جديد في المذبحة، بعنوان "المتهم" اي شارون، واستند معدّه الى الوقائع وتفاصيل التواطؤ بين الاسرائيليين والقوات اللبنانية بقيادة ايلي حبيقة. وتضمن البرنامج شهادات لناجين من المجزرة، بينهم سعاد سرور نفسها، وآراء حقوقيين دوليين وصحافيين وعسكريين اسرائيليين. وكان المبعوث الاميركي السابق في لبنان موريس درايبر واضحاً في وضع المسؤولية على عاتق شارون، اما المدعي العام السابق في المحاكم من اجل يوغوسلافيا ورواندا ريتشارد غولدستون فأكد انه "في حال كان الشخص الذي يعطي الأوامر يعرف ان أوامره ستعرض مدنيين أبرياء للاصابات أو القتل في وضع ما، فإنه مسؤول عما يحدث وتكون مسؤوليته أكبر من مسؤولية الذين ينفذون أوامره". واذ أعلنت وزارة الخارجية الاسرائيلية "ان اسرائيل تنظر بخطورة الى الطابع المنحاز والجائر لبرنامج بانوراما"، واعتبرت توقيته بعد 19 عاماً على الحدث "محاولة لتلطيخ سمعة اسرائيل وزعيمها بالوسائل شتى، حظي شارون بدفاع قوي من مختلف وسائل الاعلام الاسرائيلية. واعتبر محامي رئيس الحكومة دوف فيسغلاس البرنامج "كاذباً ولا قيمة قانونية له"، فيما استبقت القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي البرنامج فبثت مناقشة حوله حتى قبل مشاهدته. ومع ان المشاركين في النقاش اكدوا نزاهة هيئة الاذاعة البريطانية، الا ان النائب تومي لبيد حزب شينوي، وهو صحافي دخل المعترك السياسي قبل عامين، قال ان "المتهم يجب ان يكون ال"بي.بي.سي" وليس شارون لأن البرنامج يقوم بدعاية معادية لاسرائيل على نحو متطرف ومنهجي"، لكن مشاركاً آخر هو الصحافي اليساري حاييم برعام حاول تهدئة روع زملائه، ملاحظاً انهم يطلقون الاحكام على برنامج من دون ان يروه. ولفتت صحيفة "هآرتس" بأنها لم تتطرق الى الموضوع، وهي كانت خصصت قبل الانتخابات الأخيرة عشرات الصفحات لتؤكد بالأدلة الماضي الدموي والإجرامي لشارون.