هل بدأت جهود ثلاثين سنة من بحوث السرطان في اعطاء الثمار المرجوّة منها؟ بعد أيام على اطلاق عقار "غليفيك" كدواء واعد في علاج هذا المرض، اعلن فريق بريطاني التوصل الى دواء وأسلوب جديدين. وواضح ان هذا الاختراق العلمي استند الى انجازات سابقة في هذا المجال. واكد البروفسور ريتشارد بيجينت ان فريقه استند الى دواء جديد هو "كومبرا ستاتين"، مستخرج من لحاء شجرة الصفصاف الأفريقية، ويعمل لضرب الأوعية الدموية التي تغذي الورم الخبيث. ولأنها تتكاثر بسرعة عالية، تحتاج خلايا السرطان الى شرايين جديدة تؤمن تغذية دموية عالية، ويؤدي وقف امدادات الدم الجديدة الى ابطاء نمو الأورام. بمعنى آخر، دواء "كومبراستاتين" يعمل وفق المبدأ الذي اكتشفه البروفسور يهودا فولكمان عام 1999. لكن قطع التغذية الدموية لا يكفي، اذ اثبتت تجارب فولكمان ان السرطان "يتحايل" ويجد لنفسه طرقاً عدة ليتغذى بالدم. ولضرب هذا التحايل السرطاني، لجأ الفريق البريطاني الى "قصف" الورم بمواد مشعة موجهة الى الخلايا السرطانية وحدها. وللحصول على توجيه دقيق، مزج العلماء المواد المشعة بأجسام مضادة Antibodies للسرطان. ومعروف ان جهاز المناعة يقاوم السرطان، ويفرز اجساماً مضادة تهاجم خلايا الورم، وغالباً ما يفشل الجهاز في وقف السرطان ونموه. في الثمانينات، تمكن العلماء من عزل هذه الأجسام المضادة للسرطان، ونال ذلك الاكتشاف جائزة نوبل في 1986. وفي الانجاز الجديد، مزج الفريق البريطاني مواد مشعة بالأجسام المضادة، فحملتها مباشرة الى خلايا الورم، كأن الأمر "قصف نووي" مباشر للسرطان! أثمرت هذه "الضربة المزدوجة" شفاء 85 في المئة من سرطانات فئران المختبر، وهي نسبة واعدة، وتألف الفريق البريطاني من بحّاثة في مستشفى "رويال فري" التعليمي، ومختبر "غراي رويال فري" التعليمي، و"مختبر غراي لبحوث السرطان". ونشر نتائج عمله في مجلة "كانسر ريسيرتش"، متوقعاً ان يطبق ذلك العلاج على البشر خلال السنوات الخمس المقبلة.