سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كان عددهم 14 ألفاً وبات 80 ألفاً ... والانتفاضة والفضائيات ونضالات بعضهم تطلق صحوة جديدة نخب دروز فلسطين تعول على الدعم العربي والجنبلاطي لحركتها : نحن ضحية مضللة استفردنا ونطلب المساندة بدلاً من التشكيك
كانت أوضاع فلسطينيي عام 1948، ضمن الكيان الاسرائيلي، عنصراً ثانوياً، وفي مرتبة لاحقة من الاهتمامات الأميركية والاسرائيلية في مفاوضات التسوية السلمية، الى درجة ان الاقتراحات لمعالجة قضية اللاجئين وعودتهم، سواء في مفاوضات كامب ديفيد الربيع الماضي، أو في طابا لاحقاً كشفت تجاهلاً دولياً للوجود الفلسطيني فيها. وحصل اجماع اسرائيلي، من الحمائم والصقور، من كل الألوان السياسية، على معارضة عودة اللاجئين، وعلى ضمان الابقاء على الغلبة اليهودية في أراضي 1948، خوفاً من تكاثر الأقلية العربية البالغة ثلث عدد السكان وحصول التغيير الكبير، بعد عقود قليلة. هذا التجاهل يخفي نية تذويب عرب 1948. وكان دافعاً نفسياً وسياسياً ومحرضاً تعبوياً لهؤلاء ليشاركوا في الانتفاضة الفلسطينية لاحقاً، مثلما كان التشدد الاسرائيلي في السيطرة على القدس والحرم الشريف وتقطيع أوصال الدولة الفلسطينية الموعودة، بالمستوطنات، بحجج الأمن الاسرائيلي وبانقاص السيادة الفلسطينية، دافعاً الى الانتفاضة الكبرى المستمرة في الضفة الغربية وغزة في أيلول سبتمبر الماضي... نتيجة تراكمات السنوات الماضية في التفاوض. رفعت مشاركة عرب 1948 في الانتفاضة الفلسطينية، سواء من طريق التحركات العفوية، أو تلك التي شجعت عليها التنظيمات الفلسطينية الموجودة في الضفة وغزة، بدءاً ب"فتح" وانتهاء ب"حماس"، مروراً ب"التجمع الديموقراطي" الذي يتزعمه النائب عزمي بشارة، وغيرها من التنظيمات والتجمعات، رفعت من درجة الاهتمام بالتواصل مع فلسطينيي 1948 ومن الحاجة الى توفير اسباب الدعم السياسي لهم ليؤدوا دورهم في الضغط على اسرائيل. وهذا الاهتمام أدى الى توجيه الأنظار نحو إحدى المجموعات العربية في اسرائيل الداخل، وهي الدروز، إذ عقد في 18 أيار مايو الماضي اجتماع سعى طوال أشهر الى ترتيبه النائب بشارة، الذي شارك فيه وحضرته مجموعة من وجهاء دروز فلسطين ورموزهم، مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، وعضو قيادة حزبه وزير الاعلام غازي العريضي ورئيس منظمة الشباب التقدمي وائل أبو فاعور. وحضر من العرب الدروز في فلسطين المحامي سعيد نفاع والدكتور عبدالله شاهين وأمين خير الدين وحاتم حلبي وأحمد فضول ونهاد ملحم وسليمان دغش. وعقد الوفدان جلسات عمل تناولت التطورات التي تشهدها الساحة الفلسطينية. وأكد بيان مشترك صدر عن الحاضرين إثر لقاءات دامت يومين في عمّان نقاطاً عدة أهمها: - الدعوة الى تكثيف العمل من أجل الغاء التجنيد الالزامي العسكري الاسرائيلي على الشباب الدروز. - التأكيد ان ابناء الطائفة الدرزية يشكلون جزءاً أساسياً من الشعب العربي الفلسطيني وادانة كل محاولات التفريق بينهم وبين اخوانهم العرب واعتبارهم قومية قائمة بذاتها. - مناشدة الاعلام العربي التعاطي مع ما يعانيه المواطنون العرب بدقة بعيداً من خطابات التشكيك والافساح في المجال أمام النخب العربية كي تؤدي دورها. ويقول مقربون من الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط ان الدافع الى الاجتماع هو اطلاق حركة سياسية هدفها الاهتمام بالعمل الوطني والقومي بين دروز اسرائيل وتأكيد هويتهم الوطنية القومية العربية، خصوصاً ان عددهم يبلغ زهاء 80 ألف نسمة، فضلاً عن مقاومة مسعى اسرائيل الى مسخ الدروز الذي انتج ازمة هوية في صفوفهم. ويعتقد بشارة ووجهاء دروز الداخل ان جنبلاط يستطيع أن يؤدي دوراً كبيراً في هذه التوجهات، وهو كان وراء ترتيب اللقاء معه، نظراً الى الاحترام الذي يكنه له عن بعد دروز الداخل بسبب تاريخه النضالي في لبنان للحفاظ على الهوية العربية للجبل والدروز فيه على مدى السنوات الماضية، وقبله والده كمال جنبلاط. ويعتقد المحيطون بجنبلاط انه أبدى حماسة لهذا الدور، لاعتقاده انه يشكل اسهاماً معيناً في الصراع العربي - الاسرائيلي، عبر مشاركته في تأمين التواصل مع عرب 1948 ككتلة ديموغرافية كبرى لها تأثيرها في مستقبل هذا الصراع. وأتاحت هذه اللقاءات، في عمان، القاء الضوء على أوضاع دروز اسرائيل، وقراءة عن قرب لتاريخ المشكلة التي يعانون منذ 1948 خصوصاً ان الوجهاء والرموز في الوفد الذي أتى من اسرائيل قدموا وقائع وتقويماً لجنبلاط وقيادة حزبه كان الكثير منها مجهولاً لديه ولدى النخب العربية المعنية بأوضاع عرب الداخل، ويسمح تعميمها بادراك الخطوات الواجب اتخاذها لمعالجة ازمة الهوية لدى الدروز، في وجه اسرائيل. وفي اعتقاد مناضلي دروز الداخل ان المشكلة الأساسية هي الوضعية التي ارساها الاسرائيليون، وأدت الى اندماج دروز 1948 مع الاسرائيليين عبر التجنيد الاجباري وعبر الارتباط الاقتصادي باسرائيل. وهي وضعية تمت بعملية منظمة بعد استمالة قيادات دينية درزية انحازت الى الحكام اليهود تحت عنوان الحفاظ على الوجود الدرزي. وتفيد قراءة رموز الداخل ان عدد الدروز كان عام 1948 يتفاوت ما بين 12 ألفاً و14 ألفاً، شارك قسم كبير منهم في عمليات المواجهة السابقة على تأسيس الدولة اليهودية، مع العصابات اليهودية، منذ العام 1936. وكانوا جزءاً من ثورة عز الدين القسام بزعامة نجيب صعب وهو من منطقة راشيا اللبنانية التداخل والتواصل كانا قائمين ودائمين في حينه. وهم قاموا بمعارك عدة سقط لهم فيها شهداء في مواقع مهمة مثل الليات بين عكا وحيفا وحرفيش ويانوح وجدّين. ويشير المقربون من جنبلاط الى أن الأمور انقلبت مع غلبة اليهود، إذ بدأ زعماؤهم بالتقرب من زعامات دينية درزية بررت تعاونها معهم بالحفاظ على الوجود الدرزي الأقلّوي بعد موجة الهجرة العربية الكبرى من فلسطين. وينقلون عن وجهاء الداخل حصول محطات رئيسية عدة في طريقة الاحتواء الاسرائيلي للموقف الدرزي منها: - العام 1956: تزامن استثناء الدروز من قرار اعفاء العرب من الخدمة العسكرية، لاستيعابهم في الدولة اليهودية، مع جملة اجراءات هدفت الى اخضاعهم وترويضهم. إذ صودرت 75 في المئة من أراضيهم ورُبطت بعجلة الاقتصاد الاسرائيلي وتحولت مواردهم الى الوظائف الحكومية والعمل في المصانع وفي الخدمة العسكرية. ومن أبرز المناطق التي صودرت الأراضي فيها 13 ألف دونم في سهل الحولة لقربها من الحدود السورية. وأقيمت على بعضها معسكرات تدريب. وأحد الذين شاركوا في اجتماع عمان، أُخذ الى التدريب العسكري في معسكر أقيم على أرض مصادرة من جده، فرفض المشاركة في الخدمة العسكرية وسجن عقاباً له. - العام 1961: صدر قرار بفصل المحاكم الشرعية الدرزية عن المحاكم الشرعية الاسلامية، وشكلت الحكومة الاسرائيلية مجلساً خاصاً بالطائفة بحجة انه خدمة خاصة للطائفة، من أجل تأكيد استقلالها وهويتها. - العام 1962. بدأت الدوائر الاسرائيلية بتغيير ذكر الهوية على البطاقات الرسمية من "عربي" الى "درزي". وقدّم الاسرائيليون ذلك كانجاز لمصلحة الدروز... وكرت سبحة الاجراءات الأخرى. - منع الدروز من الاحتفال بالأعياد الاسلامية، فحُظِّر عليهم التعطيل في عيدي الأضحى والفطر، واصطنعت مناسبة دينية اسمها زيارة النبي شعيب، لا أساس دينياً لها على الصعيد الدرزي. تكرّست لاحقاً عادة شعبية، أفاد منها القادة الاسرائيليون وسعوا الى تثبيتها فأرسوا تقليداً بأن يزورهم أثناءها رئيس الوزراء الاسرائيلي ويلقي فيهم الخطب. واثناء الاحتلال الاسرائيلي لجنوبلبنان، شجعت اسرائيل بعض دروز فلسطين على دعوة ابناء الطائفة في لبنان الى زيارة مقام "النبي شعيب". وترافق ذلك مع قيام بعض المرجعيات الدينية الدرزية بدور سلبي، في اصدار كتيبات تتحدث عن التقارب الديني بين اليهود والدروز، ثم مع ترويج اشاعة بأن النبي شعيب، زوّج ابنته لموسى. - أدى الحزب الشيوعي الاسرائيلي، بحسب رموز دروز الداخل، دوراً سلبياً، بتوجيه من المؤسسة الصهيونية، حين طرح نفسه متنفساً للأقليات العربية، فحوّل نضال عرب الداخل والدروز منهم من عنوان التحرير والانتماء القومي، الى مسائل تفصيلية معيشية يومية، من منطلقات اجتماعية وطبقية، فأسهم في احتوائهم، في عملية جمَّلت فكرة الانتماء الى الدولة الاسرائيلية. وفي المقابل، كان مسؤولون يهود يحكون أمام بعض مجموعات درزية معينة عن وجوب الحفاظ على قوميتهم العربية. - أسهم بعض مشايخ الدروز في تكريس فكرة الانتماء الى الدولة عبر قبولهم بالترحم على القتلى الدروز في الجيش الاسرائيلي. ورضخوا للضغوط الاسرائيلية بالانسجام مع منطق الدولة. - استغل الاسرائيليون الخلافات التقليدية، العشائرية الطابع، بين الدروز والشركس والبدو، والجوار، والمذاهب الأخرى، من أجل تقديم حجة الى بعض المشايخ الدروز بأن صلتهم بالدولة والاندماج فيها هدفه ان "نحافظ على اعراضنا". - لأن الدروز مجتمع قروي وفلاحي، سعى الاسرائيليون الى الامساك بالوجهاء بينهم، من أجل الامساك بالمجموعات الأخرى. ولعبوا على الصراعات بين الزعامات والوجاهات، بين دار طريف وعائلتي معدّي ونور الدين وغيرهما، في شكل يجعل الاقتراب من الدولة حماية للزعامة. - تلاحقت الخطوات الاستيعابية في شأن عمليات تجنيد الدروز في الجيش الذين يبلغ عددهم زهاء ألف، فأخذت السلطات الاسرائيلية قراراً بذكر كلمة "متطوّع" على بطاقة التجنيد، بدلاً من كلمة "مجنّد". وهو نوع من التطويع النفسي للاعتياد على خدمة الجيش. واعتُمدت سياسة وضع الجنود الدروز في المواقع الخطرة، في مواجهة العرب وفي المواجهات مع المقاتلين الفلسطنيين لبنان، من أجل توليد مشاعر العداء لهم، والولاء للدولة ثاني شهيد فلسطيني في الانتفاضة في الضفة الغربية قتل برصاص جندي درزي. - عام 1971 فصل الاسرائيليون مدارس الدروز عن مدارس سائر العرب، وأعدوا لهم مناهج خاصة بهم، ليس فقط في مواد الاختصاص، بل حتى في المواد التي لا طائل لتمييز مناهجهم تحتها، مثل اللغة العربية. وأشرف متخصصون اسرائيليون على وضع كتب تحت عنوان التراث الدرزي لترسيخ فكرة القومية المزعومة للدروز. أشكال المقاومة ينقل المقربون من جنبلاط، عن بعض رموز الداخل، أمثلة عن وقائع مقاومة دروز كثر للاجراءات الاسرائيلية. وهي وقائع تفصيلية بعضها كان أقرب الى الشأن اليومي، لكنه ساعد على ابقاء بذور نضالية تجلت في محطات ومناسبات عدة. ينقل الذين حضروا اجتماع عمان عن قيادات الداخل قولها ان الاعتراض على التجنيد الاجباري بدأ العام 1948، حين جمع 1800 توقيع من دروز رفضوا الخدمة العسكرية، بمبادرة من إمام بلدة الرامية آنذاك فرهود فرهود الذي أصبح لاحقاً رئيساً لما يسمى ب"لجنة المبادرة الدرزية". وفي العام 1958، نشأت "حركة الأرض" كتنظيم سري رفض التجنيد والاندماج بدولة الاحتلال، فقتل وسجن وعذّب أفرادها وقضي عليها. لكن أول ظاهرة تحرك جماعي بعد الاحتلال حصلت عام 1971 عبر طلاب ثانويين رفضوا الخدمة العسكرية، بينهم جمال فرهود نجل فرهود فرهود، وسعيد نفاع كان في عداد الوفد الذي التقى جنبلاط في عمّان وهو الآن نائب عزمي بشارة في "التجمع الديموقراطي"، فسجن قادة هذا التحرك سنوات، لكنهم أسسوا، وهم في السجن عام 1972، ما أطلق عليه "لجنة المبادرة". وفيما سعى الحزب الشيوعي، وفق قراءة قادة اللجنة، الى احتوائها، عبر موافقته على رفض التجنيد، اعتبر انها ليست من أولويات نضاله، وظهرت مواقف نضالية تفصيلية، بأساليب متعددة مثل: رفض كتابة متطوّع على بطاقة التجنيد. كتب الذين رفضوا التجنيد على الوثائق التي كانوا يبررون رفضهم اياه، عبارات من نوع الأسباب الانسانية والضميرية. فيما كان ناشطو لجنة المبادرة يرفضون كتابة عبارات من هذا النوع ويصرون في تبريرهم على المنطلق القومي لرفض التجنيد. نظمت لجنة المبادرة حملات توعية برفض التجنيد. تولت اللجنة، مع مجموعات أخرى، قنوات التواصل مع المجتمع العربي وبات مناصروها جزءاً من النضال السلمي الديموقراطي لعرب 1948 وصولاً الى مشاركتهم في أعمال الانتفاضة الأخيرة في أراضي 1948. منعوا رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل اسحق رابين من القاء الكلمة السنوية التقليدية في مناسبة النبي شعيب الذي اصطنعها الاسرائيليون، فقطعوا اسلاك مكبرات الصوت وأصروا على أن تبقى الاحتفالات ضمن طابعها الديني. لكن أشكال الاعتراض والمقاومة هذه، على تواضعها في السنوات السابقة أثارت حساسية الاسرائيليين، خصوصاً لجهة رفض التجنيد الاجباري، ودفعتهم الى البحث عن اساليب اخرى للحؤول دون امتداد الحركة الاعتراضية، وأوكلت المؤسسة الاسرائيلية الى يهودي شرقي من أصل سوري اسمه نسيم دانا، تكثيف الكتابات عن تقارب الدروز واليهود، فوثّق دانا علاقاته بالمؤسسة الدينية الدرزية. ومن الأدوار التي أداها انه بعدما راجت بين الدروز حيلة رفض التجنيد الاجباري، بحجة الاعاقة الجسدية أو التخلف العقلي أو التدين، اتفق دانا مع بعض المشايخ الدروز على أن من يرفض التجنيد بحجة التديُّن يجب أن يخضع لتجربة سنتين، ثم لامتحان لاثبات معرفته الدينية. وعين دانا عضواً في لجنة الامتحانات، لجعل اعتماد هذه الحجة تهرباً من التجنيد، صعبة. وغذى الاسرائيليون النزاعات الداخلية، التي كثيراً ما تبدأ وهمية وتصبح فعلية حين يتم استغلالها، مثل الصراعات بين الوجاهات، وبين الشباب والتقليديين، وفي ما بين اركان العائلات، اضافة الى الصراعات الدينية في شأن تزعم المحكمة الدرزية وهيئتها. ويقول رموز الداخل ان عمليات غسل الدماغ والقولبة المنظمة للدروز تكثفت بعد نشوء حركات رفض التجنيد. وبلغت حد تجريد القرى من تقاليدها العربية، وخلق أزمة هوية جعلت بعض الشباب يتساءل: ماذا أنا؟ عربي؟ فلسطيني؟ درزي أم يهودي؟ وإذ يشرح رموز الداخل اسباب رواج عمليات غسل الدماغ، يعودون الى التركيبة الاجتماعية للدروز حين كانوا أقلية قليلة العدد، فيقولون: عام 1948 كان هناك ثلاثة ثانويين من دروز القرى في المدرسة، فقط. وعام 1957 باتوا ثمانية طلاب. إذ ان صفتهم الجبلية الفلاحية، وزعاماتهم من غير المتعلمين، والبعيدين من المدن، غلّبت الجهل في أوساطهم، لأن المتنورين بينهم كانوا غادروا وهاجروا عند اندلاع المواجهات. وهذا الواقع، غيّب الحياة السياسية في صفوف هذه الأقلية، الى أن بدأت مجموعات منهم اقامة الصلات مع احزاب عربية مثل "التجمع الديموقراطي"، وصولاً الى نجاح القوى السياسية في أوساطهم، في تحقيق نسبة 20 في المئة من المقاطعة الدرزية لانتخاب آرييل شارون رئيساً للحكومة. وهو تطور مهم، في رأي هؤلاء، خصوصاً أن عدد الدروز بات 80 ألف نسمة بعدما كان 14 ألفاً في العام 1948. ويحضّر بعض رموز التحرك ضد التجنيد، لما يسمى "ميثاق المعروفيين الأحرار" ضد الخدمة العسكرية، منذ فصل المحاكم الدرزية والمناهج التربوية المستقلة، عن سائر العرب، في سياق حملة ضد معاملتهم كقومية مستقلة. وينوي هؤلاء اقامة جمعية اجتماعية تدعم رفض التجنيد عبر جمع بعض المال من أجل اعانة من يرفضونه، نظراً الى ان هذا سيحرمهم الوظائف في اسرائيل. وينقل بعض المقربين من جنبلاط عن قيادات درزية في الداخل خيبتهم من سوء التعاطي معهم، سياسياً واعلامياً، ومن التشكيك فيهم، بدلاً من مساعدتهم ومد اليد اليهم، "فنحن فئة ضحية المشروع الصهيوني، بعدما استُفردنا وضُللنا ونعتبر ان اكبر اهانة لنا ان نرى أولادنا يلبسون البزة الاسرائيلية ويقاتلون شعبنا". وهم يعتقدون بوجوب التعاطي مع أوضاع دروز فلسطين انطلاقاً من أن البقاء في الأرض كان انجازاً مهماً يجب استكماله بالدخول في الصراع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني ضد الظلم الاسرائيلي، معتبرين أن تزايد الوعي لسلبيات المرحلة السابقة من غسل الدماغ الذي تعرضوا له، ناجم عن عوامل عدة منها زيارات بعض المقيمين لأقاربهم في سورية ولبنان، إذ يعودون منها بذهنية مختلفة، فضلاً عن دور الفضائيات العربية. لكنهم يشكون في أن هذه الفضائيات تبرز فقط القيادات الدرزية المتعاملة مع الاسرائيليين، بل ان بعض الأنظمة العربية يقدم مساعدات مالية ومنحاً تعليمية الى الذين هم جزء من المؤسسة الاسرائيلية. ويعول رموز الحركة الدرزية الاعتراضية داخل فلسطين على الدعم السياسي والمعنوي الذي يمكن ان يقدمه اليهم جنبلاط لأسباب عدة أهمها: 1 - التعلّق العاطفي لديهم، حتى في صفوف غير المسيّسين، بزعامة آل جنبلاط، كأقلية برز فيها كمال جنبلاط ثم نجله. ففي الكثير من البيوت صور لجنبلاط الأب والابن. 2 - ان الهيئة الروحية الدرزية في لبنان أصدرت، قبل اشهر، بياناً بتحريم التجنيد الاجباري والدعوة الى رفض التعامل مع اسرائيل. وهي هيئة موضع احترام لديهم. 3 - ان المرجعية الدينية للفلسطينيين الدروز، كانت تاريخياً في خلوات البياضة في بلدة حاصبيا، جنوبلبنان، حيث خلوة باسم فلسطين... وبالتالي فإن الارتباط التاريخي بلبنان له جذوره.