ربما من قبيل المفاجأة أن يعترف خبراء وعدد من جراحي التجميل في مصر أن أغلب زبائنهم من الشبان وليس من الكبار أو الشيوخ الذين يبحثون عن مشرط جراح يصلح ما أفسده الدهر.. ولكن المفاجأة الأكبر أن أغلب الشبان الذين يترددون على عيادات ومراكز جراحات التجميل ليسوا أساساً بحاجة حقيقية لمثل هذه العمليات وإنما يجرونها بحثاً عن الموضة أو من أجل لمسة جمال إضافية. فأكثر المترددين على مراكز التجميل أو المراكز الرياضية التي يطلقون عليها "الجيم" والتي أصبح أغلبها منتشراً في الفنادق الكبيرة والتي تتعامل في أسعار باهظة هم من الشبان. ويلجأ بعض الشبان إلى إجراء جراحة تجميلية من أجل تصليح ما يعتبره عيباً خلقياً مثل أنف أرنبي أو أذن خفاشية أو شفة متضخمة، ليضع بهذه الجراحة حداً لمعاناته النفسية، ولكن نسبة لا بأس بها من الشبان بحسب اعتراف عدد كبير من جراحي التجميل يلجأون إليها من دون حاجة حقيقية ولكن بحثاً عن موضة معينة فحتى ملامح الإنسان أصبحت تخضع للموضة مثل الإصرار على النحافة بعد إن كانت البدانة أو الجسد الممتلئ من مقاييس الجمال في مصر، ولكن اللافت والغريب والحديث هو البحث عن ملامح تشبه ملامح النجم المفضل أو النجمة المفضلة! قبل مدة كان هناك ولع بذقن كلارك غيبل وشفتي فيفيان لي، وما أعطى هذا التأثير هو المشاهد الرومانسية التي جمعت بينهما في "ذهب مع الريح" وكان لأنف وللون عينين اليزابيث تايلور صيت وشهرة تشبه الأسطورة وكان للجمال مقاييس كلاسيكية لدى الشبان، الآن هناك براد بيت وتوم كروز وليوناردو دي كابريو وهناك أيضاً نيكول كيدمان وجوليا روبرتس وصوفي مارسو وأخريات. أصبح للجمال مقاييسه المثيرة فلم تعد الشابة تبحث عن ملامح هادئة ورومانسية ولكن عن ملامح مثيرة ومجنونة أو على حد تعبيرهم الشائع "روشة" ومن أجل هذا الهدف ليس هناك ما يمنع من عمل أي شيء أو إجراء أي جراحة، ولم يعد التشبه بالنجم المفضل أو النجمة المفضلة يقف عند حدود تقليد الملابس أو تقليعة الشعر ولكن لا مانع من تقليد لون العينين وانفراج الشفاه، ودقة الأنف، خصوصاً أنه ليست هناك مشكلة بعد التطور المذهل في تكنولوجيا جراحة التجميل. تامر سعيد 26 سنة ويعمل في شركة للهاتف النقال يرى مسألة تغيير الإنسان لملامحه حرية شخصية وأنه بالفعل أجرى مجموعة من الجراحات التجميلية حتى استقر على شكله الحالي وهو يرى نفسه الآن أفضل وأكثر ثقة في نفسه ولم يشأ أن يطلعنا على صورة توضح لنا ملامحه القديمة. هايدي 23 سنة لم تكن لديها مشكلة كبيرة في أنفها ولكن هناك من أقنعها أنه بجراحة بسيطة يمكن أن يقترب شكلها من النجمة التي تعشقها جوليا روبرتس فلم تتردد وأجرت الجراحة بعد فحوصات للتأكد من أن الجراحة الجديدة لن تؤثر على وظيفة الأنف. فريدة 28 سنة قالت أنها كانت تتألم لصدرها الكبير المترهل والذي لم يكن يتناسب مع طبيعة جسمها النحيل وكانت تشعر أنه ينتقص كثيراً من جمال ملامح وجهها وباتت تشعر بعقدة كبيرة و"ديفو" خطير في الشخصية إلى أن نبهها أحد إلى إمكان إجراء جراحة بسيطة لتصغيره وبعد تخوف وتردد لم يطولا كثيراً أقدمت على هذه الجراحة التي قالت عنها أنها تجرى الآن بكثرة وفي شكل عادي. أما هدى محمود فقالت: إنها اصيبت لوقت طويل بأمراض نفسية نتيجة عدم رضاها عن أنفها الطويل المدبب والذي احتاج فعلاً لجراحة تجميلية لتصليحه ولكن عندما تمت هذه الجراحة اكتشفت أن معاناتها لم تنته وأن تقصير الأنف أدى إلى بروز الشفاه في وضع متضخم الأمر الذي احتاج إلى جراحة لتصليحهم ومنذ ذلك الوقت وهي تدخل في جراحات أما لتعديل الشكل الجمالي لأحد ملامحها الذي تأثر بإجراء جراحة لملمح آخر أو إجراء جراحة مكملة لتحسين الوظيفة بعد الوضع الجديد. سامي محمود 29 سنة لا يتحدث عن نفسه ولكن عن عدد من اصدقائه الذين يجري أغلبهم جراحات تجميلية من النوع البسيط ربما لإرضاء صديقته أو البنت التي وقع في غرامها وينوي الزواج منها واغلب هذه العمليات في لتخسيس او تصليح أنف أو اذن وهناك ايضاً موضة جديدة تسري بين الشبان وتروج لها اعلانات الصحف اسمها زرع الشعر بعدما كان الصلع موضة لفترة لا بأس بها. ولا تعترض خبيرة التجميل هويدا نصار على اجراء جراحات لاصلاح ملامحها او ابراز جمالها أو اصلاح عيب بدأ يظهر مع الزمن أو نتيجة الممارسات الحياتية الخاطئة ولكن بشرط أن تتم هذه الجرحات على أعلى درجة من المهارة حتى لا تؤدي الى نتائج عكسية او تشوهات في اجزاء أخرى. وتضيف أنها لاحظت أن معظم الشابات من زبائنها اصبحن على استعداد لاجراء مثل هذه الجراحات مثل الجراحة الخاصة بعلاج ترهل الثديين أو ارتخاء الجفون أو ظهور عيوب في الجلد نتيجة نقص الكولاجين في الوجه، المهم أن اللجوء الى التدخل الجراحي بات مسألة عادية لكون المكياج والمساحيق والماسكات الأقنعة لا تكون في اوقات كثيرة كافية لاخفاء عيوب ظاهرة في الملامح. الدكتور أحمد ابو السعود احد أشهر جراحي التجميل في مصر يؤكد أن لجوء الشبان الى جراحات التجميل مسألة باتت عادية للغاية ولم تعد تتم في الخفاء نتيجة الانفتاح على العالم عبر الاطباق اللاقطة والانترنت فالدنيا بالفعل تغيرت وما كان يخجل منه البعض في أزمنة مضت، أصبح واقعاً مقبولاً حالياً. ويؤكد ابو السعود ان جرحات التجميل، على رغم أنها اصبحت تتم في شكل أسهل وأفضل نتيجة التكنولوجيا المتقدمة جداً إلا أنها تخضع لمعايير طبية وعلمية لا أحد يستطيع أن يتجاوزها فلا أحد حر تماماً في تغيير شكل أحد وهذه إحدى مشكلات الشبان عندما يأتي احدهم الى العيادة ويطلب تقصير أنفه أكثر مما يجب لأنه معجب بأنف نجم معين وهنا تبدأ رحلة الاقناع عبر الصور الفوتوغرافية والرسم على الكومبيوتر. وهناك نقطة فنية أخرى الى جانب مسألة النسب وضرورة ان يكون هناك انسجام في ملامح الانسان هي مسألة الوظيفة بمعنى أن يكون هناك حرص على ألا تكون الجراحة التجميلية على حساب وظيفة العضو الذي خضع للتجميل. فماذا يفيدك أن تكون مستمتعاً بأنف جميل ولكنك لا تستطيع ان تتنفس به جيداً! الدكتور هشام ابو العينين استشاري جراحة الفك والاسنان يقول إن نسبة كبيرة من التشوهات التي يشتكي منها الشبان تقع في مجال الفك والاسنان ربما لأن أي تشوه في هذه المنطقة يفقد الانسان الانسجام المطلوب بين ملامح وجهه فبروز زائد عن الحد في الفك او تشوه كبير في الاسنان من شأنه أن يشعرنا بعدم الثقة والارتياح الى مظهرنا. ويؤكد ابو العينين بداية على العلاقة بين جمال اعضاء الانسان واتساقها وبين قدرتها على القيام بوظيفتها على أعلى درجة من الكفاية والنقطة الاخرى التي يؤكدها أنه لا ينبغي ان تصل جراحات التجميل الى حد مجاراة الموضة واختلاف الذوق من وقت الى آخر، فبينما كان الفم الصغير الذي يشبه خاتم سليمان والذي لا ينفرج إلا عن ابتسامة صغيرة وخجولة هو الموضة، اصبح هناك حالياً الفم الواسع الذي يمتلك القدرة على الابتسامة العريضة والكشف عن اسنان جميلة وبيضاء مثل حبات اللؤلؤ.