"اعتدنا ألا نرحب بأهل البيت، لكني سأختصكم بصوت حزام "مرحباً تراحيب المطر" يقولها مرة واحدة أياً كان الضيف، ثم يكف. حزام الذي لن تروه. حزام الذي لن يقرأ الحزام. هل كان يكفي غيابه وغياب معظم المعنيين بهذا النص كيما أكتبه بلغة غير لغتهم؟ لا. ولكن لأن حزام أورثني ذاكرته وذاكرة القرية لذا كان علي أن أعثر على ذاكرة تحمله وتحملني... ما ان صدر الحزام باللغة الفرنسية حتى اكتشفت أن آخرين لا أعرفهم سينقلونه إلى لغاتهم، لكن أكثر الترحيب ألفة وحميمية ما قالته قارئة من المغرب العربي: "هذه ذاكرتنا ردت إلينا". "عدت إلى باريس وبينما كنت أعمل على تصحيح التجارب المطبعية البروفات جاءت أخبار القرية لتعلمني بأن حزام في المستشفى. اتصلت به... أود إخبارك بأن كتابي سيصدر قريباً وهو يحمل اسمك. لكن هذا الاسم تحول إلى مؤنث في اللغة الفرنسية، والحزام كما علمتنا يا حزام يكشف عن كل شيء: شاعرية النساء وكبرياء الرجال وزهوهم، وأنت يا أبتي حزام لم تخف عني شيئاً منذ عرفتك". ما سبق مقاطع من "تراحيب" و"خاتمة" رواية "الحزام" للكاتب السعودي أبو دهمان التي أعاد كتابتها باللغة العربية بعدما كان كتبها بالفرنسية وصدرت في اثنتي عشرة طبعة عن دار "غاليمار" ورحبت بها الأوساط الفرنسية في شكل لافت. هذه الرواية استقبلت في السعودية بهجوم شديد على رغم أن معظم الذين كتبوا عنها لم يقرأوها، لجهلهم بالفرنسية، ولكن قيل لهم، أو شبه لهم، أن أبو دهمان فضح القرية عند الفرنسيين، وأرخى "الحزام" عن قصص "الختان" وحكايات صغيرة أو سرية تجري في الحقول، أو كتب نصاً لا يكترث بالكتابة التقليدية. الهجوم الكاسح الذي استقبلت به الرواية الجميلة أكد أن الساحة الثقافية السعودية بحاجة إلى قطع أحزمة كثيرة لينكشف ما فيها من جهامة وأمراض ورفض للرأي الآخر، وكره للاختلاف والنجاح. ومرحباً ألف يا أبو دهمان.