أضيف الى الأحزان الفلسطينية اليومية الكثيرة أمس حزن جديد كبير بوفاة المناضل فيصل الحسيني مسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية رئيس "بيت الشرق" في القدسالشرقية بينما كان في الكويت للمساهمة في مؤتمر ضد التطبيع مع اسرائيل. وقد اكتسب أبو عبدالقادر في حياته محبة مواطنيه واحترامهم لصدقه وإخلاصه وتفانيه في الدفاع عن القدسالشرقية أمام الهجمات الاستيطانية والتهويدية الشرسة، التي ما زال الاحتلال الاسرائيلي البغيض يشنها على المدينة. وكان الرجل دائماً في طليعة المتظاهرين والمعتصمين والمشاركين في الاضراب عن الطعام، واحداً من الناس، جمّ التواضع، صلباً في التمسك بالحقوق العربية والاسلامية والمسيحية في مدينته. وصار "بيت الشرق" في القدس تحت إدارته بمثابة مقر لمنظمة التحرير الفلسطينية في المدينة يزوره الساسة الأجانب إقراراً منهم بأن القدسالشرقية محتلة حسب نص القرارات الدولية. كما صار "بيت الشرق" بقيادته مركزاً للوثائق والدراسات المتصلة بالمدينة يؤكد فلسطينيتها وعروبتها وطنياً وقومياً، واسلاميتها ومسيحيتها دينياً، ويرصد التغلغل الاسرائيلي اليهودي فيها. كان الحسيني محاوراً ذا وجه مدني متحضّر وحجة عاقلة. وفي الفترة السابقة لمفاوضات أوسلو السرية حاول وزير الخارجية الأميركي في ذلك الحين، جيمس بيكر، اقناع الحسيني والدكتورة حنان عشراوي وغيرهما بإدارة ظهورهم ل"أولئك المهرّجين في تونس"، قاصداً بذلك قيادة منظمة التحرير هناك في تلك الأيام، ولكن الذين كان بيكر يحدثهم في القنصلية الأميركية في القدس خيّبوا ظنه. وعندما تعثرت مفاوضات واشنطن، العلنية، التي قاد فيها الدكتور حيدر عبدالشافي الوفد الفلسطيني، استدعى الرئيس ياسر عرفات الوفد الفلسطيني، بمن فيه الحسيني وعشراوي، الى تونس ليثبت للأميركيين، وللاسرائيليين طبعاً، أن الصف الفلسطيني موحّد. وتنطوي السنون تباعاً منذ اتفاق أوسلو في العام 1993 من دون أن يشهد الحسيني والشعب الفلسطيني نهاية الاحتلال الاسرائيلي. وجاءت وفاة الحسيني غداة اجتماع أمني آخر فاشل بين الفلسطينيين والاسرائيليين على حدود قطاع غزة مع اسرائيل، عُقد بناء على طلب الأميركيين وبمشاركتهم. بعد تقرير لجنة ميتشل صارت إدارة بوش "مخدوعة" طوعاً بوقف النار الذي أعلنه ارييل شارون على رغم ان جيشه كان يدك مواقع فلسطينية أمس خلال الاجتماع الأمني عند معبر "ايرز". وصارت ادارة بوش تطالب الفلسطينيين بوقف النار من دون أن تصر على وقف الاستيطان اليهودي الإجرامي. وبات هدف الأميركيين والاسرائيليين موحداً: انهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتكريس الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. ولكن من الواضح أن الفلسطينيين لن يوقفوا الانتفاضة الى أن ينتهي الاحتلال مهما كان بطش السلاح الأميركي في يد مجرم الحرب ارييل شارون. ان للعرب في صراعهم مع اسرائيل عدوين أولهما الولاياتالمتحدة.