في حين يترقب عالم الاتصالات إطلاق "هواتف الجيل الثالث" Third Generation او 3G النقالة، تكاد لعبة "نينتاندو" لجيل الانترنت في اليابان تغير قواعد اللعبة في السوق والتقنية معاً. وتسمى تلك اللعبة Advanced Game Boy، أي "صبي اللعبة المتقدم" وهي مطوّرة من "صبي اللعبة" Game Boy التي انطلقت من اليابان وغزت العالم. تُعد "صبي اللعبة" الأولى في ألعاب "نينتاندو"، وقد حققت ارباحاً قيمتها مئة مليون دولار، منذ اطلاقها قبل عقد من السنين. ظاهرياً، تتشابه اللعبتان، ما خلا ان للجديدة شاشة اكبر بمعدل 50 في المئة ومعالج صور أسرع ثلاث مرات من القديمة. ولا يزيد ثمن "نينتاندو" الجديدة عن مئة دولار. وبفضل معالج قوته 16 ميغاهيرتز وذاكرة عشوائية 32 بايت ورقاقة من نوع RISC من صنع IBM، تتمتع بصور نقية سريعة الحركة ولها 32 ألف لون، ويتحكم بها جهاز "بلاي ستايشن" Play Station. والفارق الاساسي الذي يلفت الخبراء، لا يكمن في "نينتاندو"، بل في الهواتف الخلوية اليابانية، خصوصاً تلك التي تتولى خدمتها شركة "أن تي تي - دوكومو" NTT Docomo. أي مود I-mode الانترنت دائماً في الخلوي! ومنذ العام 1999، انفردت اليابان باعتماد خيار تقنية "أي مود" I-mode طريقةً لدمج الاتصالات الخلوية مع شبكة الانترنت. ويرمز الحرف "أي" I في كلمة أي مود I-mode الى الانترنت. وتعتمد تلك التقنية بث الانترنت من شبكة "بي دي جي" PDG للهواتف الخلوية، فتصبح كأنها راديو يبث على مدار الساعة. والتشبيه مقصود تماماً، والأصل ان الهواتف الخلوية كافة ترتكز على تقنية بث الراديو عبر موجات ذات ذبذبات محددة. أذاً، تلتقط الهواتف اليابانية من نوع I-mode الانترنت طوال الوقت، كمن يستمع الى جهاز راديو. ويشبه التنقل بين مواقع الانترنت الانتقال من محطة راديو الى اخرى. وتشترط تقنية I-mode ان تكوّن مواقع الانترنت "محوّلة" الى موجات بث خلوية. وفي اليابان، راهنت شركة "دوكومو" على طريقة I-mode، واستطاعت اقناع ما يزيد على 6 آلاف موقع انترنت، جلّها في اليابان، باعتماد موجات البث لنقل محتوى الموقع الى شبكة PDG، ومنها الى الجمهور العريض. وفي زمن يسير، وصل عدد جمهور I-mode في اليابان الى عشرة ملايين مستخدم هذا العام. ويدل الرقم المليوني الى نجاح التجربة داخل اليابان، التي يبلغ عدد سكانها نحو 120 مليون نسمة. والتقط العجوز الماكر هيروشي ماموشي 73 عاماً، مدير شركة "نينتاندو"، خيط نجاح I-mode وفتح له الباب موارباً في لعبة "صبي اللعبة المتقدم"! وصممت اللعبة لتتواءم مع تقنية I-mode، اذ يمكن وصل اداة "نينتاندو" بهاتف "أي مود" ومشاركتها بين لاعبين عدة. وتقوم هذه الخطوة على مبدأ "مشاركة الملفات" الذي يثير نقاشاً ساخناً في عالم الانترنت، كما في قضية شركة "نابستر" مثلاً. ويُعطي وضع لعبة شائعة مثل "نينتاندو"، على خط الاتصال المعلوماتي، نموذجاً عن مشكلة المحتوى او المضمون Content، وهي أولى الاولويات في المعلوماتية. ويوفر المحتوى دفعة جديدة لنجاح I-mode الذي اعتمد سماتٍ، مثل الاتصال المستمر بالانترنت ورخص سعر الاشتراك 3 دولارات شهرياً وسهولة الاستعمال وتوافر مواد الترفيه الكارتون والافلام، إضافة الى الاتصال الخلوي نفسه. وتأتي هذه الدفعة الايجابية لأسلوب I-mode في وقت تستعد شركة "دوكومو" للانطلاق نحو الاسواق العالمية. ولعل "نينتاندو" اداة مناسبة. فأدوات "بلاي ستايشن" وألعاب "نينتاندو" تملأ العالم وتجذب الشباب والأصغر سناً. ماذا عن WAP؟ الجيل الثالث بين طريقتين هل وجد هاتف الانترنت ما يسميه بعض الخبراء "التطبيق القاتل" Killer Application ذاك الذي يصل الى الجمهور ويصرع كل العقبات؟ وهل تتمكن لعبة اطفال الانترنت من حسم صراع التقنيات؟ يعتبر "واب" Wireless Application Protocol الخصم المناوئ لهاتف انترنت، وبالأحرى العكس. قُلْ "واب" لا "ويب". رُفع هذا الشعار القوي في معرض "سيبت 2000" في هانوفر المانيا، وبَشّر بقرب ذيوع الانترنت اللاسلكية في العالم. ويعني الأمر ايضاً، دمج الانترنت بالاتصال اللاسلكي، خصوصاً الخلوي. وتوقّع بعض مريدي "واب" حدوث انقلاب جذري في عالم المعلوماتية والاتصالات بأثر "واب" الجديد. ويصعب القول إن الوقائع جاءت مصداقاً لهذه التوقعات المتفائلة، بل لعلها تعاكسها تماماً. وباستثناء "خدمة الرسائل القصيرة" SMS، يصعب القول ان أياً من تطبيقات الاتصال المعلوماتي المرتكز على "واب" أصاب نجاحاً كبيراً. وعلى سبيل التذكير، تنقل محتويات الانترنت عبر حزم رقمية Packets اي "باكيت" يديرها بروتوكول انترنت IP وتتعامل معها لغات متعددة شائعة مثل HTML وJava وغيرهما. وتعتمد ادوات المعلوماتية وتطبيقاتها تلك البنية. وهَجَرَ WAP الأمر كله، واستقل لنفسه ببروتوكول خاص لنقل حزم Packet، واعتمد لغة خاصة هي WML. ولم يذهب هاتف الانترنت هذا المذهب، وبقي على لغة HTML، عبر تطوير لغة CHTML. وشرع اختصاصيو "واب" في تطوير لغة جديدة هي WAP 1X، التي تحتاج الى تبنٍ من مواقع الانترنت كافة لكي تعم فيها. ويتباهى WAP بقدرته على توفير الاتصال السريع عبر موجات نطاق واسع Wideband. ويبدو "أي مود" بطيئاً، ولا تتجاوز سرعة النقل فيه 6،9 كيلوبته في الثانية. وأخيراً، اشترت شركة "دوكومو" تقنية W-CDMA، التي طورها الجيش الاميركي لنقل الاصوات وشرائط الفيديو، ثم استغنى عنها. وهي تؤمن سرعة تصل الى 384 كيلوبته في الثانية. ويعد اختصاصيو I-mode بالوصول الى سرعة 2 ميغابايت في الثانية مع حلول العام 2003. فهل يشهد اطلاق هواتف 3G في أيار مايو الجاري بداية مرحلة جديدة بين تقنية WAP، ذات المنشأ الغربي، وI-mode الذي بات يابانياً؟ وهل يأتي الحل حسماً أم وفاقاً؟ وهل يتم التوافق على "لغة مشتركة" بين التقنيتين؟ تقترح شركة "دوكومو" التوافق على لغة جديدة تسميها WAP2.0 وتستطيع العمل مع HTML ولغات اخرى مثل XML. وتميل شركات عملاقة في عالم المعلوماتية والاتصال، مثل "مايكروسوفت" و"أنتل" و"هيوليت باكرد" و"صن مايكرو سيستمز" و"موتورولا" و"أريكسون" الى التعامل ايجاباً مع هذا الاقتراح. فهل يأتي الحل توافقاً، أم يحسم "صبي اللعبة المتقدم" كل ذلك الصخب؟ [email protected]