تجدها قلقة، مترددة، متوترة، خائفة من تصرفاتها وسلوكها أمام الجنس الآخر، وذلك بسبب نظرته وتعليقاته المستمرة على أسلوب حياتها، وطريقة معيشتها، وكل ما تفعله وما تقوم به سواء في طريقة تناولها للطعام أو طريقة مشيها أو طريقة كلامها... ومن خلال استطلاع قامت به "الحياة" مع بعض الفتيات للإطلاع على مواقفهن وردود فعلهن إزاء ذلك كانت لهن الآراء الآتية: قالت سمر بقدونس 27 عاماً: "أصبحت هذه العادة من صلب الحياة اليومية، وبرأيي يجب ألا نزعج أنفسنا بهذا كثيراً، ما دمنا اعتدنا عليه، إلا أنني أشفق وبحق على هؤلاء الشبان الذين يقضون معظم أوقاتهم في الشوارع لرؤية الفتيات، وفي الوقت نفسه ألوم المجتمع الذي لا يؤمّن فرص التلاقي بين فتياتنا وشباننا، إن هذا مهم جداً، فالحرمان من شيء يؤكد ويعزز ويزيد الحاجة إليه، ويلُحُ عليهم بأشياء قد يرفضونها ضمنياً، ولا يريدون القيام بها، فلماذا لا يهيئ المجتمع لنا اللقاء بعيداً عن الضغط؟ والتعارف عن قرب...". دينا الملا 25 عاماً: "صرت أجد أن "التلطيش" في الشوارع أمراً عادياً ومستساغاً من قبل المجتمع، يقوم به الشبان بكل أريحية ومن دون اي رادع أخلاقي، فعندما أمشي في الشارع، أحاول ان أشغل ذهني بموضوع ما حتى لا أنتبه لأقوالهم السخيفة، وأعتقد أن الشاب الذي يقوم بهذا غير محترم، وغير لائق ولا يتحلى بصفات جيدة". ويعلق على هذا الأخصائي رياض اسماعيل علم اجتماع - 40 عاماً: "يبقى المجتمع في ظل الثقافة الاجتماعية والتقليدية التي يعيشها ويحافظ عليها ويتشبث بها هو المسؤول الرئيسي عن مشكلات الشباب التي تحدد تصرفاتهم السيئة، وتجعلهم يبدون تائهين، يتخبطون بكل ما يجدونه أمامهم". ويتابع قائلاً: التحرش ما هو إلا حصيلة الثقافة الاجتماعية والمدنية والظروف الاجتماعية والعائلية والاقتصادية المختلفة والمتفاوتة، وهو يتناول المجال الجسدي والجنسي، ويظهر بخاصة عند من حُرم عليه الاحتكاك بالفتيات أي إقامة علاقة معهن، فأصبحن كالسر الذي يحب أن يكتشفه، وهذا ناتج بالطبع من الكبت والحرمان الطويل مما ولد لديه استعداداً لعمل أي شيء يحقق له ما يريد". وتعبر نسرين عوا 24 عاماً بغضب عن موقفها تجاه الشاب الذي لا يحترم شخصيتها قائلة: "على ما أعتقد ان أكثرية الشبان يتعرضون للفتيات بكلامهم البذيء في الشوارع، وهذا سلوك غير مؤدب وخال من أي مسؤولية واحترام لهم وللأنثى التي يعاملونها فقط كجسد، فلا ينظرون إليها كشخصية كاملة لها مثلما لهم من حقوق وواجبات وأعمال ودراسات...الخ. وعلى ما أعتقد ان هذا الأمر بيدهم، فإذا ابتدأ كل واحد منهم بتهذيب نفسه، وبإقناع غيره بعدم الوقوع في مثل هذه التفاهات، لتم إصلاح جزء هام وكبير من شباننا". تقول رانيا عيسى 28 عاماً: "إن أسوأ ما يقوم به الشبان أو الرجال هو التحرش بالأيدي أو التلفظ بالكلام البذيء، وبالقيام بأشياء منافية للمنطق وللأخلاق، إلا أن هذا لا يليق إلا بهم، وبمستواهم المنحط والحقير، فأنا أستغرب في ظل هذا العصر الحديث وجود بعض هؤلاء الأشخاص الذين لا أستطيع وصفهم إلا بأنهم مرضى، فعندما أرى شيئاً كهذا أو أسمع به من إحدى صديقاتي أو أخواتي، أحس أن جسمي كله بدأ يهتز ويتبدل كل مزاجي طوال النهار، وأشعر بكره شديد تجاههم، وأتمنى لو أن الدنيا تخلو من الشبان، ولا يبقى فيها سوى البنات". أماني الطويل 23 عاماً: "إن عادة ركوب الدراجة دارجة كثيراً هنا، فيستغل معظم الشبان هذا من أجل أن يقوموا بأشياء تحقق لهم شيئاً ما، فيفعلون فعلتهم ويهربون، أذكر مرة أنني أردتُ عبور إحدى الحارات، وإذ بشابين يركبان دراجة، فلم أنظر إليهما، أردتُ أن أسلك الطريق، وإذ بهما يعترضون طريقي فاصطدمت بهما، ولم يكن مني إلا أن قبضت بيدي وضربت أحدهم على ظهره، فشتمني بحقد ورددتُ عليه فوراً، إلا أنني عندما عدت وتذكرت منظره وأنا أضربه ندمت، لأنني وجدته شاباً ولا يستحق الضرب لو أنه كان متوازناً قليلاً، لكنني في الوقت نفسه بررت لنفسي عملي هذا بالقول هذا جزاءه ويستحقه، ولكني أريد أن أفهم شيئاً واحداً، ما هو موقع الأنثى هنا، ومتى ستظل تحت قدمي الرجل، ومتى ستفك قيودها...؟!". تقول ديما النجار 19 عاماً: "إن هذا يقلل من قيمة الشاب قبل ان يقلل من قيمة الفتاة على ما أعتقد". هناك من وجدن متعة وتسلية بتحرش الشبان بهن كلامياً في الطريق، وقد وجدن أن هذا يحقق لهن شيئاً ما يرضي أنوثتهن وينشيها، فرضين به. وتقول نورس يعقوب 16عاماً: "أضحك وأنبسط احياناً إن سمعتُ كلمة جميلة من شاب ما في الشارع، فهذا يشعرني أكثر بأنوثتي ويجعلني أبدو متميزة وسط فتيات جيلي. وبخاصة إن كنت بين مجموعة من صديقاتي واختارني أنا بالذات، فهذا ما يعزز كبريائي، ويجعلهن ينظرن إليَّ نظرة وإن كانت خفية، مملوءة بالحسد والغيرة، إلا أنني عندما أسمع كلمة بذيئة أتمنى لو أنني أستطيع ضرب صاحبها أو شتمه". وتقول سلام ديوب 22 عاماً: "جميل عندما تكونين سائرة مع أحد أو وحدك أن تجدي شاباً يتغزل بك بكلام جميل وطيب، فيجعلك تفرحين لوهلة، وأحبُ أيضاً عندما أجد أحداً ما في الشارع ويعجبني ان أمتدحه على جماله، لكنني لا أستطيع خوفاً من نظرته ومن نظرة المجتمع، التي لا تخلو من الاحتقار. فالشاب يحقُ له ان يفعل ما يشاء أما الفتاة فلا، لأن ذنبها هو أنها فتاة". وتضيف لينا عبدالله 21 عاماً: "عندما أرى شاباً جميلاً في الشارع أو في مكان آخر، وأنظر إليه فلا ينظر إلي أو يقول شيئاً أحس أنني غير جميلة وغير جذابة، ودليل هذا برأيي هو رفضه حتى مجرد ان يلقي عليّ نظرة، ما يجعلني أغضب من نفسي لأنني نظرت إليه ولم ينظر إليّ، فأتساءل ماذا يحسب نفسه، وأندم لأنني اكترثت به". وتقول سهام احمد كامل 20 عاماً: "أحس بالخجل إن أردت أن أتناول شيئاً في الشارع، فلا أعرف كيف سيبدو منظري امام الآخرين وكم من مرة أسمع كلمة "صحة" مما يجعلني حقاً أحس بعدم الرغبة بإكمال سندويشتي أو ما أحمله بيدي، أشعر بأنني في سجن من المراقبة، فكل من حولي يراقبني وينتظرني على "حركة" حتى يتمكن مني". وتعلق ليلى غانم 18عاماً قائلة: "إن صادف وكنتُ أمشي ووجدتُ مجموعة من الشبان أمامي، أحضرُ نفسي وكأنني سأمثل دوراً ما، فأتصرف من دون عفوية، فإما أن أقوم بخفض رأسي تفادياً لنظراتهم، أو أحاول أن أمسك شيئاً ما بيدي حتى أمرُ، أو أقوم بالنظر حولي وكأنني أرى ما حولي لأول مرة، مع أنني قد مشيت في مثل هذا الشارع مئات المرات، لا تستطيعون أبداً تقدير الحرج الذي أشعر وأتعرض له، فمتى سيكف الشبان عن هذا، ويجنبوننا الإحراج". تقول ربى ابراهيم 29 عاماً ساخرة وخجلة بسبب المواقف التي تتعرض لها من رجال في عمر والدها: "لا يتوقف الأمر على الشبان فقط، فهناك بعض الكبار في السن وهذا عيب ويقلل من قيمتهم واحترامنا لهم، فهؤلاء يتبعون مبدأ "كل ما كبر هبل"، فإذا كانت قدوة المجتمع هكذا، فبرأيي أنه لا يجب ان نلوم شباننا أبداً". وتذكر جمانة خليل 25 عاماً: "رفاق السوء يجرّون وراءهم من كان صالحاً فليس كل الشبان متشابهين كما أن أصابعك ليست كلها مثل بعضها".