أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك، خلال عشاء الدولة الذي أقامه، أول من امس، على شرف نظيره اللبناني اميل لحود، ان لبنان سيوقع في تموز يوليو المقبل اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وأوضحت مصادر أوروبية أن لبنان اصبح جاهزاً لتوقيع هذا الاتفاق خصوصاً أن لحود أعرب خلال العشاء عن ارتياحه وموافقته عليه. وذكرت أن شيراك تناول الموضوع أمس مع رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي في قصر الإليزيه، وتوقعت ان يصبح الاتفاق جاهزاً للتوقيع، نهاية تموز. وعما يعنيه الاتفاق للبنان، أشارت المصادر الى أنه يزيل العوائق الجمركية ويؤدي الى خفض الرسوم على المنتوجات الأوروبية في لبنان وعلى السلع اللبنانية ومنها الزراعية في أوروبا. وقالت إنه يشكل بالنسبة الى لبنان انفتاحاً على الاقتصاد العالمي، على رغم ان أوساطاً مصرفية رأت أنه سيؤدي الى خسارته عائداته الجمركية. لكن مصادر أوروبية اعتبرت ان تعويض هذه الخسارة ممكن عبر الإجراء الذي تنوي الحكومة اللبنانية اعتماده ويقضي بفرض ضريبة القيمة المضافة. يذكر ان وزير الاقتصاد باسل فليحان كان اول من امس في بروكسيل حيث تناول موضوع اتفاق الشراكة الذي يواجه عراقيل بسبب السلع الزراعية، يُعمل على تجاوزها قريباً. والتقى لحود أمس رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان في قصر ماتينيون شارك فيها الوفد اللبناني المرافق الذي انضم إليه نجل الرئيس رالف لحود. وسبقها لقاء منفرد بين لحود وجوسبان استغرق نصف ساعة، في حين لم يحصل لقاء منفرد بينه وبين شيراك. وتبع ذلك لقاء موسع استمر 45 دقيقة، قالت مصادر في رئاسة الحكومة الفرنسية ان جوسبان "أبدى خلاله اهتماماً شديداً بالعرض الذي قدمه لحود وأصر عبره على شرح عدم إرسال الجيش الى الجنوب". ونقلت عن لحود أن الجيش "على مسافة تمكنه من الانتقال في غضون ربع ساعة الى الجنوب إذا اقتضى الأمر". وأضافت ان الجانب الفرنسي اهتم بتركيز لحود الذي تعد إعادة بناء الجيش أحد انجازاته الرئيسية، على "عدم تعريض هذا الجيش لما من شأنه المساس بوحدته". ووصفت أوساط جوسبان اللقاء بأنه "ودي وجيد وأن لحود كان مرتاحاً خلاله إلى درجة انه روى تاريخ العلاقة التي تربطه بالسوريين وتناول أول لقاء له مع مسؤول سوري كبير طلب مقابلته". وتابعت أن لحود تطرق الى احداث وقعت خلال الحرب في مناطق لبنانية، ومنها نهر الكلب من دون أن يأتي على ذكر العماد ميشال عون، بل اكتفى بالقول إن الأطراف الذين كانوا يتقاتلون في حينه باتوا متحدين اليوم للحديث عن حقوق الإنسان. ونقلت الأوساط عن جوسبان قوله إن طرح مسألة حقوق الإنسان في لبنان مصدر فخر لهذا البلد. وتابعت أن لحود أكد ان "العمق الاستراتيجي للبنان هو سورية، وأن الدليل ظهر خلال احداث الضنية وأن الجنوب اللبناني لم يكن على درجة الأمن المتوافر فيه اليوم". وذكرت ان جوسبان اكد أنه لا يتدخل في النقاش اللبناني الداخلي، وأنه التقى رئيس الحكومة رفيق الحريري وسلفه سليم الحص ويلتقي الآن لحود، وعبّر عن ارتياحه إلى اللقاء المرتقب بينه وبين الرئيس السوري بشار الأسد الشهر المقبل. وأضافت انه عبّر عن أمله بمواكبة نهج التحديث الاقتصادي والاجتماعي في سورية وأقر بشرعية المطالب السورية في الجولان. وأفادت أن اسم "حزب الله" لم يرد خلال المحادثات، وأن لحود استخدم في حديثه عبارة "مقاومة". وأشارت الى أن جوسبان عبّر عن "شكه في إمكان التوصل الى حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين". وقال: "ينبغي أولاً وقف العنف وتهدئة التصرفات، وركيزة هذا النهج تقرير ميتشيل والمبادرة المصرية - الأردنية". وتابعت أن الأهم في نظر جوسبان وقف الاستيطان. وكان لحود توجه صباحاً الى قوس النصر في اليوم الثاني لزيارة الدولة لفرنسا، لوضع باقة من الزهر عند نصب الجندي المجهول، حيث قامت مجموعة من اللبنانيين بترديد شعارات مناهضة للنظام اللبناني وللرئيس نفسه بصفته "خائناً وعميلاً". وحاول بعضهم مهاجمة لحود بإلقاء البيض في اتجاهه، لكن الشرطة الفرنسية سارعت الى تطويقهم واقتادت بعضهم الى المخفر. وذكرت مصادر "التجمع من اجل لبنان" التيار العوني والشرطة الفرنسية أن عدد المعتقلين بلغ 14، أطلقوا بعد التحقيق معهم. إلا أن مصدراً مسؤولاً في الوفد اللبناني قال ان "الرئيس لم يكن معنياً بالحادث، نظراً إلى بعد المسافة التي تفصل بين مكان وجوده والتجمع". وأضاف أن الاحتفال تم في شكل طبيعي ومن دون أي تعديل. وفي وقت لاحق توجه لحود الى مقر بلدية باريس، حيث أقام رئيسها برتردان دولانوييه احتفالاً رسمياً على شرفه. وفي قاعة غصت بما يفوق 1500 مدعو من الشخصيات الفرنسية السياسية والديبلوماسية وأعضاء الجالية اللبنانية، ألقى لحود كلمة أشاد فيها بدور فرنساوباريس تحديداً، لاستقبالها اللبنانيين خلال سنوات الحرب. وقال إن اللبنانيين وجدوا "مساحة من الحرية والحياة سرعان ما عرفوا كيف يندمجون فيها" وأنهم اليوم "يسهمون في التطور الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لهذا البلد". وحض أبناء الجالية على "المساهمة في إعادة بناء لبنان" والمضي في تمتين "علاقات الصداقة والتعاون التي تربط لبنانبفرنسا". أما دولانوييه فعبر عن أمله "بعودة الاستقرار الى الشرق الأوسط وبإزالة الأحقاد واعتماد الحوار توصلاً الى حلول عادلة ودائمة". وقال: "إن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، مثَّل تقدماً ملحوظاً، وعلى رغم المآسي الحالية فإن الشعب الفرنسي لا يزال يؤمن بالسلام، والانسجام بين شعوب المنطقة". وكان لحود اكد بعد لقائه شيراك، أول من امس، "أن مزارع شبعا لبنانية بحسب القانون الدولي الذي يقول ان أي دولتين تعملان على تحديد الحدود الفاصلة بينهما، وسورية أبلغت لبنان انها لبنانية، وليس للأمم المتحدة ان تقول هل هي لبنانية أم لا". وشدد على أن الجيش اللبناني موجود في المناطق الحدودية "ولكن عندما نكون في حال حرب بين دولتين، لا يوضع الجيش على الشريط الفاصل، وعلى بعد ربع ساعة من الحدود يوجد الجيش، ومذ حصل الانسحاب الإسرائيلي لم يقتل اي شخص، إذاً هناك أسباب ثانية يريدونها من وراء المطالبة بنشر الجيش على الحدود، حتى يقولوا ان سلماً حصل بين لبنان وإسرائيل بطريقة غير معلنة، نحن نقول لا، حال الحرب ما زالت قائمة حتى يتم تحقيق أمور عدة: استرجاع مزارع شبعا الى السيادة اللبنانية وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى أرضهم وإطلاق الأسرى والمعتقلين من السجون الإسرائيلية والانسحاب من الجولان الى خط الرابع من حزيران يونيو عام 1967، هذا يكون لمصلحة الجميع. أما ان يقولوا لنا إننا سنحصل على دعم إذا عملنا ما يريدون، فهذا غير ممكن، فماذا بعد طائرات اف 16، هناك القنبلة الذرية". وعن "حزب الله"، قال لحود: "لو لم يكن موجوداً لكانت إسرائيل ما زالت في لبنان، وأن الجيش اللبناني يقف الى جانبه، فهذه المقاومة هي التي فرضت على إسرائيل الخروج من لبنان". وعن الدول المانحة، قال: "وعدتنا فعلاً أن اجتماعاً لها سيعقد بعد الانسحاب. ولكن، ويا للأسف حتى الآن لم يحصل ذلك. وأملنا كبير باجتماع باريس، لكن اجتماع الدول المانحة ينص على مساعدات في شكل مختلف ونتمنى ان يعقد".