عام 1995 تقدّم اكثر من ألفي شاب وفتاة للمشاركة في مباراة الطيران التي اعلنت عنها آنذاك شركة الميدل إيست. وبين كل هؤلاء، لم ينجح إلا ثمانية شبان وفتاة واحدة هي رلى حطيط المرأة الوحيدة والأولى في لبنان التي تقود طائرة بمفردها. ولكن بعد الخضوع لمراحل عدة من الامتحانات، توجهت رلى برفقة زملائها الى كل من اسكتلندا وألمانيا وفرنسا للقيام بالتدريبات اللازمة ثم عادت الى وطنها لبنان لتعمل على أجنحة الأرز. وتقول رلى عن الرحلة الأولى التي تسلمت فيها مهام القيادة: "في الحقيقة فوجئت في إحدى الرحلات عندما قال لي زميلي وهو طيّار انه سيترك لي مهمة الهبوط، وكنا متوجهين في حينه الى جنيف، ارتبكت قليلاً في البداية لأن مسؤولية الركاب ليست أمراً سهلاً على الإطلاق، لكنني قلت لنفسي إنه حان الوقت لكي أتسلم وظيفتي كما هي". وحين سألناها عن رد فعل الركاب حين لاحظوا ان قائد الطائرة امرأة قالت: "في الرحلات الأولى، لم يكن أحد يلاحظ انني أنا من سيقودها لأن غرفة القبطان غير منظورة من قبلهم، لكن مع تعدّد الرحلات أصبح بعضهم يعرف انني "الكابتن" وردود الفعل كانت مختلفة، فبعضهم كان يضحك وبعضهم الآخر كان يخاف". منذ ست سنوات تقريباً وأنت تقودين الطائرة، ألم تحصل معك أي مشكلات حتى الآن؟ - لا والحمد لله، بات في جعبتي 3000 ساعة طيران وكلها مرت بسلام، فنحن نتدرب كل ستة أشهر كي نكون على اطلاع تام بكل ما هو جديد تقنياً". نعرف ان الشركة أوقفتك عن الطيران بعد حملك، لكن ما هي القصة من أولها؟ - تزوجت من الطيار فادي خليل عام 1999 وحينها أبلغت الشركة أنني لا أنوي إنجاب الأطفال، لكنني طالبت بنص قانوني يتعلق بالمرأة الطيار خصوصاً إذا حملت. وما حصل أنه بعد مرور سنتين على زواجي، فكرت بالإنجاب، فأبلغت الشركة بالأمر، بعدما وضعت المدير في الجوّ، وسألته عن النتائج التي يمكن ان تترتب عن ذلك، فقال لي إنه في هذه الحال سيتم تطبيق القوانين العالمية، والقوانين المذكورة في كل من الولاياتالمتحدة الأميركية وألمانيا وسويسرا وبريطانيا تذكر ان المرأة الطيار تستطيع ان تتابع عملها كقبطان حتى شهرها السابع. لكن ما حصل معي انني أوقفت عن العمل ولم تمنحني الشركة حتى وظيفة إدارية على الأرض، وفي قوانين الطيران العالمية لا تخسر المرأة الطيار شيئاً من صلاحياتها، بل تتقاضى راتبها باستمرار إضافة الى الضمانات الصحية والاجتماعية خصوصاً في ما يتعلق بتعويض نهاية الخدمة، وللأسف، إن ما هو مطبق في مصر والأردن وتونس في ما يتعلق بالمرأة الطيار غير مطبق في لبنان حتى الآن. ما التحرك الذي ستقومين به؟ - ما زلت مصدومة بالقرار فهل يجوز ان يطبقوا عليّ قانون المضيفات وهل يجوز ان يستمر السكوت على عدم وجود قانون؟ للأسف إنه بعدما طلب مني المدير ان أرسل له تقريراً طبياً يؤكد انني حامل تم إبلاغي انني سأتوقف عن الطيران ريثما تجد الشركة حلاً لقضيتي، وتبين وجود قرار وزاري يعود الى العام 1995 مفاده انه إذا حملت المرأة الطيار تتوقف عن عملها، وفي الشركة بند قانوني يشير الى أن المرأة الطيار تستطيع ان تطير حتى شهرها السابع، وأعتقد ان هذا البند منقول عن القوانين العالمية لكنه لا يطبّق. وماذا إذا لم يتم التوصل الى حلّ مع الشركة؟ - سأنتقل مع زوجي للإقامة في بلد آخر ولا شك انني سأعمل في شركة أجنبية. أخيراً، هل شعرت بأي ندم كونِك تحملين طفلاً خصوصاً بعدما خسرت وظيفتك؟ - لا، لم أندم إطلاقاً لأن هذا الشعور أكبر وأعظم من كل الأمور التي تتعلق بالعمل وبغير العمل لكن إيقافي المفاجئ لم يسمح لي بأن أستمتع بأجمل شعور ممكن ان تحسّ به المرأة في حياتها.