إنها ثورة الانفوميديا Infomedia اي الادوات الالكترونية المتطورة التي تحركها برامج المعلوماتية، هي التي غيّرت، على الارجح، الوسط الاجتماعي - الثقافي حيث يعيش الانسان المعاصر. أنّى تتلفت الأعين تجد اجهزة كومبيوتر وتلفزيون وفيديو رقمي وراديو متطور ومايكرويف وتلفون متصل مع العالم وأداة حاسبة. ويشكله "ذكاء" هذه الآلات خيطاً مشتركاً بينها، ويميزها عن اجيال سبقتها من الادوات الميكانيكية والكهربائية. ويمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه قطاع علمي تستخدم ابحاثه للوصول الى وقت يقوم الكومبيوتر بأعمال هي من مسؤوليات العقل البشري. ويتضمن هذا اموراً كثيرة ليس بالضرورة ان تدل مباشرة الى الذكاء، مثل تحرك "الروبوت" وسط عوائق من دون الاصطدام بها، او حصول جهاز كومبيوتر مزود آلات خاصة على معلومات تفصيلية عن البيئة التي تحيط به. ولزمن طويل، احتكر البشر هذه المؤهلات وسادوا في الارض بمساعدة القدرة على التعلّم والمشاركة في الخبرات وتبادل الافكار عبر اللغة. وما برح الذكاء الاصطناعي "بدائياً" ومقتصراً على بعض البرامج في حفنة من الآلات. ما عمل برامج الذكاء الاصطناعي؟ تقوم برامج الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence وسنختصرها بAI بأمور عدة منها برامج الألعاب حيث تتبارى الآلات مع نفسها او مع طرف آخر مثل الكومبيوتر او الانسان. وقد يلاحظ مستخدمو نظام التشغيل "ويندوز" ان اصداره عام 1995 تضمن لعبة شطرنج عالية الدقة وهي مثال جيد عن AI. وعموماً، فإن عالم الألعاب الذي يتصدر سوقه بمئات بلايين الدولارات، قام على انجازات العلماء ومختبرات الكومبيوترات في مجال AI. ويمكن اي مستخدم كومبيوتر ان يجرّب بنفسه كيف ان بعض الألعاب يتجاوب مع تغيّر الاحتمالات "بذكاء"، وذاك ابسط تطبيقات AI. لا يهم ما هو القطاع الذي قد تتعاطى معه برامج AI، ما يهم هو امكان ان تتعامل هذه البرامج مع الأمور المختلفة. فلربما حضرت مختبرات شركة ما برنامج AI للتعامل مع بيئة صناعة السيارات. وفي هذه الحال، ينبغي للشركة ان تحضّر كل الاحتمالات التي قد يواجهها البرنامج وتلقيمها اياه. فإذا كانت احتمالات العمل محدودة تكون عملية تحضير البرنامج ممكنة وعادية. اما اذا حُضّر برنامج AI ليتعامل مع احتمالات كبيرة ومعقدة فقد تكون العملية غير ممكنة. كأن نحضّر برنامج AI ليحل في كومبيوتر محل كل انواع الجراحين في مستشفى. وهكذا، تعتمد عمليات تحضير برامج الذكاء الاصطناعي كمية المعلومات التي تتصف بها مميزات عمل الانسان تحل محله، فكلما كان دوره اكبر، صار البرنامج اصعب. دخلت برامج AI في الكومبيوترات الخاصة في الحسابات المالية منذ زمن طويل، واستخدمت في شؤون بسيطة مثل حسابات المتاجر اليومية. وهي تعمل على اعطاء تقارير مفصلة عن الارباح او المدفوعات والتكاليف... لأن كل شيء يحصل في المتجر يسجّل اولاً بأول. اما البرامج المعقدة في مجال AI والمستخدمة مالياً فهي مثل برامج البورصة، اذ يفترض قيامها بتخمينات وتوقعات عن "الخطوة المقبلة" وغير المنظورة! فاعتماداً على كميات هائلة من المعلومات المالية السنوية، وأسعار الأسهم، ورسومها البيانية والقواعد والمفاهيم، تقرر هذه البرامج توجهات اسعار الأسهم. تطبيقات عسكرية/ قتالية شهدت دول العالم المتقدمة ولادة جهاز الكومبيوتر عام 1941، وأسرعت الى استخدامه عسكرياً، نظراً الى استعار الحرب العالمية الثانية. وتوزعت الاستخدامات العسكرية للكومبيوتر على السفن والطائرات والآليات البرية والاتصالات العسكرية وأفضل تطبيقاته كانت في فك رموز الشيفرات العسكرية الخاصة بالخصم. وعام 1956 ولد مفهوم الذكاء الاصطناعي، وطوَّر نظرياته المنطقية جون ماكارثي الذي لقِّب ب "أبي الذكاء الاصطناعي". وأفاد الجيش الأميركي من التطورات، وضُخّت ملايين الدولارات الى معهد ماساتشوستس MIT لتطوير AI ضمن مجال "الادراك بمساعدة الآلات" Machine Aided Cognition. ومن المعروف ان جهاز الكومبيوتر الضخم في وزارة الدفاع الاميركية هو الذي يتحكم برد الفعل الاول على اي هجوم نووي. ويستخدم الذكاء الاصطناعي للتحكم بردود الفعل العسكرية السريعة حيال احداث مصيرية. ومن امثلة هذه الاجهزة ما يستخدم الآن في ما يعرف بالجيل الرابع للحروب Fourth Generation Warfare، ويسمى اختصاراً 4GW. وتفوق الاجهزة المستخدمة للتعامل مع هذه الحروب في سرعتها مئات المرات ما نستخدمه نحن كأفراد. فهي قادرة على استيعاب الحالات القتالية للجيوش الكبرى واقتراح العمليات الدفاعية او العكسية. كذلك فهي تقترح انواع الاسلحة الواجب استخدامها، وفي اي مكان ووقت وظروف مناخية. وعلى رغم قدراتها على التعامل مع الحروب العالمية، تقصر ادوات AI عن التعامل مع حروب العصابات، او ما يعرف بالانكليزية Guerilla Warfare. وبحسب قول الكولونيل الاميركي المتقاعد دايفيد هاكورث في كتاباته عن فيتنام: "في حروب العصابات التطور لا يعني شيئاً. فهذه الحروب عقاب للعدو، تجعله ينزف الى درجة يتخلّى فيها عن كل شيء كما فعلنا نحن". وعلى رغم ان موضوعنا ليس الحروب، الا ان ما ذكرناه يدعم فكرة مهمة، وهي ان اجهزة الكومبيوتر الفائقة المزودة برنامج الذكاء الاصطناعي هي ذكية الى درجة لا يمكنها التعامل مع الحالات "غير المنطقية"، كأن يرمي فيتنامي نفسه للتماسيح في النهر لينقذ رفاقه. وطبعاً تمتد تطبيقات AI الى امور عدة مثل تحليل الصور وتفسيرها وتشخيص الامراض، والتخطيط لبرامج الرحلات وترجمة اللغات والاملاء ورسم الجداول والتصميم الهندسي المعقد وتأليف النكات! وتكون النكات التي يؤلفها برنامج AI، عادة، غير مضحكة بالنسبة الى الكبار، الا انها مضحكة جداً للأولاد الذين يجدونها غريبة. انواع الذكاء الاصطناعي 1- الرمزي هذا النوع مبني على المنطق ويستخدم مجموعة متسلسلة من القوانين ليملي على جهاز الكومبيوتر ماذا يفعل في كل خطوة. وتعتمد الانظمة في هذا النوع مبدأ لو، اذاً if,ther. ويقول الخبراء، انه يقوم بعمله في شكل جيد جداً، ما دامت المعطيات كافية للبرنامج من هذا النوع. 2- الاتصالي يستخدم هذا النوع طرقاً تقلد الدماغ لأنه يصل ضمن شبكات عصبية اصطناعية مكونة من وحدات تحليلية تعمل في شكل متوازٍ. وكل وحدة تقوم بعمل واحد، كأن تتعرف واحدة الى اللون وأخرى الى الصوت... 3- التطوري ثمة برامج ذكاء اصطناعي تطور نفسها بنفسها، فهي تحلل طرق عملها وتطورها. ويعتقد ان هذا النوع سيقدم الى العالم جيل ذكاء اصطناعي، يتيح لأجهزة الكومبيوتر ان يدير نفسها.