غزت ملكة الأردن رانيا العبدالله قلوب الناس في الشرق والغرب. وتحولت في غضون وقت قليل الى رمز نسائي تفخر به النساء العربيات، بعدما سحرت الغرب بأناقتها وديناميتها، واحتلت أغلفة كبرى المجلات العالمية، وذهب كثيرون الى اعتبارها الوجه الملكي الجديد عالمياً بعد الأميرة ديانا. وتبدو الملكة قريبة من الكمال فهي تملك السلطة والجمال والأمومة. وتشكل مع الملك عبدالله ثنائياً مثالياً، كلاهما شاب وحيوي وجذاب، والتناغم بينهما يأتي من أن ارتباطهما جاء بعد قصة حب "عندما تزوجنا لم نفكر بالحكم البتة، لم يكن ارتباطنا سياسياً بل نبع من حب مرتكز على التفاهم والإحترام المتبادل". الملكة الشابة هي أم لثلاثة أولاد: حسن إيمان وسلمى، وتجد صعوبة في إدارة وقتها نظراً الى المسؤوليات التي تتحملها الى جانب مسؤوليتها في العائلة التي تحرص على العناية بها شخصياً: "أنا حريصة جداً على الحفاظ على توازن عائلتي وأحب البقاء قريبة من أولادي. أقرأ لهم قصة كل مساء قبل النوم، وآخذهم برحلات الى خارج البلاد، وألتقي دوماً بمعلميهم لمتابعة تقدمهم المدرسي عن كثب". وتبدو الملكة أماً مثالية وتحرص على تلقين اولادها المبادئ والقيم السليمة "أعلمهم إحترام الغير والتسامح والتواضع، إنها الطريقة الفضلى لتلقينهم حس المسؤولية تجاه الأردن وشعبه. إن الإحساس الطاغي في السلالة الهاشمية هو هذا الرابط مع الشعب". الواقع أن الشهرة العالمية التي اكتسبتها الملكة رانيا بسرعة لم تفقدها ميزة التواضع، "أعتبر أن التاريخ منحني فرصة للنضال من أجل القضايا الإنسانية الهامة، وطالما جذبني العمل الخيري مذ كنت أميرة". ولدت رانيا الياسين في الكويت في 31 آب أغسطس 1970 لعائلة أردنية معروفة من أصل فلسطيني. وهي تحمل ذكريات جميلة عن طفولتها: "ولدت في الكويت، في عائلة متناغمة، طالما ارعبتني فكرة فقدان أهلي في الطفولة، وأعتقد أن هذا الخوف ملازم لكل طفل". وعند سؤالها عن أبطالها في طفولتها تجيب من دون تردد: "والدي فيصل ووالدتي إيمان". وطالما حلمت الملكة رانيا بأن تصبح رياضية محترفة "كنت أمارس الرياضة بهدف أن اصبح محترفة لكن ذلك لم يحصل". تابعت دراستها الإبتدائية والثانوية في الكويت ونالت إجازتها في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية في القاهرة عام 1991. "إن هذا الإختصاص ساعدني كثيراً في معرفة إدارة المؤسسات وتفعيلها". بعد تخرجها إندلعت حرب الخليج الأولى مما قلب حياة العائلة رأساً على عقب فانتقلت للإستقرار في الأردن، حيث عملت رانيا في القطاع المصرفي وفي تكنولوجيا المعلومات. في الأردن تعرفت الى الأمير عبدالله وتزوجا في 10 حزيران يونيو عام 1993، وقد وقع الأمير في غرامها من النظرة الأولى. منذ ارتباطها بدأت الملكة القيام بنشاطات عدة، فأسست The Jordan River Foundation وهي مؤسسة خيرية غير حكومية، تهيء المشاريع لمساعدة الشعب الأردني، وتعمل لإعلاء مستوى المرأة الأردنية وزيادة مهاراتها. وتعاونت هذه المؤسسة مع منظمات عالمية وأطلقت الملكة برنامج حماية الأطفال المعذبين وهو الأول من نوعه في البلدان العربية. "قررت مجابهة هذه المشكلة بجدية، كثير من اطفال العائلات الفقيرة يعملون في سن مبكرة. ويتعرض بعضهم للإنحرافات. هذا الأمر موجود في المجتمعات الغنية لكنه أشد وطأة في البلدان الفقيرة حيث المجتمعات التقليدية. ما زال ضرورياً العمل لتأمين الطعام الكافي والمتوازن للأطفال اضافة الى حاجاتهم الأساسية، إنطلاقاً من هنا فقط يمكننا الإنتقال للتفكير بأهداف أعلى لتقدم الطفل". والملكة اليوم هي رئيسة جمعية وهب الأعضاء في الأردن، وترأس the Jordan blood disease society ، اضافة الى مراكز فخرية عدة ترعى الملكة رانيا عدداً غير يسير من المشاريع لزيادة النمو الإقتصادي، وللمساهمة في تطوير التعليم والفنون والثقافة في أنحاء المملكة. والملكة تتقن الإنكليزية والعربية ومن هواياتها القراءة، التزلج على المياه، الركض، وتهوى ركوب الدراجات والطهو. على رغم انشغالاتها الكثيرة لا تتردد الملكة الشابة في الحديث الى وسائل الإعلام العالمية معطية صورة حضارية جميلة عن الأردن والعالم العربي ككل، كما تسافر كثيراً في مهمات إنسانية. ولدى سؤالها عن الأغراض التي لا تفارقها في أسفارها تجيب: "القرآن الكريم وصوراً لأولادي وزوجي". في مقرها الشخصي في قصر البركة يلعب أولاد الملكة بأجهزة الكومبيوتر، وتقول عن هذا الموضوع: "إن أولادي محظوظون جداً وأتمنى أن يحظى كل طفل أردني بتسهيلات مماثلة. بلدنا على غرار كثير من بلدان العالم الثالث عانى عقوداً من الحرب المزمنة، مما يجعل الأولويات فيه تنصب على قطاعات حيوية مثل الصحة وتربية الأطفال. وأنا أكرس نفسي لتقليص الهوة في الحظوظ المعطاة للأطفال بين البلدان الغنية والفقيرة. إن هذه الهوة تحزنني كثيراً". نادرة هي الصور التي تظهر فيها الملكة من دون وجود أطفال حولها، والملكة الشابة لديها طموح دائم وأولي بالنسبة اليها وهو "أن أكون صوتاً لأطفال الغد".