تحولت شوارع القدسالشرقيةالمحتلة اخيرا الى "أفخاخ" لأصحاب السيارات الفخمة من المقدسيين "اصطادت" خلالها وحدات الشرطة الاسرائيلية الخاصة خلال يومين فقط 120 سيارة. بدأت العملية الاسرائيلية الجديدة، التي يؤكد الفلسطينيون انها تهدف كما غيرها من الاجراءات التعسفية التي تطفح بها السياسة الاسرائيلية بحق المدينة المقدسة المحتلة لتفريغها من أهلها، قبل نحو عشرة ايام من بدء اسبوع عيد الفصح اليهودي في فترة اتسمت بالهدوء النسبي في المدينة. وقال مواطن مسنّ رفض الافصاح عن اسمه خوفا من ان يتعرض الى مزيد من الملاحقة، انه فيما كان يقود سيارته من طراز "بي ام دبليو" قرب حي الشيخ جراح في القدسالشرقية، فوجئ بحاجز "طيّار" للشرطة الاسرائيلية اوقفه وطلب منه الترجل وتسليم مفاتيح السيارة، ثم امره احد افراد الحاجز: "اذهب الى ضريبة الدخل وسوِّ امورك هناك". وعندما اجاب المواطن بأن ليس عليه اي ديون او مستحقات للدائرة المذكورة زجره وأمره بمغادرة المكان قبل ان يُعتقل. وأكد مدير احد مكاتب المحاسبة في المدينة ان اكثر من 120 فلسطينياً تعرضوا لهذه العملية في يومين اثنين فقط. ويقول المواطنون انه لا توجد دولة في العالم، محتلة كانت ام لا، تصادر سيارات المواطنين التي تقدر أثمانها بعشرات آلاف الشيكلات اذا كان صاحب السيارة مديناً لضريبة الدخل بألف شيكل او حتى عشرة آلاف، علماً ان معظم اصحاب السيارات التي صودرت، اعيدت اليهم سياراتهم بعدما ارغموا على دفع 800 شيكل نحو 200 دولار اميركي نفقات حجزها، لانه ثبت بالفعل انهم لا يدينون لضريبة الدخل الاسرائيلية بأي مبالغ. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان المسؤولين في دائرة ضريبة الدخل الاسرائىلية في القدس العربية جميعهم من المستوطنين اليهود الذين عملوا قبل انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من المدن الفلسطينية الكبيرة في الضفة الغربية ضمن دوائر الحكم العسكري وان معظمهم يعيش في المستوطنات اليهودية. واشارت المصادر ذاتها الى ان الشخص المسؤول عن مصادرة املاك العرب هو نسيب مرتكب مجزرة الحرم الابراهيمي باروخ غولدشتاين. في البداية، نصبت وحدات الشرطة "افخاخها" في الشارع المعروف باسم "الشارع رقم واحد". ولكن بسبب تذمر اصحاب السيارات من اليهود بسبب عرقلتهم وتوقيفهم عن طريق الخطأ، نقلت هذه الحواجز الى شوارع يسلكها في الغالب فلسطينيون، في احياء الشيخ جراح وسلوان ومفرق بيت لحم. واقترح احد المواطنين - تندراً - ان تعلق لافتة يكتب عليها "تحذير الى سائقي سيارات ال"بي ام دبليو" و"المرسيدس" من الفلسطينيين: اسلكوا الطرق التي يستخدمها الاسرائيليون، وتجنبوا الشوارع العربية". وقال احد ضحايا الاجراء الاسرائيلي المذكور: "واضح تماما انهم الاسرائيلين يريدون تحويل حياتنا في هذه المدينة جحيما متواصلا كي نبحث عن اماكن أخرى للسكن في الضفة الغربية ليفرغوها ويحتلوا اماكننا". وفي هذا الصدد، يشير المقدسيون الى ان الشوارع الاصلية للاحياء السكنية العربية اصبحت بين عشية وضحاها "شوارع فرعية وجانبية" يعرف من يسلكها منذ اللحظة الاولى انه عربي. ويشكل شارع رام الله - القدس الرئيسي أبرز مثال على ما تقوم به اسرائيل في هذا الشأن، فقبل اسبوع انهى الاسرائيليون اعمالهم في الشارع الذي يوصل المستوطنات اليهودية المقامة شمال القدسالمحتلة وشرقها بمركز المدينة، واصبح الشارع الجديد الطريق الرئىسة، بينما يضطر من يتوجهون الى حي ضاحية البريد والرام والبيرة ورام الله ان يسلكوا ما اصبح الآن شارعا فرعياً. وبذلك تم تحييد جميع الاحياء العربية وابعادها عن الطريق الرئىسة لقتلها اقتصاديا واجتماعيا وعزلها لتظهر وكأنها احياء "نشاز" خارجة عن النسق المعماري للمستوطنات اليهودية التي تم وصلها بمركز المدينة المقدسة وباتت تشكل حدود القدس الاسرائيلية الموحدة. ويتابع الفلسطينيون بحسرة المظلوم والمغلوب على امره فرض الامر الواقع فيما العالم يتفرج صامتا على ما يفعله المحتل القوي بالشعب الواقع تحت الاحتلال. هذه التحولات على الارض ترافقها وتدعمها عمليات هدم المنازل الفلسطينية في المدينة. واعلنت اسرائيل انها ستدمر 18 منزلا فلسطينيا في اكثر من حي فلسطيني في القدسالمحتلة بدءاً من الاثنين المقبل. وأكد الحقوقي يعقوب عودة من مركز المعلومات الفلسطينية لحقوق الانسان ان هدم هذه المنازل خطوة اولى تهدف الى "دحر الطريق الفلسطينية الى خارج حدود القدس وعزلها من خلال استكمال شارع الطوق الشرقي على محور قرى العيزرية - ابو ديس - الزعيم - شعفاط - عناتا - حزما بشكل شبه دائري. واوضح ان هذا الطريق - الطوق سيشكل عازلا طبيعيا بامتداد 150 مترا من الجانبين ويربط المستوطنات اليهودية المقامة شمال وشمال شرقي المدينة ببعضها بعضا، كما يربطها بمركز المدينة بطرق متقاطعة مثل النفق الذي بدأ العمل به والذي يبدأ من مفترق الزعيم ويخرج بمحاذاة جبل المطلع بمحاذاة الجامعة العبرية مارا بالعيسوية ومن ثم الى وادي الجوز وصولا الى الجزء المحتل من المدينة عام 1948. الى ذلك كله، اشارت مصادر اسرائيلية الى ان المسؤولين الاسرائيليين في دائرة صنع القرار اخرجوا مخططات رئيس الوزراء ارييل شارون التي اعدها في بداية التسعينات من الادراج وبدأوا يعملون على تطبيقها، خصوصا في ما يتعلق بما يسمونه "اختراق الاحياء العربية" من خلال بناء بؤر استيطانية فيها مثلما حدث في رأس العامود والشيخ جراح والبلدة القديمة. وتشمل هذه المخططات اقامة 200 مسكن للمستوطنين اليهود في حي كرم المفتي وعدد مماثل في كل من برج اللقلق في البلدة القديمة داخل الحي الاسلامي وفي وادي الجوز. يضاف الى ذلك بناء مستوطنة جديدة على مشارف بيت جالا جنوبالقدس والتسريع في انجاز مستوطنة "هار حوماه" المقامة على جبل ابو غنيم حيث تم الانتهاء من بناء 2000 وحدة استيطانية.