بيروت "الحياة" - ينتظر ان يشهد هذا الأسبوع بدايات تحرك في لبنان قد تساهم في ازالة التشنجات السياسية التي ظهرت بسبب تجاذبات حيال الموقف من الوجود السوري، أخذت منحى طائفياً. ووسط اجواء مشحونة تدخلت عناصر من قوى الأمن امس لفض اعتصام نظمته اربع تنظيمات يسارية في بيروت، ولجأت لتفريقه الى العنف والضرب. ويتوقع عقد لقاءات عدة في الأيام المقبلة، فيما التشنج في الشارع يتأرجح على وقع بعض الاعتصامات والتظاهرات التي دعت اليها منظمات شبابية، في ظل قرار السلطات الأمنية منع حصولها. ويفترض ان يلتقي رئيس الجمهورية اميل لحود غداً كلاً من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ووزير الصحة سليمان فرنجية، الذي يتردد أنه يفكر في القيام بمسعى بين البطريرك الماروني نصرالله صفير ودمشق، على ان يزورها الأخير بالتزامن مع زيارة البابا يوحنا بولس الثاني في 5 أيار مايو. أما زيارة جنبلاط للحود التي تردد انها ستكون مقدمة لتطبيع علاقته مع دمشق، بعدما تدهورت لمطالبته بإعادة انتشار الجيش السوري وفقاً لاتفاق الطائف، فستكون الأولى لرئيس الجمهورية مذ التقاه في تشرين الثاني نوفمبر، أثناء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة الحالية. وينتظر ان تلي ذلك زيارة لحود للبطريرك صفير الأحد المقبل، لتهنئته بعيد الفصح، في حين يزور رئيس الحكومة رفيق الحريري صفير بعد لحود، واجتمع رئيسا الجمهورية والحكومة أمس لتقويم الأوضاع. وقالت مصادر مطلعة إن لحود "يبدي كل استعداد للاستماع بانفتاح الى ما سيطرحه البطريرك، ولديه جواب عن كل سؤال او استيضاح". وأكدت مصادر رئاسة الجمهورية أن "الدولة مع الحوار، لكن الأسلوب المتبع في التعاطي مع ملف العلاقات اللبنانية السورية يتعارض مع الدعوة الى اقامة علاقات طيبة ومميزة" مع دمشق. وتساءلت: "الحملة على الوجود السوري بدأت منذ اليوم الأول لتحرير الجنوب واستمرت في البرلمان، فأين الفرصة التي أعطيت للحوار؟ ولماذا يصعِّد طارحو الحوار؟ وكيف يمكنهم بعد التصعيد التراجع عن مواقفهم"؟ وذكرت ان "علاقة لحود الطيبة مع دمشق قائمة على اقتناع لأن للدولة معطيات امنية وسياسية دولية واقليمية دقيقة قد لا تتوافر للآخرين، بالتالي تتناول العلاقة على قاعدة الحرص على مصلحة البلاد والحاجة الى الدور السوري، ما دام الوضع متأزماً في الشرق الأوسط ولا حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين". اما مصادر الحريري فأشارت إلى أن لقاءه صفير سيتم في ظل اقتناعه بأن الأطراف الذين صعدوا الموقف ضد سورية، اندفعوا كثيراً و"سكوتنا كان سيؤخذ على اننا موافقون على ما يطرحونه، لذلك اخطأوا الحساب في ظروف معينة، خصوصاً أن الردود عليهم جاءت غير طائفية، منا أو من شخصيات روحية أو مسيحية". وأكد الحريري امام زواره أن "من يريد الحوار عليه الوقوف في منتصف الطريق"، وقال إن "افرقاء التصعيد لم يعطوا الحكومة فرصة". وأخذ على "قيادات روحية" انها "توحي بعدم تحقيق انفراج اقتصادي او استثمارات، إذا لم يحصل الوفاق، وفي ذهنها ان هذا الوفاق هو حول الخروج السوري من لبنان. وهذا غير مطروح". ورأى ان "من الخطأ استخدام الورقة الاقتصادية في السجال السياسي، ونحن لا نتهرب من مسؤولياتنا، ولكن على الغير الا يلجأ الى التعبئة الطائفية". على صعيد التحركات في الشارع، نفذ طلاب من أربع تنظيمات يسارية اعتصاماً عصر امس في حرم حديقة الصنائع في بيروت، احتجاجاً على "توقيفات تعسفية وضغوط على الاعلام وأساليب القمع وإصدار بيانات تهدد المواطنين باسم مجموعات وهمية" بحسب بيان صدر عن المعتصمين. وأفاد مندوب "الحياة" ان عدد عناصر الأمن الذين كلفوا منع الطلاب من التجمع قرب الحديقة فاق عدد المعتصمين. وبدا ان تعليمات تلقاها رجال الأمن الذين ارتدوا ثياباً مدنية كانت صارمة، فهم لم يفاوضوا الطلاب وحاولوا تفريقهم بوسائل عنفية لم يسلم منها الصحافيون، وتعرض آخرون، جاؤوا لمشاركة الطلاب اعتصامهم، للضرب، وبينهم المحامي حبيب نصار الذي لم تسعفه بطاقة نقابة المحاماة والمهندس طارق هاشم. وطرح بعض الطلاب تساؤلات عن أسباب السماح لمجموعات اخرى بالتظاهر وحمل العصي، كما حصل مساء أول من امس حين تظاهر محازبو "جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية" الأحباش أمام جامع منطقة برج أبي حيدر.