على رغم الاقبال الشديد للشباب التونسيين في المدن على التعاطي مع شبكة "انترنت" ان على صعيد استهلاك البرامج والمواد الاعلامية أو بث افكارهم ورسائلهم، فإن غالبية الشباب في القرى والأرياف ما زالت تجهل كل شيء عن الشبكة. وأظهر استطلاع للرأي شمل اخيراً عينة مؤلفة من عشرة آلاف شاب ان اكثر من 72 في المئة من الشباب الريفي لا يملكون المعلومات الضرورية الدنيا عن شبكة "انترنت". ويتوخى الشباب عموماً موقفاً نقدياً من وسائل الاعلام، فهم لا يقرأون الصحف ولا يتابعون برامج الاذاعة والتلفزيون الا نادراً او بالمصادفة، فيما لا تعتقد اكثريتهم ان وسائل الاعلام المحلية قادرة على مجابهة التحدي المتمثل بزحف الاعلام الخارجي وخصوصاً الغربي. تعلق كبير بالتلفزيون وأظهر الاستطلاع ان الشباب متعلق كثيراً بالتلفزيون. فهو يتبوأ المرتبة الأولى بين وسائل الترفيه التي تشغل اوقات الشاب وهو يستأثر ب95 في المئة منها. الا ان التلفزيون لا يملك كامل وقت الشاب اذ يتابع نحو 89 في المئة من الشباب برامج الاذاعات. وفيما يمضي ثلث الشباب المستجوبين وقتاً يتراوح بين ساعة واحدة وثلاث ساعات في مشاهدة برامج التلفزيون لا تتجاوز نسبة الذين يخصصون مثل هذا الوقت لمتابعة البرامج الاذاعية 17 في المئة فقط من المستجوبين. كذلك اظهر الاستطلاع ميلاً قوياً لدى الشباب لقراءة المطبوعات، اذ ان 78 في المئة منهم يقرأون الصحف، لكن عيبهم يتمثل في كونهم لا يواظبون على مطبوعة محددة. فنسبة المواظبين لا تتجاوز 49 في المئة، ما يعكس طبيعة الأزمة التي يعانيها الكتاب والمطبوعة عموماً في المجتمعات العربية، فمن الصعب حالياً ادماجهما في تقاليد الناس خصوصاً الاجيال الجديدة، مثلما قال الخبراء الذين حللوا نتائج الاستطلاع. ومن المؤشرات المملوءة بالدلالات في هذا السياق ان 12 في المئة فقط من الشباب يخصصون ساعة واحدة يومياً لقراءة الصحف علماً ان أعمار الشباب المشاركين في الاستطلاع تتراوح بين 15 و29 سنة. فما هو تفسير هذه الظاهرة؟ هل لأن مضمون الصحف التونسية خفيف ويمكن قراءتها من العناوين فقط؟ يبدو ان ثقة الشباب بصدقية الاعلام المحلي ضعيفة ويتجلى ذلك من خلال ردودهم السلبية على اسئلة الاستطلاع المتعلقة بمدى قدرة الصحف المحلية على منافسة المطبوعات الآتية من الخارج، فهم يبدون يائسين من امكان تفوق وسائل الاعلام التونسية على الاعلام الوافد. ويعتقد اكثر من 63 في المئة من الشباب ان التلفزيون التونسي لا يستطيع مجابهة تحدي المنافسة الخارجية، فيما رأى 51 في المئة ان الاذاعة التونسية لن يكتب لها التفوق على المحطات المنافسة لها في الخارج. كذلك لوحظ ان اكثر من نصف الشباب لا يؤمن بأن الصحف المحلية قادرة على مزاحمة صحف البلدان المشاطئة للضفة الشمالية للمتوسط، وحتى صحف البلدان الاخرى، الا ان الاستطلاع لم يكشف النقاب عن الدوافع التي تفسر هذه الرؤية المتشائمة. تكنولوجيا جديدة وأظهر الاستطلاع ان الشباب غير متابع للتطورات الحديثة في مجال الاتصالات ولا يسيطر على وسائل استخدام الكومبيوتر، اذ ان اكثر من 72 في المئة من المستجوبين لا يملكون معلومات دقيقة عن الانترنت في سنة 2001. ويذهب الاستطلاع الى حد التأكيد ان "الثقافة التكنولوجية ما زالت قليلة الانتشار بين فئات الشباب على رغم حملات التوعية والهيئات المتخصصة التي انشئت لنشر ثقافة الكومبيوتر". وشباب المدن اكثر اطلاعاً على شبكة "انترنت" من زملائهم في المناطق الريفية اذ ان نسبة المطلعين تنحدر من 32 في المئة في المدن الى 19 في المئة في الارياف، ومعنى ذلك ان اكثر من 80 في المئة من الشباب القروي والريفي لا يعلمون شيئاً عن "انترنت". كذلك اظهرت نتائج الاستطلاع ان الطلاب الجامعيين اكثر اطلاعاً على الشبكة من طلاب الثانويات 72 في المئة في الجامعات في مقابل 42 في المئة فقط في المعاهد، والطريف ان الشباب العازبين مطلعون عليها اكثر من المتزوجين 29 في المئة في مقابل 15 في المئة. ومن النتائج اللافتة التي رفع عنها الاستطلاع النقاب هي ان غياب الارتباط المباشر مع شبكة انترنت لا يعني لامبالاة لدى الشباب او قلة حماسة للدخول اليها، اذ ان 78 في المئة من الشباب القرويين والريفيين و92 في المئة من سكان المدن يخططون للارتباط بالشبكة في المستقبل. اما الهدف من الارتباط فهو اما انجاز الدروس او البحث عن عمل او لتوسيع المعارف الشخصية. وفيما يركز الذكور على دور "الانترنت" في المساعدة على ايجاد عمل، ترى الشابات فيها عنصراً تربوياً مهماً يساعد على انجاز الدروس.