تلقى ارييل شارون أول تهنئة له باعتباره رئيساً لوزراء اسرائيل رسمياً، من الرئيس الاميركي جورج بوش، وذلك بعد دقائق من تصويت الكنيست الاسرائيلية في ساعة مبكرة من فجر امس، على منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية التي شكلها، ونالت 72 صوتاً من أصل 120 صوتاً، مقابل 21 صوتاً ومن دون امتناع أحد عن التصويت باستثناء المتغيبين. ودعا بوش شارون الى الاجتماع معه في البيت الأبيض يوم 20 آذار مارس الحالي، قبل اسبوع من موعد انعقاد القمة العربية، مستبقاً بذلك موعد لقائه مع الرئيس المصري حسني مبارك في الثاني من نيسان ابريل المقبل، والملك عبدالله الثاني ملك الأردن يوم العاشر من الشهر نفسه. وأعلن شارون فور تلقيه الدعوة انه سيعرض على بوش خطته "للسلام على مراحل". وتزامن تولي شارون مقاليد السلطة، مع موقف اميركي، شديد الانحياز لاسرائيل بشأن القدس، أعلنه وزير الخارجية كولن باول أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي، وقال فيه ان الرئيس بوش "لا يزال ملتزماً نقل السفارة الى عاصمة اسرائيل وهي القدس". وأضاف: "العملية تسير، لم نبدأ اي اجراءات بعد في ضوء الوضع بالغ الصعوبة القائم حالياً، وسنواصل بحث كيف ينبغي ان تبدأ هذه العملية". وبادرت السلطة الفلسطينية فور الاعلان عن هذا الموقف الاميركي الى الاتصال بالولايات المتحدة، عبر القنصل الاميركي العام في القدسالشرقية، لطلب توضيح بشأنه، لأن هذا الموقف، حسب قول صائب عريقات وزير الادارة المحلية الفلسطيني "يزيد المسائل تعقيداً". وفي واشنطن قال مصدر مأذون له في وزارة الخارجية ل"الحياة" تعقيباً على وصف باول القدس بأنها "عاصمة لاسرائيل"، ان "السياسة الاميركية بالنسبة الى موضوع القدس راسخة لم تتغير وهي ان مستقبل القدس يقرره الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي"، وأضاف: "ان الوزير كان يعرض الواقع على الأرض". ووصفت مصادر اميركية اخرى ما قاله باول عن القدس بأنه "زلة لسان". وكان بوش أعلن خلال حملته الانتخابية العام الماضي، أنه سيبدأ بنقل السفارة الأميركية إلى القدس عندما يتولى السلطة. من جهة أخرى، طالب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات شارون باستئناف المفاوضات "على أساس الاتفاقات الموقعة"، وذلك في رسالة بعث بها إليه لتهنئته على تسلم السلطة. وطالب عرفات شارون ب"عودة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وفقاً للاتفاقات الموقعة التي تستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام". وأكد عرفات "أهمية الالتزام بمرجعيات عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرارات 242 و338 و194" من أجل السلام في المنطقة. ولكن رد شارون أمس كان سلبياً، إذ قال رداً على سؤال من مراسل التلفزيون الإسرائيلي بعد حفلة تسلم السلطة من سلفه العمالي ايهود باراك في مقر رئاسة الحكومة في القدس: "سألتقي عرفات حين يصبح الوقت مناسباً". وأضاف: "يجب إعادة الأمن أولاً وتلك ليست مسألة أيام". وكان شارون كرر القول ليل أول من أمس الأربعاء في خطاب تنصيبه أمام الكنيست انه لن يتفاوض مع الفلسطينيين إلا بعد توقف العنف في الأراضي المحتلة وفي إسرائيل، ولم يتلفظ باسم عرفات. وبرزت أمس مواقف عدة تدعو إلى معاودة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، فدعت الحكومة البريطانية بلسان وزير الدولة للشؤون الخارجية براين ويلسون، إلى "انهاء دوامة العنف واتخاذ اجراءات لخلق الثقة المتبادلة واستئناف المفاوضات". وحضت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، الحكومة الإسرائيلية على العمل من أجل "سلام عادل". ودعا الاتحاد الأوروبي بلسان خافيير سولانا مسؤول العلاقات الخارجية إلى "مواصلة السعي لإقرار سلام دائم في المنطقة". وفي القاهرة، قال وزير الخارجية عمرو موسى رداً على سؤال عن تقويمه لكلمة شارون أمام الكنيست: "من الممكن اعتبار مد يد رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون للسلام أمراً ايجابياً إذا كان يعكس تفكيراً مختلفاً، وهو ما نتمناه". ورداً على سؤال عن اشتراط شارون وقف الانتفاضة قبل استئناف المفاوضات، قال موسى إن "وقف الانتفاضة مرتبط بوقف الحصار والعنف من جانب الجيش الإسرائيلي". ومن جهة أخرى، رأى موسى أن القدس "مدينة لا يمكن تحديد وضعها النهائي إلا بالتفاوض، لأن هناك قدس شرقية محتلة فضلاً عن عدم وجود وضع نهائي" للمدينة.