اتهمت لجنة التفتيش الدولية "انموفيك" العراق بأنه ما زال يحتفظ بصواريخ سكود مزودة اسلحة كيماوية وجرثومية وأيّدتها الولاياتالمتحدة في ذلك. واعتبرت اللجنة ان الوثائق التي قدمها وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف الى الاممالمتحدة لاثبات خلو بلاده من اسلحة الدمار الشامل لا تتضمن جديداً. وجدد العراق حملته امس على الولاياتالمتحدة ومجلس الامن الذي "تحول الى عصا غليظة تحركها اميركا واسرائيل" واتهمت دمشقواشنطن بالمبالغة في الكلام عن التسلح العراقي لتبرير وجودها في الخليج. ودعت الى وضع حدٍ لتصوير "العراق فزّاعة لدول المنطقة". نيويورك، واشنطن - أ ب، أ ف ب - اعلن هانز بليكس رئىس لجنة الاممالمتحدة المكلفة التفتيش عن الاسلحة العراقية انموفيك ان الوثائق التي قدمها العراق لاثبات انه لم يعد يملك اسلحة دمار شامل لا تتضمن جديداً عن حالة نزع اسلحته. واعلنت واشنطن انها تؤيد ما توصل اليه تقرير سري للمفتشين الدوليين وكشفته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، مؤكدة ان في حوزة العراق اسلحة كيمائية وجرثومية. واعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية ريتشارد باوتشر اول من امس ان التقرير "ينشر في حدود ضيقة" لذا لا يمكنه "التحدث عن مضمونه". ولكنه اكد ان "المضمون العام للمقالة في "فاينانشال تايمز"، التي تشير الى ان العراق لم يحترم التزاماته ويواصل اخفاء برامج عسكرية وانه غير منزوع السلاح تماماً، يتفق مع معلوماتنا"، في اشارة الى تقارير نشرتها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي أي" والبنتاغون في هذا الصدد. وقال باوتشر "اذا لم ينفذ العراق التزاماته فان الرئيس العراقي صدام حسين سيبقى محبوساً في السجن الذي بناه لنفسه". وكانت "فاينانشال تايمز" ذكرت اول من امس ان تقريراً اولياً اعدته "انموفيك" وقدمته الى اجتماع مع لجنة استشارية دولية انشأها مجلس الامن اشار الى انه قد يكون بحوزة العراق صواريخ "سكود" طويلة المدى ذات رؤوس تحتوي على غاز الخردل واسلحة جرثومية. ورحب بليكس رئيس "انموفيك" في مقابلة اُجريت معه اول من امس بأي معلومات جديدة يمكن ان يقدمها العراقيون، لكنه قال ان الوثائق التي سلّمها وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف تضمنت "القليل جداً من المعلومات الجديدة". وكان الصحاف سلّم الوثائق الاسبوع الماضي في بداية المحادثات التي اجراها مع كوفي أنان الامين العام للامم المتحدة بشأن المأزق الذي يحول دون دخول مفتشي الاسلحة الدوليين الى العراق منذ اكثر من سنتين. واعلن الصحاف ان المعلومات تثبت ان العراق نفذ مطالب الاممالمتحدة ودمر كل اسلحته المحظورة. وقال بليكس انه "سيفكر جدياً" بنصيحة قدمتها لجنة استشارية دولية بأن يشرع بوضع لائحة اولويات للقضايا التي يعتبرها عالقة وهل نفّذ العراق بالفعل التزاماته، لكنه اشار الى ان مثل هذه اللائحة لا يمكن ان تستكمل الاّ عندما يعود المفتشون الى العراق. وكان المستشارون للجنة "انموفيك" قدموا طلباً خلال اجتماع عقد في فيينا في الفترة 21-22 الشهر الماضي عرض خلاله بليكس جردة ب "قضايا نزع السلاح غير المحسومة" في العراق. وجاء ذلك فيما جددت روسيا وفرنسا الاسبوع الماضي مطالبتهما مجلس الامن بأن يحدد بوضوح ما يجب ان يفعله العراق كي تُعلق العقوبات. واكد بليكس ان مهمته ليست تقديم لائحة بقضايا نزع السلاح يمكن ان تغري بغداد بالتعاون. وقال "طلب منا المجلس ان نعالج القضايا العالقة، ولا يعنينا ما اذا كانت هذه لائحة مغرية او غير مغرية". كما وقع بليكس عقداً جديداً مع الاممالمتحدة الخميس الماضي وعد فيه بأن يبقى سنة اخرى في وظيفته. وقال "يبدو لي ان الموقف العراقي بعيد جداً جداً في الوقت الحاضر عن موقف مجلس الامن". واضاف: "لكن توجد رغم ذلك نافذة"، مشيراً الى المحادثات الاخيرة في الاممالمتحدة والمراجعة التي تجريها واشنطن لسياستها تجاه العراق. واعتبر ان "هناك بعض الحركة ونحن نرحب بذلك". بغداد الى ذلك اتهمت صحيفة "العراق" امس مجلس الامن الدولي بالانحياز لاسرائيل وخصوصًا في ما يتعلق باسلحة الدمار الشامل، مؤكدة انه بذلك "لم يعد اهلاً لتمثيل شعوب الارض" بل "عصا غليظة" تحركها الولاياتالمتحدة والدولة العبرية. وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها ان مجلس الامن الدولي "أخفق في تثبيت صدقيته واحترامه لقراراته الخاصة بتنفيذ الفقرة 14 من القرار 687" التي تنص على انشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط. واضافت ان المجلس "لم يكلف نفسه حتى ابلاغ الكيان الصهيوني بأنه الطرف الآخر المقصود وان عليه اعلان التزامه بالقرار المذكور ... ولم يكلف نفسه حتى السؤال فقط عن اسلحة الكيان الصهيوني النووية والذرية وغيرها". وانتقدت الصحيفة "الموقف غير العادل" الذي اتخذه مجلس الامن "بإصراره على نزع السلاح من العراق في حين يحجم عن فعل ذلك بالنسبة للكيان الصهيوني". واعتبرت ان المجلس يكون بذلك "قد ساهم في اضعاف العراق والعرب جميعاً وترك للكيان الصهيوني الاحتفاظ بالسلاح المدمر ... وساعد هذا الكيان على ان يستقوي على العرب ويجعلهم ضعفاء امامه وبالتالي يزداد الكيان الصهيوني اصراراً على هدر وانتهاك حقوق الشعب العربي الفلسطيني التي يزعم المجلس الحرص عليها". وفي دمشق اتهمت صحيفة "الثورة" الرسمية امس اميركا بالمبالغة في المعلومات حول التسلح العراقي بغية تبرير وجودها العسكري في الخليج. وكتبت الصحيفة ان "تصوير العراق على انه بعبع المنطقة هو بدعة اميركية صرفة غايتها تعزيز حضور اميركا السياسي في المنطقة بعد ان فقدت سياستها الشرق اوسطية ودورها في عملية السلام الكثير من المصداقية بسبب ازدواجية هذه السياسة وانحيازها الفاضح لاسرائيل". واضافت ان "العراق بعد ان تم تدمير اسلحته ومراقبة نشاطه التسلحي لم يعد مصدر خطر او تهديد وهذا يسقط الذريعة الاميركية لمواصلة فرض العقوبات" على العراق. وتابعت ان الادارة الاميركية تسعى الى اعتماد سياسة جديدة في شأن العقوبات "امام تزايد المطالبة بانهاء الوجود الاميركي العسكري الذي بات يشكل مصدر قلق وتوتر لدول المنطقة" في الخليج. ودعت الصحيفة الى "عمل عربي مشترك ينقذ العراق ويضع حدا لاستخدامه فزاعة لدول المنطقة".