} حرص البطريرك الماروني الكاردينال نصر الله صفير امس على إبلاغ عدد من كبار المسؤولين أن تحركه ومواقفه تبقى تحت سقف اتفاق الطائف، وأن التظاهرة التي شهدها الصرح البطريركي الثلثاء الماضي تأييداً لمواقفه لا تعني انه مع تصعيد الموقف، بل هو يرغب في ان تكون محطة للحوار والتهدئة في الموقف السياسي. وعلمت "الحياة" ان مقربين من صفير، من نواب وشخصيات سياسية نقلوا هذه الأجواء عنه الى هؤلاء المسؤولين، وأكدوا ان الاعتدال لا التطرف... هو سقف موقفه. ركزت ردود الفعل من بعض الأوساط النيابية والسياسية المسيحية وبعض الأوساط الإسلامية على ضرورة اعتماد لغة الحوار بعد تظاهرة بكركي الحاشدة التي استقبلت البطريرك الماروني نصر الله صفير وأيدت مواقفه من السيادة والاستقلال والوجود السوري في لبنان. وذكرت مصادر نيابية "ان من الطبيعي أن يسعى صفير الى التهدئة خصوصاً أن تحت عباءته التي ألبسه إياها حشد الجموع تأييداً لمواقفه، قوى عدة من أقصى التطرف الى أقصى الاعتدال، وأن بعض المتطرفين قد يستغل الموقف في اتجاه المزيد من التصعيد الذي يقابله تصعيد من جهات إسلامية...". وبرزت امس مواقف وزارية مسيحية تعلن نية طرح توجهات البطريرك على مجلس الوزراء، على ما ظهر من تصريحين لوزيري الصناعة جورج افرام والدولة بيار حلو. وإذ أوضح الأخير انه لا يقبل طرح مسألة الانسحاب السوري بطريقة التحدي، ودعا الى الحوار في شأن ما يقوله صفير وأنه سيطرح الأمر في مجلس الوزراء، اكد الأول ان ما ينادي به البطريرك "توجه وطني سنحمله الى مجلس الوزراء". وكان صفير أكد امام وفود وشخصيات زارته امس "أن من واجب المجتمع المدني مساعدة الدولة على القيام بوظائفها، وأن الجمعيات غير الحكومية لها أيضاً موقعها وشأنها وخدماتها في المجتمع آملاً بأن يبقى الشباب في لبنان وألا يغادروا، وأن يعود من في استطاعته العودة". وأمل أمام وفد الرابطة المارونية ان تساعد "كمؤسسة اجتماعية ما يمكن ان تقدم عليه الجهات الرسمية من أمور، وأن المجتمع المدني من واجبه ان يساعد الدولة على القيام بوظائفها والجمعيات غير الحكومية لها أيضاً موقعها وشأنها في هذا الموقع، ونأمل ان تقوم بعمل لافت وهو أن تساعد على رص الصفوف وتوحيد الموقف والقيام بالخدمات التي في إمكانها ان تؤديها وخصوصاً أن عناصر شباباً من رجال ونساء دخلوا إليها". وأصدرت الرابطة بياناً في وقت لاحق اعلنت فيه أنها "تشاطر البطريركية استنكارها التعرض لمقام رئاسة الجمهورية، وتطلب من الرئيس اميل لحود ان يتولى معالجة الهم الوطني الداخلي المتمثل بمشروعية الطرح الصادر عن صفير، إذ بتلاقي الشرعية مع المشروعية يمكن النفاذ الى دعم مرتكزات الوطن على كل الصعد والمستويات". ودعت الى "كبح المشاريع الطائفية أو حتى المذهبية". وقال أحد مسؤولي تيار "القوات اللبنانية" الدكتور توفيق الهندي "أن أهم ما حصل في تجمع بكركي هو الوحدة بين كل الأطراف السياسيين والشعب وراء قيادة بكركي والخط الاستقلالي الذي ينتهجه البطريرك". واعتبر "أن هذا الخط ليس ضد الآخر وليس هناك اي توجه مسيحي إنما توجه لبناني جامع". ودعا السلطة الى محاورة الشعب. واعتبر النائب مصطفى سعد "ان احتدام الأزمة يعود أساساً الى السلطة السياسية التي أوصدت الأبواب أمام قيام حوار حقيقي على المسائل الخلافية، خصوصاً ملف الوجود السوري، بحجة ان مثل هذه القضايا يحل داخل المؤسسات. فمختلف اللبنانيين لا يتطلعون إلا الى علاقات ايجابية مع سورية، إلا أن سلوك السلطة وانفعاليتها حيال أصوات تتمايز عن خطابها العام المحكوم بسقف التحالف مع سورية، بصيغته الراهنة، هو الذي يستدعي خطاباً متشنجاً من قوى ترد عليه بخطاب اكثر تشنجاً من الجهة المقابلة". ووضع "المكتب المركزي للتنسيق الوطني" المؤيد للعماد ميشال عون "حال الاحتقان والغضب الشعبي التي برزت في مواقف اللبنانيين خلال استقبال صفير في بكركي برسم من يدّعون تمثيل الأمة في السلطتين التشريعية والتنفيذية". وسأل: "هل في استطاعتهم بعد اليوم ممارسة دور النعامة وتجاوز المطالب الداعية الى خروج الجيوش غير اللبنانية وانتشار الجيش اللبناني". ورأى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي "أن قيامة لبنان الحقيقي وسيادته لا تتنافيان مع السيادة القومية، لكن لبنانالطائفي هو الذي يؤجج التعارض بين الهوية الوطنية والهوية القومية". وقال: "في لبنان الآن مناخ تميزه الحمّى السياسية، فهناك شريحة من الشباب في الجامعات تحاول إعادة إنتاج رموز الماضي التي بخطابها التحريضي أسست للحرب، وهذا ما يقلقنا ويدعونا الى ان نطالب الجامعات بتوفير الأطر التي تخدم حضور القضايا المشتركة والجامعة للبنانيين". وثمّنت حركة "التغيير" مبايعة الشعب للبطريرك واعتبرت ان "الزحف البشري الى بكركي تعبير عن البعد بين الحكّام والشعب" وشددت على "خروج الجيش السوري".