ارتفاع أسعار الذهب إلى 2623.54 دولارًا للأوقية    بحضور وزير الطاقة الشركة السعودية للكهرباء و"أكوا باور" وكوريا للطاقة يوقعون اتفاقية شراء الطاقة لمشروعي "رماح 1" و"النعيرية 1" بإجمالي استثمارات 15 مليار ريال    مركز الملك سلمان للإغاثة ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة الأحد المقبل    سماء غائمة تتخللها سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة    منتدى الرياض الاقتصادي يطلق حلولاً مبتكرة    «الجامعة العربية» تدعم إنشاء التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع    دراسة: القراء يفضلون شعر «الذكاء» على قصائد شكسبير!    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الأمريكي    التعليم: إلغاء ارتباط الرخصة المهنية بالعلاوة السنوية    «الثقافة» تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي    الأخضر في مهمة «نصر»    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    المشعل.. في الصدارة والكل من بعده    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة منتخب إندونيسيا ضمن تصفيات كأس العالم    الخليج يواجه الشباب البحريني في ربع نهائي "آسيوية اليد"    الأخضر السعودي تحت 19 يتغلّب على البحرين في ختام معسكر الشرقية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع حاكم إنديانا الأميركية    انعقاد أولى الجلسات الحوارية في المؤتمر الوطني للجودة    42 متحدثًا في الملتقى البحري السعودي الثالث    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    «الشورى» يطالب التأمين الصحي بالقيام بمهماته وتحقيق أهدافه    9,300 مستفيد من صندوق النفقة في عام    كلب يقضي عامين بجوار قبر صاحبه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    إصابات الربو في الطفولة تهدد الذاكرة    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    الثعبان في «مالبينسا»..!    الادخار والاستثمار… ثقافة غائبة    عودة للمدارس    وزارة العدل: 9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    بهدف تنمية الكوادر الوطنية المتخصصة.. إطلاق برنامج تدريب المبتعثين في التخصصات الثقافية    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مندوب تركيا    لبنان نحو السلام    مرحلة الردع المتصاعد    هل تجري الرياح كما تشتهي سفينة ترمب؟    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    إدانة دولية لقصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    حسام بن سعود يستقبل رئيس جامعة الباحة    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    سعود بن طلال يطلق كائنات فطرية في متنزه الأحساء    قائد القوات المشتركة يستقبل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني    رئيس هيئة الأركان العامة يدشّن أعمال الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسسات المجتمع المدني بحثت في الرباط عن "عالم جدير بالأطفال". بصيص نور ضعيف في الواقع الأليم ... مع ان الطفل العربي في أسفل الهرم الاجتماعي
نشر في الحياة يوم 03 - 03 - 2001

هل نعيش في "عالم جدير بالأطفال؟" غالب الظن أن الاجابة هي "لا"، اذ توجد في منطقتنا العربية عمالة أطفال ومناطق صراع وحظر واحتلال واطفال شوارع وتمييز ضد الطفولة ولائحة طويلة من العراقيل والصعاب التي لا تتناسب شكلاً وموضوعاً ولا حتى اسماً مع كلمة طفولة.
الوجه المضيء للقضية، ان دول العالم اجتمعت قبل ما يزيد على عقد في قمة من أجل الطفل اتفقت على إعلان عمل وخطة لبقاء الطفل وحمايته ونمائه، وهُما ما التزمت بهما الدول العربية وتعهدت إعمالهما وتفعيلهما لضمان حاضر الطفل ومستقبله. من جهة اخرى، تبوأ المجتمع المدني في الآونة الاخيرة مكانة مرموقة من حيث التفكير والتدبير والمتابعة لما له علاقة بإعمال روح الاتفاق، أو من حيث التنبيه والاقتراح والضغط على القيادات السياسية والحكومات والقطاع الخاص والبرلمانات، وكل ذلك بهدف اعتماد استراتيجيات للنهوض بأوضاع الطفل، باعتبار المجتمع المدني شريكاً اساسياً للحكومات في مهمة إتاحة الفرصة للاطفال ليعيشوا في عالم يليق بهم خال من التمييز.
وكانت الفاعليات التي شهدتها العاصمة المغربية الرباط في الفترة بين 15 و19 شباط فبراير المنصرم ترجمة فعلية للكلمات السابقة، وهي الفاعليات التي حملت اسماء أربع جهات رئيسية ترفع في عملها شعار "الطفولة قلباً وقالباً"، هي منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" المكتب الإقليمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا، والمرصد الوطني لحقوق الطفل المغرب والمعهد العربي لحقوق الإنسان تونس، والمجلس العربي للطفولة والتنمية.
رجال ونساء أتوا من مشرق العالم العربي ومغربه، اجتمعوا وناقشوا واختلفوا وجادلوا وانتقدوا واقترحوا، لكن الغاية وحدتهم، والأمل معقود عليهم وعلى أمثالهم للعمل من أجل "عالم جدير بالأطفال".
فما شكل العالم الذي نعيشه؟ يرد على هذا السؤال خبير شؤون الصحة والاعلامي الدكتور إبراهيم الكرداني، لكن للاسف ان رده يبعث كآبة أكثر. ففي دول المنطقة نحو عشرة ملايين طفل عامل، والاطفال هم أول من يدفع ثمن المنازعات المسلحة في عدد من دول المنطقة، سواء كانت فلسطين المحتلة، أو العراق، أو جنوب لبنان، أو الجولان، أو السودان، أو الصومال.
يقول الكرداني: "العائلة اختلفت منظومتها، هناك أمّ وحدها ترعى العائلة، وأحياناً الأب، وأحياناً الاطفال انفسهم".
وهو يشير الى القنبلة الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أي وقت ويطلق عليها اسم مرض الايدز. "فمع أنه لم يفتك بعد بمنطقة الشرق الاوسط، إلا أنه، وبسبب المتغيرات الموجودة يمثل قنبلة قد تنفجر في أي وقت، لا سيما أنها محاطة به شمالاً من أوروبا وجنوباً من افريقيا".
ومن ورشة الموارد العربية يضفي الدكتور غانم بيبي صورة أكثر إشراقاً، وإن جنحت نحو التشاؤم في البداية، يقول: "الصورة العامة لأوضاع الطفولة وحقوقها كما رسمها إعلان القمة عام 1990 تكاد لا تختلف عما هي عليه حالياً، بل إن فرص تحقيق نجاحات حقيقية مستدامة تواجه تحديات أعظم من تحديات عام 1990، وذلك لاتساع الفجوة بين الفقراء والاغنياء، وضغوط العولمة والديون، واستفحال نزعات الاستئثار والعصبيات، وتقديم الربح على الانسان، واتساع الفجوات المعرفية والثقافية، وسياسات التمييز بأشكالها".
وبعد كتم الأنفاس أثناء سرد هذا الواقع الأليم، يظهر بصيص من نور، إذ يشير بيبي إلى أنه على رغم صعوبة الاوضاع في معظم الدول العربية، إلا أن نجاحاً سُجل في إبراز مكانة الطفولة وحقوق الطفل، كما أن البلاد العربية - باستثناء الصومال - صادقت على اتفاق حقوق الطفل، وتبنت إعلان "التعليم للجميع" وغيره من المواثيق الخاصة بحقوق الاطفال وحمايتهم.
وفي سبيل قدر أكبر من التحديد، يقول بيبي إن معظم البلاد العربية حقق تراجعاً في معدلات وفيات المواليد والاطفال، وزيادة معدلات الالتحاق بالمدرسة، وتحسين التغذية، ودعم الأهل، ونشر المعرفة والمعلومات، وتطوير الممارسات الصحية.
ويشيد بيبي بدور القطاع الاهلي في خدمة الطفولة العربية، إذ ساهم القطاع في برامج الطفولة المبكرة، وأنشطة المناداة بحقوق الطفل، ولعب دوراً مهماً في إيجاد وضمان استمرار خدمات البقاء والحماية والرعاية في مناطق النزاعات والاحتلال.
ويستمر بيبي في الإشادة بالقطاع الاهلي الذي تجلى دوره في التعليم المبكر وتطوير مفاهيمه، وعمدت مبادرات اهلية عدة الى اشتراك الاهل، واعادة الدور إليهم بوصفهم الراعي الاول والاساسي لأطفالهم.
إلا أن هناك ميلاً غير صحي في معظم الدول العربية يميل الى اعتبار الحضانات ورياض الاطفال مرحلة لا حاجة لها في العملية التعليمية، وهو ما يشير اليه بيبي، إضافة الى تسجيل ملاحظة ان مجمل مسائل الطفولة - لا سيما المبكرة - ما زالت لا تحتل مكانتها في تصورات وبرامج مؤسسات المجتمع المدني.
ويتوقع بيبي أن تولد التحديات الناتجة من النزاعات والفقر، والحروب، والاحتلال والديون وضغوط العولمة والانفتاح الاقتصادي مزيداً من العوائق أمام ضمان طفولة سعيدة ومستقرة وآمنة في المجتمعات العربية.
وجهة نظر مشابهة يتبناها الاستاذ في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية في تونس والمستشار القانوني والعلمي للمعهد العربي لحقوق الانسان الدكتور حاتم قطران، يقول انه لم يسبق أن شاهدنا الطفل معرضاً لمثل المخاطر المحدقة به حالياً، نتيجة تزايد مظاهر إساءة المعاملة والاستغلال بما في ذلك الاساءة البدنية والجنسية للطفل بصور كريهة، واستغلاله الفاحش في العمل، وفي الحروب المسلحة، وتعريضه لتحمل أعباء النزاعات الدولية، كما في الحصار والتدمير الموجهين لشعب العراق وأطفاله العزل.
ويلحظ قطران أنه على رغم تصديق كل الدول العربية - باستثناء الصومال - على اتفاق حقوق الطفل، وهي أعلى نسبة تحصل عليها إحدى اتفاقات الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان 191 دولة يليها اتفاق القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة 154 دولة والتي صادق عليه 11 دولة عربية، وهذا لا يمنع في الوقت ذاته هاتين الوثيقتين من احتلال المرتبة الاولى في الدول العربية من حيث خضوعهما إلى تحفظات اكثر من اي معاهدة حقوق إنسان اخرى".
فماذا يمكن للبرلمان والبرلمانيين أن يقدموه إلى الطفل العربي؟ يعترف عضو مجلس الشورى المصري - وأصغر اعضائه سناً - الدكتور شريف والى أن البرلمانات العربية اهتمت بالطفل العربي، لكنها وضعته في ذيل اهتماماتها بعد رجال الاعمال والشباب والمرأة، وذلك لأنه لا يملك حق التصويت أو الانتخاب.
يقول والي: "للبرلمان دور أساسي ومهم في دعم الاهتمام بالطفل، وذلك من خلال الرقابة والتشريع، وعلى الاحزاب والبرلمانات أن تعمل على تعظيم وتحفيز دور المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية للمشاركة في العمل في مجالات الطفولة والامومة، وطرح الحلول للمشكلات والتحديات".
ويطالب والي البرلمانيين بالعمل على سن القوانين التي تكفل الحماية للطفل، والتأكيد على حقه في البقاء والنماء وتعزيز ذلك الحق، كذلك التأكيد على حق الأطفال في المشاركة في العمليات والقرارات التي تؤثر عليهم وفقاً لتطور قدراتهم، لا سيما أن قوة البرلمانيين يضاعفها كونهم المخولين بمناقشة موازنة الدولة، وبالتالي وضع الاطفال في اولويات تخصيص بنود في الموازنة خاصة بهم".
على الوتيرة نفسها، أكدت رئيسة لجنة التربية النيابية اللبنانية النائبة السيدة بهية الحريري على ضرورة التزاوج بين القدرات المادية والامكانات العلمية والنظرية لتحقيق الشراكة لتناول قضايا ومشكلات الاطفال.
الحريري اكدت على "أهمية شراكة المعرفة مع الامكانات المادية الوطنية والقومية وبتنسيق كامل، مع تطلعها الى دور أكبر للمؤسسات البرلمانية، والتي يفترض فيها أن تكون أكثر مؤسسات المجتمع المدني وضوحاً وشفافية".
وإذا كانت درجة وضوح وشفافية المؤسسات البرلمانية من الامور النسبية القابلة للمناقشة والإجماع أو عدم الإجماع، فإن دور مؤسسات المجتمع الوطني في تطوير واقع الطفولة العربية من القضايا غير القابلة للمناقشة.
المدير التنفيذي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية الدكتورة أماني قنديل سجلت عدداً من الملاحظات الخاصة بالدول العربية وأطفالها.
فهناك اختلافات وتباينات بين الدول العربية في ما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية، وذلك ينعكس على التراوح الشديد في واقع الطفولة وعلى نوعية الرعاية الاجتماعية والصحية.
وهناك اختلافات سياسية تتعلق بأبعاد عملية التحول الديموقراطية وانعكاساتها على بنية المجتمع المدني، وهناك ايضاً تنوع وتباين مؤسسي ليس فقط بين الدول العربية، ولكن على مستوى كل دولة. بل إن الاطفال لا يشكلون كتلة متجانسة، فهناك أطفال الشرائح الفقيرة، والمتعلمة، وهناك الأميون والمتسربون، والعاملون والمعاقون والجانحون وأطفال الشوارع.
وتطرح قنديل أهم الإشكاليات والمعوقات التي تواجه تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، جاء بعضها في صورة اسئلة تبحث عن إجابات. فهناك حاجة إلى تعميق رؤية وفلسفة جديدة للتعامل مع الطفولة العربية. فالبلدان العربية في حاجة الى حركة تؤمن بالتغيير وليس بالتسكين، إذ أن المنظور الخدمي الغالب هو تدخل علاجي موقت يسكن الوضع الراهن.
وتتساءل: هل المطلوب هو الفصل بين قضايا المرأة والطفل بدلاً من الربط التاريخي بينهما، لا سيما بعدما اتجهت حركة المرأة في العالم إلى الفصل بين الأم والطفل، والتركيز على قضايا المرأة بشكل مستقل؟
وتمضي قنديل في تساؤلاتها: فإلى أي حد يؤثر التمويل الخارجي أو تمويل الحكومات على صياغة برامج اهتمامات مؤسسات المجتمع المدني في مجال الطفولة؟
وفي إطار الحديث عن الشراكة، تقول الدكتورة قنديل إن هناك أطرافاً ثلاثة للشراكة في مجال الطفولة هي: الحكومة، والقطاع الخاص، والقطاع التطوعي الذي تمثله المؤسسات المدنية.
وتؤكد قنديل أن الشراكة ليست مجرد تمويل المشاريع، لكنها تمتد إلى التفاعل في عملية التخطيط ورسم السياسات.
وتشمل لائحة المطالبات التي تقدمت بها قنديل ضرورة تعظيم المفهوم الدفاعي للمؤسسات المدنية المعنية بالطفولة، إذ ينبغي ألا يحجب الدور الخدمي الغالب على اهتمام تلك المؤسسات ودورها في التأثير على تشريعات الطفولة، وهناك حاجة إلى التصدي بشجاعة لقضايا حيوية أبرزها أطفال الشوارع والتصدي كذلك لمنابعها من فقر، وتفكك أسري، وتسرب من التعليم وغيرها.
وهي تدعو كذلك الى الاقتراب الفاعل من قضايا الأطفال الفقراء في ضوء مؤشرات زيادة الفقر وهي ترشح موضوع "تعليم الطفلة الفتاة" لاهتمام أكبر من جانب مؤسسات المجتمع المدني، كذلك أشكال العنف الواقعة على الاطفال.
وعن إحدى ضلوع الشراكة الثلاث يتحدث المهندس ابراهيم مكرم من تحالف المنظمات الأهلية من أجل الطفولة مصر، يقول مكرم إن القطاع الخاص في العالم العربي يستشعر تردداً في أخذ أدوار تنموية، لأسباب عدة مثل افتقار مؤسسات المجتمع المدني رؤيةً واضحة وأهدافاً محددة، إضافة الى ضعف العائد المتوقع، والمحاذير السياسية وعدم الاستقرار والوضوح.
وتبرعات الشركات العربية الخاصة لا تشكل سوى 4.2 في المئة من إجمالي التبرعات الموجهة إلى القطاع الاهلي، وعموماً، هناك تفاوت بين أقطار الوطن العربي في تمويل القطاع الخاص للمنظمات، فهو يرتفع في أقطار الخليج العربي حيث يلعب رجال الاعمال والمؤسسات المالية دوراً مهماً في دعم تلك المنظمات، وينخفض في حال تونس والمغرب، ويتجه نحو الزيادة في مصر والاردن ولبنان.
وفي إشارة الى التجربة المصرية، يقول مكرم إن التحولات الاقتصادية انعكست على الأسر المصرية ذات الدخل المحدود، فأضافت فئات جديدة من الاطفال المحرومين، مثل أطفال الشوارع، والعاملين والمعرضين للإدمان، والمحرومين من فرص التعليم، ورعاية الاسرة، والمعاقين. والمخيف أن المؤشرات تتجه نحو الزيادة في تلك الفئات، ما يهدد بنتائح سلبية على مستقبل الجيل المقبل والاستقرار الاجتماعي وعلى القطاع الخاص نفسه.
التجارب في مصر أظهرت أن رجال الاعمال يتصورون أن البطالة هي المشكلة الاساسية، تليها مشكلات الغلاء ثم الفقر وأخيراً التعليم.
ويشير مكرم الى أن النظرة العامة من المجتمع المصري تجاه رجال الاعمال المصريين ما زالت ترى تعارضاً بين سعيهم لتعظيم ثروتهم وبين مصالح المجتمع العام، لا سيما في مجالات استغلال العمالة وتوظيف الاطفال، وأن اهتمامهم بمصالحهم الذاتية يأتي قبل اهتمامهم بمسؤوليتهم الاجتماعية، إلا أن المجتمع يرى أن أهم المجالات التي يمكن ان ينجح فيها رجال الاعمال هي التنمية الاقتصادية، وزيادة فرص العمل تليها الخدمات التعليمية والصحية.
ويقدم مكرم مجموعة من الافكار التي يمكن أن تعمق مفهوم الشراكة في المجتمع، ومنها ترتيب زيارات ميدانية ولقاءات لطلاب المدارس مع رجال الاعمال في المنشآت الاقتصادية، ويمكن التبرع العيني بمنتجات أو سلع لمؤسسات القطاع الاهلي ولصالح المجتمع العام.
ويتهم مكرم عدم إدراك المؤسسة الاقتصادية الخاصة مسؤوليتها الاجتماعية بأنها السبب في حدوث الاضطراب والخلخلة بين مستويات التنظيم الاجتماعي، بما في ذلك الاسرة، وهذا بدوره ينتج منه انتهاك حقوق الاطفال، وعلى رغم زيادة موازنة التعليم، إلا أن ظاهرة التسرب من النظام التعليمي قلل درجة الاستفادة من الفرص المتاحة لتعليم الطفل.
والمطلوب من الحكومة من أجل النهوض بالطفولة العربية - من وجهة نظر مكرم - تهيئة المناخ الملائم لازدهار الاعمال، أما دورها الاجتماعي فيتمثل في اعلان أهداف المجتمع ووضع السياسات والانظمة العامة لتحقيقها، المطلوب اعادة تعريف دور الدولة، وتحديد مكوناته، في ضوء تطور علاقة القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني.
هناك شريك رابع في تنمية الطفل العربي والنهوض به وهو الإعلام، وهو الشريك الذي لفت اليه الاعلامي في قناة الجزيرة الفضائية السيد محمد كريشان، فهو لاحظ الغياب شبه الكامل لوضع الطفل في صورة ما يدور في العالم، إضافة الى ضعف مشاركته في تشكيل المادة المقدمة إليه مع تراجع الاهتمام بتطوير الفكر النقدي لديه.
وينتقد كريشان الحرص على اللهو والتسلية من دون ربطهما بمضامين جادة.
ويقول إن "المقاربة الكارتية" هي التي كانت المدخل الرئيسي إن لم تكن الوحيدة في السنوات الماضية في صحفنا وتلفزيوناتنا، فانصب الحديث على الطفل العراقي، ثم الجزائري، وأخيراً "الطفل الفلسطيني".
وكريشان - من موقعه الإعلامي - يقدم عدداً من المقترحات الاعلامية، منها إعداد تصور لومضات إعلانية تلفزيونية خاطفة تتضمن لقطات معبرة ذات دلالة صارخة، كذلك تشجيع طلاب كليات الإعلام على إعداد رسائل تخرج خاصة بأفضل السبل لخدمة الطفولة وحقوقها إعلامياً، ايضاً السعي لتكوين إعلاميين اختصاصيين في قضايا الطفولة.
هكذا، وبعد خمسة أيام من الجلسات المكثفة والمناقشات المطولة وقليل من الترفيه وجلسات النميمة الجانبية والرحلات الى الدار البيضاء، خرج إعلان الرباط ليؤكد أن المنظمات غير الحكومية، ومكونات المجتمع المدني العربي والاقليمي تؤكد أنها ستعمل بتنسيق وشراكة في ما بينها على توظيف مجهوداتها وخبراتها وكل إمكاناتها من أجل المصالح الفضلى للطفولة عبر العالم والطفل في العالم العربي على وجه الخصوص حرصاً على تفعيل قيم اتفاق الامم المتحدة لحقوق الطفل كحد أدنى تتوافق عليه إرادتنا مع إرادة المجتمع الدولي.
وإنها ستسعى لدى كل المنظمات الاقليمية والدولية، ولدى الدول والحكومات والقادة عبر العالم لدعوتها للالتزام الدقيق بالاتفاق وصياغة السياسات الاقتصادية والتنموية من أجل الطفل وحياته، لسلامته وكرامته بكامل المساواة وفي مأمن من الحروب والحصار والامراض والآفات. وأنها وباقتناع راسخ ستضع شرط مساهمة الاطفال ومشاركتهم صوب أهدافها، إذ لا سبيل لبناء مستقبلهم إلا بهم ومعهم، وانها لن تتوانى في حث الحكومات العربية لكي تنهض بواجب صيانة وضمان حقوق الاطفال واليافعين والشباب، وتوفير كل الامكانات والآليات لتأهيلهم والاستجابة لحاجاتهم والقيام من أجل ذلك بواجب ملاءمة التشريعات الوطنية مع روح ومضامين الاتفاق الأممي والمصادقة على كل الاتفاقات المتعلقة بحقوق الانسان، ورفع التحفظات، مع تعزيز فضاء الحريات الاساسية واحترام الرأي والرأي الآخر في نمط حياة ديموقراطية وفي ظل دولة الحق والقانون.
وتجدد التزامها للعمل من أجل رفع الحصار والمقاطعة، والدعوة لإيقاف الحروب والمنازعات والاحتلال وآثارها الضارة على أطفالنا الضحايا في فلسطين والعراق والسودان وليبيا والصومال والجولان المحتل وغيرها. وكما أن "روما لم تبن في يوم واحد" كذلك العالم الجدير بالاطفال لن يخرج إلى النور بين ليلة وضحاها، لكن عملية الولادة بدأت بالفعل، واتباعاً للمثل القائل "إذا رغبت في أن يكون ما تطلبه متقن الصنع فاصنعه بنفسك"، فقد أخذ المجتمع المدني عدته ليخرج المولود الى الحياة موفور الصحة والعافية ليعيش في عالم جدير به.
مشكلات حالية
} في ما يلي قراءة رقمية للمشكلات الراهنة التي يعاني منها الطفل والام في العالم العربي:
- نصف مليون طفل يموتون في عامهم الأول.
- 4 ملايين أم تلد من دون عناية صحية.
- 4 ملايين طفل معرضين لداء الحصبة.
- 7 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية.
- 10 ملايين طفل خارج التعليم الأساسي.
- 40 مليون شخص من دون مياه صحية.
- 60 مليون شخص من دون صرف صحي.
- 70 مليون شخص يعانون الأمية.
- 100 مليون شخص يستخدمون ملحاً غير ميّود.
الأطفال والتعليم
} هناك 68 مليون أمي في العالم العربي 63 في المئة من الإناث.
- بحلول العام 2001 كان يجب توفير فرص التعليم العام لنحو 290 مليون طالب جديد العدد الحالي: 59 مليوناً.
- معدل الالتحاق بالتعليم ما قبل المدرسي في 10 بلدان عربية هو دون 13 في المئة بين 13 و50 في المئة في أربع دول، وفوق 70 في المئة في بلدين فقط.
- في أربع دول لا يزال الالتحاق بالصف الأول الابتدائي 6 - 7 سنوات دون 82 في المئة ولم يتمكن سوى اثني عشر بلداً عربياً من تحقيق 80 في المئة أو ما يزيد من التحاق الفتيات بالتعليم الأساسي.
- معدل وفيات الأطفال دون الخامسة ما زال 70 في المئة وما فوق في ستة بلدان عربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.