تحاول المختبرات حول العالم فهم وتفسير أسباب وكيفية اصابة الانسان بمرض كروتزفيلد - جاكوب. وكان من أوائل من علّقوا على هذا المرض الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، في خطاب ألقاه في الذكرى السنوية لافتتاح حديقة ويلتون بارك، إذ قال: "ان مرض جنون البقر هو مثال على العجرفة العلمية". وقد لحقت كارثة اقتصادية ببريطانيا وأوروبا على اثر ظهور المرض وعلى رغم تعدد وكثرة المراكز التي تبحث فيه. الا أن الجامعات الأميركية كانت الأوفر حظاً في تقديم التقارير التي اعتمدها العالم، وتأخذ تلك التقارير بفرضيتين لتفسير كيفية اصابة الانسان بالمرض: 1 - تنتقل العدوى بانتقال فيروسات تصيب أنسجة الأبقار في الدماغ والكبد والطحال والنخاع الشوكي رئيسياً. وللاصابة بالمرض يجب أن يتناول الآدمي اللحم البقري الملوث في شكل متكرر. 2 - تتم العدوى بواسطة بروتين غير طبيعي يتوافر في لحوم الأبقار المجنونة، ينتقل الى الآدمي عند تناوله اللحم، فيترسب البروتين في جسم الانسان، وتبدأ العوارض بعد فترة، بحسب عدد الوجبات الملوثة، وكمية اللحم المأكول، وتقارب الفترات بين الوجبات. والحقيقة التي لا خلاف عليها ان الاصابة بمرض كروتزفيلد - جاكوب هو نتيجة التغذية الخاطئة الموضوعة بواسطة خبراء تغذية أوروبيين لتسريع تسمين البقر وزيادة الانتاج في وقت قصير، والهدف من كل ذلك الربح الاقتصادي السريع. ونتج عن هذه الأساليب في التغذية ان البقر الذي يقتات الحبوب والأعشاب بات يقتات لحماً حيوانياً من جنسه عبر خلط طعامه بالعلف المسمى علفاً بروتينياً وهو محضّر في معامل خاصة من طريق طحن جلود وعظام وأمعاء وعظام البقر المتبقي من الأبقار المستهلكة. ويتبادر الى ذهن القارئ للوهلة الأولى ان هذا المرض جديد. والواقع انه قديم مستجد، اذ عرفه الأطباء في الحقبة التاريخية ما قبل العام 1950، وبالتحديد في بعض القبائل الافريقية النائية والبعيدة عن المدن. وتشير التقارير الى تميُّز المناطق المذكورة بأنها نائية وذات وعي ضيق وعادات غير صحية. كانت قبائلها تأكل الموتى وخصوصاً أدمغة الموتى، إما كتقليد أو تكريماً للمتوفى أو لأسباب أخرى. والأسرة كانت تجتمع لأكل المتوفى. أي ان انساناً كان يأكل لحم انسان، الأمر الذي أدى الى ظهور مرض كروتزفيلد - جاكوب بشكل واسع هناك. الى ان تداركت الدول المعنية والمنظمات الصحية العالمية الموضوع، فانحسر المرض مع الوعي الذي دخل الى القارة، وأخذت التقارير عن المرض تقل وتتلاشى الى ان اختفى حتى ظهوره الأخير. يصاب دماغ البقر المجنون بالثقوب وهي تشبه شكل الاسفنج. وتصاب البقرة بعوارض تدل على البلاهة وعدم القدرة على الحركة والفهم. وكذلك يصاب الآدمي بالأعراض نفسها. والخطير في الأمر ان المرض يقضي على الآدمي بعد ظهور أعراضه في مدة قياسية، فتتدهور صحته ويموت خلال أسابيع قليلة.