من المؤكد ان آرييل شارون رئيس وزراء اسرائيل الجديد، سيكون بنداً أساسياً على جدول أعمال القمة العربية بعد أيام. منذ أن نجح شارون في الانتخابات، كان مبعث الاهتمام العربي به يتعلق بتاريخه الدموي، ونزعته لإثارة الحروب، واستعداده لمواصلة العنف ضد الشعب الفلسطيني، وعرقلته بالتالي لأية تسوية سياسية محتملة. ولكن منذ أن قام شارون بزيارته الرسمية الى واشنطن، حيث دخل البيت الأبيض للمرة الأولى والتقى مع الرئيس الأميركي جورج بوش، تغير مبعث الاهتمام العربي بشارون، إذ أصبح منذ تلك اللحظة خصماً شخصياً وسياسياً لخمس دول عربية على الأقل هي: لبنان وسورية والعراق ومصر وفلسطين. ففي البيت الأبيض قال شارون لبوش انه يريد من الولاياتالمتحدة الأميركية: ان تعاقب لبنان لأنه يريد تجديد الارهاب بمساعدة ايرانية. أن تعاقب سورية، فتمنع انضمامها الى عضوية مجلس الأمن، لأنها دولة تساند الارهاب. ان يتصاعد حصار العراق لتكون اسرائيل شريكة فيه، وأن تقوم الولاياتالمتحدة بابلاغ اسرائيل سلفاً بكل ضربة عسكرية ستوجهها إلى العراق، لكي تكون مستعدة لمواجهة الصواريخ العراقية. ان تعاقب مصر فتوقف تقديم المساعدات الأميركية لها، لأن قوة مصر العسكرية تتعاظم، وهذا ليس من مصلحة اسرائيل. أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فقد طلب من بوش أن لا يستقبل عرفات في البيت الأبيض، لأنه مصدر الارهاب، ولأنه يمثل خطراً على منطقة الشرق الأوسط. ومن خلال هذه الخطة الاستراتيجية الشاملة التي يقترحها شارون على الرئاسة الأميركية، أصبحت هناك دوافع خاصة بكل نظام عربي لكي يقف ضد شارون، اضافة الى الدوافع العامة التي يتعلق بشخصيته وأخطارها على الأمن والاستقرار في المنطقة. ولهذا كله تتوقع ان يكون شارون بنداً أساسياً على جدول أعمال القمة العربية، وأن يستتبع وضع هذا البند رسم سياسة عربية موحدة تجاه ما يمثله شارون وما تمثله حكومته، وبما يتجاوز الموضوع الفلسطيني الى الموضوع العربي، وبما يتجاوز المصلحة الفلسطينية الى المصلحة العربية. ما يلفت النظر أكثر، هو هذا النوع من الوقاحة الديبلوماسية، اذ يدخل حاكم بلد ما الى البيت الأبيض، ليبدأ فوراً بتلقين رئيس أكبر دولة عظمى في العالم، ماذا يجب عليه أن يفعل، ومن يجب عليه أن يستقبل أو أن لا يستقبل. وفي تقاليد العلاقات بين الملوك والرؤساء، انه إذا تجاوز ضيف ما حدود اللياقة في مثل هذه اللقاءات، فقال ما لا يجب أن يقال، فإن المضيف لا يتورع عن المبادرة فوراً لإنهاء اللقاء، سواء أدى ذلك الى أزمة ديبلوماسية أم لا. ونحن لا نعرف كيف تلقى الرئيس الأميركي هذا السيل من النصائح الاسرائيلية، وهل أبدى رأياً متفهماً لهذه النصائح أو رافضاً لها؟ وهل اعتبر شارون زائراً أجنبياً أم حليفاً استراتيجياً يحق له أن يجلس في موضع الصدارة في البيت الأبيض؟ كل ما نعرفه أن شارون عاد الى اسرائيل وأعلن انه تفاهم مع بوش تفاهماً كاملاً، وأن العلاقات بينهما ودية للغاية، وأن التعاون سيستمر قوياً كالصخر، حسبما قال وزير الخارجية الأميركي وكرر القول. ولا تزال الولاياتالمتحدة تضغط على القمة العربية في المواضيع الأساسية المتعلقة بفلسطين والعراق وسورية، فهل ستكون القمة العربية مستعدة للضغط على الولاياتالمتحدة في المواضيع الأساسية التي تخصها، والتي عرضها شارون في الولاياتالمتحدة؟ ما نأمله هو أن تدافع القمة العربية عن كرامتها، وعن كرامة دولها.