تستهلك الجهود التي تبذلها دول مجلس التعاون الخليجي لبناء قوات عسكرية وشراء منظومات تسليحية متطورة جزءاً لا يستهان به من موازناتها السنوية، في وقت لم تتعافَ بعد من أعوام التقشف التي أدى إليها التراجع الكبير في أسعار النفط في أواخر التسعينات. ويُقدر حجم الانفاق الدفاعي والأمني الذي تقوم به دول مجلس التعاون بأكثر من ربع اجمالي انفاقها السنوي، حسبما ذكر أمس على هامش معرض الدفاع الدولي "ايدكس - 2001"، حيث تستمر اليوم ندوة بدأت أمس، وموضوعها "الدفاع الخليجي". وتركزت كلمات أصحاب المداخلات فيها على أهمية توحيد سياسات المشتريات الحربية. وأعلن أمس خلال المعرض أن المانيا تنوي بيع 60 مركبة مدرعة متخصصة في رصد الأسلحة الكيماوية والنووية إلى دولة الإمارات، في وقت أعلنت هولندا نيتها إبرام صفقة أولى بقيمة 500 مليون دولار لبيع الإمارات فرقاطتين، على أن تزودها في صفقة ثانية محتملة فرقاطتين مماثلتين. وذكرت مصادر فرنسية أن باريس عرضت على الإمارات بيعها 8 سفن حربية جديدة، وأن المحادثات قطعت شوطاً متقدماً، وقالت مصادر خليجية مطلعة إن وفود كل من قطر والبحرين والكويت وعُمان بحثت مع عدد من موردي الأسلحة في احتمال الدخول في مناقصات وعقود توريد عسكرية تنوي هذه الدول إبرامها لاحقاً. وكانت نشرة "ميد" أشارت، في احصاءات نشرتها على هامش المعرض، إلى استمرار وتيرة الانفاق المرتفعة لدى دول الخليج. ويستحوذ الانفاق الدفاعي على أكثر من عشرة في المئة من اجمالي الدخل القومي لدول مجلس التعاون التي تواجهها تحديات اجتماعية وديموغرافية في السنوات المقبلة تحتم تخصيص قدر متزايد من الموارد المالية لشؤون التنمية الاقتصادية، وهو ما يدفع المراقبين إلى ابداء قلقهم من أن تؤدي الخطط الدفاعية الملحة إلى تباطؤ خطط التنمية وبرامج تطوير الاقتصاد. وقال محلل اقتصادي: "السياسة التي تتبعها دول الخليج المنتجة للنفط لابقاء الأسعار مستقرة في مستوى مقبول تعكس رغبتها في تحقيق توازن مالي بين مشاريعها الدفاعية وخططها التنموية". وذكر المنظمون ان العائدات النفطية لمجلس التعاون تخطت عتبة 145 بليون دولار العام الماضي، في وقت ينتظر أن تعود فتهبط إلى نحو 120 بليون دولار السنة الجارية. وكانت عائدات دول مجلس التعاون النفطية تراجعت إلى 55 بليون دولار عام 1998، و70 بليوناً عام 1997 و85 بليوناً عام 1999، ما تسبب في عجز فادح في موازنات هذه الدول عوضته حيناً بالاقتراض من الأسواق المحلية والخارجية، أو عبر اتباع سياسات تقشف اجتماعية صعبة. وذكر البروفسور صالح المانع من جامعة الملك فهد في مداخلة له حول "التحديات الاقليمية وأثرها على الأمن القومي لدول الخليج" أمس ان دول مجلس التعاون زادت عدد جيوشها قرابة الضعفين في التسعينات ورفعته من 174 ألف جندي إلى حوالى 300 ألف جندي، وهو ما يعادل 42 في المئة من القوات النظامية المتاحة لجارتها إيران ونصف عدد القوات العراقية النظامية. وأشار إلى أن سباق التسلح الذي تخوضه دول الخليج لموازنة جاريها لم ينتهِ بعد، إذ أنها باتت الآن تملك دبابات تعادل ما لدى إيران من دبابات قتال رئيسية ونصف ما لدى العراق من دبابات. لكنه نوه إلى أن عليها بذل جهد أكبر في مجالات الأسلحة البحرية وزوارق الصواريخ والغواصات والمروحيات التي لا تزال متأخرة فيها، وإلى أنها لا تتقدم إلا في مجال السلاح الجوي على ما تملكه إيرانوالعراق.