نقلت صحيفة "راديكال" التركية عن رئيس الوزراء بولند أجاويد قوله أمس السبت إن الولاياتالمتحدة واوروبا "تتقاذفان الكرة" بدلاً من اتخاذ الخطوات الحاسمة لمساعدة تركيا على الخروج من أزمتها المالية. أنقرة - رويترز - قال محللون ماليون في أنقرة امس ان المجموعة الاقتصادية التي عينها رئيس الوزراء التركي لاحتواء الأزمة المالية، يعتبر الدعم الأجنبي "حيوياً" لنجاح برنامج اقتصادي جديد يتم وضعه حالياً في انقرة، عبر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي. ومعلوم انه يتعين على تركيا ان تمضي قدماً في تنفيذ خطة مكلفة ومؤلمة لاصلاح القطاع المصرفي وسداد دفعات مستحقة من دين محلي كبير. واضاف محللون إن دول الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة لم تصل إلى حد التعهد بتقديم مساعدات مالية بسبب استيائهم الواضح من عدم تحرك تركيا بجدية نحو الاصلاح، والغرق في تشاحن سياسي، ما تسبب في انهيار برنامج لمكافحة التضخم يدعمه صندوق النقد الدولي بقيمة 5.11 بليون دولار. وأضاف أجاويد: "تقول الولاياتالمتحدة إنها لم تسمع صوتاً من أوروبا... وأوروبا من جهتها تعلن انه لم تصدر أي كلمة من الولاياتالمتحدة. إنهما تتقاذفان الكرة". وقال: "يتعين عليهم اتخاذ اجراءات من دون انتظار الطرف الآخر، فالوقت مهم". وأعرب عن أمله في أن تحصل انقرة في نهاية الأمر على مساعدات من الجانبين. ومعلوم أن تركيا مرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي، وهي تأمل في الحصول على دعم واضح في الاجتماعات المقبلة لوزراء خارجية ومال دول الاتحاد الأوروبي 15 دولة. ويقول محللون إن الولاياتالمتحدة، من جهتها، تعتبر تركيا حليفاً استراتيجياً مهماً لها، وهي ربما تنتظر معرفة نتائج محادثات مايكل ديبلر، مدير الإدارة الأوروبية في صندوق النقد الدولي الذي وصل أنقرة أول من أمس الجمعة. ويتوقع أن يجتمع ديبلر مع كبار الوزراء والمسؤولين الأتراك خلال زيارته. وقد تتركز المحادثات على خطط اصلاح المصارف الحكومية الخاسرة التي تمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد وتعوق تدفق الاموال على النظام المالي. كما ستتطرق المحادثات الى محنة بعض المصارف الخاصة الصغيرة. ففي الفترة الأخيرة، أصبح "بنك اقتصاد" المصرف ال13 الذي تنتقل مسؤولية الاشراف عليه الى هيئة رقابة مصرفية. ويتوقع أن تنضم إليه مصارف أخرى في اطار "خطة لتطهير" القطاع المصرفي. ويقول صندوق النقد إنه يأمل في أن ينتهي خلال الايام القليلة المقبلة من وضع اطار عمل لمفاوضات جدية في شان خطة اقتصادية قد يدعمها الصندوق. غير ان كمال درويش وزير الاقتصاد التركي الجديد الذي يتمتع بصلاحيات واسعة لم يدل بتصريحات متفائلة منذ استدعائه من البنك الدولي لتسلم مهام منصبه، في غمرة انهيار الليرة بنسبة 30 في المئة ازاء الدولار. وكانت شائعات عن قروض بقيمة 25 بليون دولار ظهرت في الصحف وأيدها في إحدى المراحل اجاويد، أثارت بعض القلق لدى الحكومات الأجنبية ومؤسسات الاقراض من ان تركيا لم تدرك بعد "مدى تقوض الثقة الاجنبية" بها بسبب الأزمة. ولمح درويش الى انه لا يتوقع الحصول على قروض جديدة كبيرة من صندوق النقد. ويقول المحللون إن الصندوق قد يسمح بتقديم موعد دفع قروض تمت الموافقة عليها سابقاً وتصل قيمتها إلى نحو 7 بلايين دولار، ما يتيح لأنقرة استخدامها في اغراض الموازنة وسداد الديون. وقد تسعى تركيا بعد ذلك وبمباركة من صندوق النقد إلى الحصول على قروض اخرى من واشنطن والبنك الدولي ومجموعة الدول الصناعية السبع الولاياتالمتحدة، فرنسا، المانيا، ايطاليا، كندا، اليابان وبريطانيا. ومن المقرر ان يزور درويش بعض دول الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة في وقت لاحق من الشهر الجاري، سعياً للحصول على قروض جديدة. وقد أعطت المؤسسة العسكرية التركية القوية موافقتها الضمنية أول من أمس على اقتراحات تدعو إلى اصلاحات شاملة قد تزيد معدلات البطالة وتسبب معاناة اجتماعية. وهددت نقابات عمالية بأنها ستدعو لتنظيم احتجاجات ضد أي خطط جديدة يدعمها صندوق النقد الدولي. وقال الجيش في بيان إنه سيعيد النظر في انفاقه في ضوء الأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة الليرة بنسبة 30 في المئة. وجاء في بيان لهيئة الأركان "ان المشاريع التي ليست لها أولوية ستلغى أو تؤجل". واندلعت الأزمة عندما وجه الرئيس أحمد نجدت سيزر اتهاماً لأجاويد خلال مواجهة في اجتماع مجلس الأمن القومي، بأنه غير ملتزم بمكافحة الفساد. وخرج اجاويد من الاجتماع غاضباً، وأعلن عن "أزمة خطيرة". وبعد ذلك بدقائق اهتزت الأسواق ونزحت رؤوس الاموال الأجنبية من البلاد وانهارت الثقة المحلية.