اسطنبول - أ ف ب - قال محللون في اسطنبول أمس إن الاقتصاد التركي الذي يمر في مرحلة حرجة مذ تم خفض قيمة الليرة قبل أسبوعين، سيواجه ابتداء من اليوم، بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، خيارات حاسمة وصعبة. وأشاروا إلى أن العطلة التي استمرت أسبوعاً، غداة خلاف سياسي تحول إلى أزمة مالية، سمحت للمواطنين بالتنفس قليلاً قبل أن يكتشفوا في غضون الأيام القليلة المقبلة الاجراءات التي ستتخذها الحكومة المعدّلة من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة. وعشية العطلة، عين رئيس الوزراء بولند أجاويد المسؤول السابق في البنك الدولي كمال درويش وزيراً للاقتصاد مفوضاً صلاحيات واسعة. وأنهى درويش أمس جولة في الولاياتالمتحدة استهدفت الحصول على دعم المؤسسات المالية العالمية والسيولة الضرورية التي يفتقدها الاقتصاد التركي. ويتوقع المسؤولون الأتراك أن تحصل أنقرة على مساعدات تصل قيمتها إلى 25 بليون دولار للخروج من الأزمة. وللتخفيف من عبء الدين العام، سيتم تسريع عملية الخصخصة التي كانت تباطأت في الأشهر القليلة الماضية، وايجاد حل جذري لوضع القطاع المصرفي الذي تسبب أصلاً في الأزمة المالية التي وقعت فيها البلاد في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وأدى قرار تعويم الليرة التركية إلى القضاء على برنامج الاستقرار الذي اعتمد في كانون الأول ديسمبر 1999 بمساعدة صندوق النقد الدولي. وكان البرنامج أنقذ في اللحظة الأخيرة بفضل قروض بلغت قيمتها 5.7 بليون دولار خلال الأزمة الأخيرة. ويعتبر المحللون أنه تتعين إعادة النظر في هدف خفض نسبة التضخم إلى 12 في المئة السنة الجارية، حيث أنها قد تبلغ نحو 25 في المئة مقابل 39 في المئة العام الماضي. وعشية بدء العطلة، ومذ خسرت الليرة 30 في المئة من قيمتها ازاء الدولار، أعلنت الحكومة سلسلة من الزيادات في أسعار المحروقات والتبغ والهاتف والكهرباء، وقد تليها مواد أخرى بعد استئناف العمل الأسبوع الجاري. وذكر أجاويد أول من أمس السبت ان تفاصيل البرنامج الاقتصادي الجديد ستعلن نهاية الأسبوع الجاري بعد عودة درويش من الولاياتالمتحدة. وسعياً منه لتشجيع الرأي العام الذي فقد ثقته في الحكومة، قال أجاويد إن هناك "أسباباً جيدة للتطلع إلى المستقبل الاقتصادي بكل أمل وثقة"، مشيراً إلى أن الخفض الأخير في قيمة العملة سيفيد الصادرات، وبالتالي سيشجع على الانتاج الصناعي وتوفير فرص العمل. ولفت إلى أن حجم الصادرات في الشهرين الماضيين مثلاً ارتفع بنسبة 4.14 في المئة بالمقارنة مع صادرات الفترة نفسها من العام الماضي. وأكد أنها "ستشهد المزيد من الارتفاع مستقبلاً". لكن المراقبين ووسائل الإعلام التي تصور درويش ك"سوبرمان" في رسوم الكاريكاتور، تحذر من المبالغة في طاقاته، وتدعو إلى اتخاذ اجراءات جذرية لمعالجة الأزمة. واعتبرت صحيفة "راديكال" الليبرالية في مقالها الافتتاحي أمس أنه يتعين على الحكومة اما أن تعمد إلى "عملية تجميل سطحية للنظام" الذي أوصل تركيا إلى هذه المرحلة من التدهور السياسي والاقتصادي، أو أن تقدم على اتخاذ مبادرة شجاعة "مهما كلف الأمر حتى على حساب بقائها". من جهتها، كتبت "حريت" أنه "إذا لم تقدم الحكومة، وبشكل فوري، على تبني برنامج ينال اجماعاً، فإن كارثة ستقع. وفي غضون شهرين أو ثلاثة، ستشهد البلاد انتخابات مبكرة أو تغييرات أخرى مشابهة".