على رغم تطور تقنيات التغطية التلفزيونية لمباريات كرة القدم، الا ان الوسيلة الاكثر مثالية لمشاهدتها تبقى الحضور الشخصي في ميدان المنافسة الفعلي على ارض الملعب، اذ انه يوفر المتعة الاكبر ويسمح باختبار حرارة التشجيع بشكل واضح وجلي. وفي هذا السياق يملك فريق مانشستر يونايتد الانكليزي نسبة الحضور الاكبر لمبارياته على ملعبه في "اولد ترافورد"، وهو 67461 متفرجاً في المباراة الواحدة، يليه ريال مدريد الاسباني 63152 متفرجاً وبروسيا دورتموند الالماني 61825 وروما الايطالي 61527 وبرشلونة الاسباني 61111. ويدفع رقم مانشستر تحديداً الى الدهشة الكبيرة، خصوصاً حين نعلم ان السعة الاجمالية لملعبه تبلغ 68364 متفرجاً، اي ان حجم نفاد تذاكر مبارياته يبلغ نسبة 7،98 في المئة. ويتجاوز عدد متفرجي 11 فريقاً الخمسين الفاً في المباراة الواحدة من بينها اربعة في ايطاليا هي روما وميلان وانتر ميلان ولاتسيو، واثنان في اسبانيا ريال مدريد وبرشلونة ومثلهما في انكلترا مانشستر ونيوكاسل والمانيا بروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ وواحد في اسكتلندا سلتيك. وينخفض هذا العدد الى اربعين الفاً لدى 21 فريقاً، من بينها سبعة تشكل هذه النسبة 90 في المئة من سعة ملاعبها، وهي مانشستر ونيوكاسل 5،98 وسلتيك 2،98 وليفربول الانكليزي 96 ومواطنه سندرلاند 5،95 ورينجرز الاسكتلندي 7،94 وبروسيا دورتموند 2،90. واستحق جمهورا فريقي نابولي الايطالي ومانشستر سيتي الاشادة بعدما احتلا المركزين ال21 وال 39 في لائحة المواكبة الجماهيرية الاكبر في اوروبا بنسبتي 40009 و34010 متفرجين على التوالي، على رغم تواجد فريقيهما في الدرجة الثانية من بطولتيهما المحليتين. واعتبر رقم سيتي تحديداً فريداً كونه مثل نسبة 9،99 في المئة من السعة الاجمالية لملعبه 340026 متفرجاً. ولعل هذه الاحصاءات تشير الى ان الملاعب الانكليزية تشهد الاقبال الاكثر غزارة عالمياً، ويعود ذلك الى سببين اولهما قرار الحكومة المحلية منذ حادثة هيلسبروه الشهيرة التي اوقعت 98 قتيلاً عام 1989 في جعل اماكن المدرجات كلها جلوساً، ما انعكس ايجاباً على تقليص حجم العنف في الملاعب، باعتبار ان قدرة المتفرج على افتعال الشغب تتضاءل في وضعية الجلوس، وبالتالي زاد عدد الحضور الميداني. اما السبب الثاني فيعود الى تسريع عجلة التحديث في الملاعب من اجل توفير تسهيلات اكبر للمتفرجين في الاعوام الاخيرة، باعتبار ان الملاعب تملكها شركات خاصة تتولى رعاية الفرق التي تتمتع بامكانات مادية كبيرة. ولا يخفى في هذا الاطار التأثير الايجابي لواقع ان غالبية الملاعب الانكليزية صغيرة، ما يجعل متعة المتابعة الميدانية اكبر، علماً بان نسبة المتابعة للمباراة الواحدة في بطولة انكلترا هي الاكبر في العالم، ومقدارها 32758 متفرجاً، في مقابل 29801 في ايطاليا التي تتميز بملاعبها الضخمة، و29765 في المانيا و23295 في اسبانيا. ولا بد من الاشارة الى ان يوفنتوس الايطالي، الذي نافس بقوة على لقب بطولة الموسم الماضي، استقطب نسبة حضور بلغت 36394 متفرجاً في المباراة الواحدة، في حين ان سعة ملعبه "ديل ألبي" هي 69041 متفرجاً، اما مواطنه باري فلم يبع الا نسبة 9،21 في المئة من عدد تذاكر مبارياته، وبلغ متوسط الحضور 12811 متفرجاً في مباراته الواحدة، علماً بان سعة ملعبه "سان نيكولا" تبلغ 58270 متفرجاً. والامر المؤسف في الواقع المقترن بهذين الملعبين تحديداً، انهما شيدا حديثاً في الثمانينات بتكلفة باهظة هدفت الى ابراز تقنية الهندسة الضخمة من دون مراعاة جانب زيادة اثارة المشاهدة الضرورية لاجتذاب الجماهير. وبالتطرق الى تأثير قيمة البطاقات على حجم المواكبة الجماهيرية، جسدت بطولة انكلترا ظاهرة لافتة نظراً الى ان ارتفاع سعرها لم يمنع زيادة الحضور، في حين فرض الواقع ذاته اجراء مباريات قليلة امام مدرجات ممتلئة عن آخرها في بطولة ايطاليا التي شهدت مبارياتها المستوى الفني الاكثر ارتفاعاً. واثمرت سياسة تخفيض اسعار البطاقات في بطولة اسبانيا الى تقليص سلبيات افتقاد ملاعب عدة الى مقومات الحضور المثالية، ما اوجد ظاهرة امتلاء 75 في المئة من المدرجات في المباريات. اما بطولة فرنسا فاستفادت بشكل مباشر من انجازي احراز المنتخب المحلي لقبي بطولتي كأسي اوروبا والعالم لرفع نسبة الحضور الجماهيري لمبارياتها من 10 الآف قبل عشرة اعوام في المباراة الواحدة الى 22355، متفرجاً علماً ان ثلاثة من فرقها تحتل احد المراكز ال25 الاولى في ترتيب الفرق الاوروبية صاحبة المواكبة الاكبر ميدانياً، وهي مرسيليا ب 48250 متفرجاً وباريس سان جرمان 43216 ولنس 38477. وعموماً انخفضت عائدات الفرق من عملية بيع التذاكر في الاعوام الثلاثين الاخيرة من 90 الى 30 في المئة، بعدما زادت ارباح التسويق الاعلامي والاعلاني وكذلك المنتجات، ما يعني ضرورة ايجاد الحلول المثالية لاعادة تجسيد عامل الافادة الكبير من هذه العملية، باعتبارها احد ركائزها الاساسية المرتبطة بواقع كونها لعبة جماعية وجماهيرية بالدرجة الاولى.