افتتحت في غزة امس الدورة السادسة للمجلس التشريعي الفلسطيني بحضور الرئيس ياسر عرفات الذي اكد في كلمته الرغبة في استئناف مفاوضات السلام، داعيا المجتمع الدولي الى ممارسة ضغوط على اسرائيل لحملها على وقف التصعيد العسكري ضد الفلسطينيين. قال الرئيس ياسر عرفات في كلمة ألقاها في مركز الشوا الثقافي في مدينة غزة امس لمناسبة بدء الدورة السادسة لأعمال المجلس التشريعي: "انني أتوجه الى الشعب الاسرائيلي، وقيادته الجديدة، لأعلن من على منبر المجلس التشريعي، مدعوماً بإرادة شعبنا المناضل، ان قلوبنا مفتوحة وأيدينا ممدودة، لتحقيق سلام الشجعان، والتزامنا التنفيذ الدقيق لجميع الاتفاقات المبرمة". واضاف: "إننا على استعداد للمضي قدماً في المفاوضات مع الحكومة الاسرائيلية، واذا أرادت ذلك، فنحن على استعداد للشروع فوراً لاستكمال المفاوضات التي بدأناها مع الحكومات الاسرائيلية السابقة، حتى آخر اللقاءات التي في شرم الشيخ وطابا". وتأتي دعوة عرفات لاستئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ كانون الثاني يناير الماضي، بعد ثلاثة ايام على تشكيل الحكومة الاسرائيلية، وتبادل الرسائل بينه وبين ارييل شارون والرئيس موشيه كتساف. وكان شارون أعلن مراراً ان الفريق المفاوض الاسرائيلي لن يعود الى طاولة المفاوضات الا إذا أوقف الفلسطينيون ما يسميه الاسرائيليون ب"وقف أعمال العنف والارهاب" كشرط لاستئناف المفاوضات مع السلطة الوطنية. وطالب عرفات في كلمته المجتمع الدولي وجميع محبي السلام والدولة العبرية والعالم أجمع والرئيس جورج بوش وروسيا والاتحاد الأوروبي والقادة العرب والصين واليابان ودول عدم الانحياز والامم المتحدة، وامينها العام "بتحمل مسؤولية عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، وعدم ترك الفرصة تفلت من أيدي الجميع". وتابع: "ان شعبنا الذي عانى طويلاً، وما زال، بحاجة الى دعمكم ومساعدتكم، من اجل تحقيق سلاح الشجعان"، مجدداً العهد للشعب الفلسطيني والأمة العربية "على المضي قدماً على درب الحرية والاستقلال، حتى يرفع شبل من أشبال فلسطين وزهرة من زهرات فلسطين، العلم الفلسطيني فوق أسوار القدس وكنائسها ومآذنها". وشدد على ان خيار السلام الذي اختاره الشعب الفلسطيني هو خيار استراتيجي، وقال: "انني ومعي القيادة الفلسطينية لم نأل جهداً لخلق فرص حقيقية والاستفادة من أي جهد يبذل ... لتحقيق السلام، لكننا كنا نواجه بطروحات لا يمكن قبولها فلسطينياً وعربياً ومسيحياً واسلامياً، كما يعرف العالم كل هذه الاشياء"، في اشارة الى ما طرحته الدولة العبرية من مواقف في مفاوضات كامب ديفيد وطابا. وتساءل: "هل سنحت فرصة جدية وضاعت؟" في اشارة الى تصريحات اميركية واسرائيلية اتهمت الفلسطينيين بإضاعة فرص السلام السانحة. وشدد على ان "سلام الشجعان الذي دعوت القادة الاسرائيليين الى تحقيقه لصالح اطفالنا وأطفالهم ... لا يمكن ان يتحقق إلا بتطبيق قرارات الشرعية الدولية 242 و338 و425 و194، ومبدأ الأرض مقابل السلام، والانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967، بما فيها مدينة القدس، وانهاء ظاهرة الاستيطان التي لا يعترف أحد في العالم كله بشرعيتها". وفي خصوص الموضوع الأمني، قال عرفات: "اننا نتفهم حاجاتهم للأمن والأمان، وعليهم الاسرائيليون ان يتفهموا حاجاتنا بالمقابل، وبحقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية، واحترام مقدساتنا المسيحية والاسلامية". ودعا المجتمع الدولي الى بذل كل جهد مع حكومة شارون لاتخاذ الخطوات السريعة للتعاطي مع عملية السلام، وأولها احترام قرارات الشرعية الدولية، ووقف التصعيد العسكري الذي اتخذته الحكومة الاسرائيلية السابقة. وأولى عرفات في خطابه أهمية خاصة للوضع الداخلي والوحدة الوطنية والأوضاع الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون منذ 5 اشهر. وأعلن انه والسلطة سيضعون "منذ اليوم مسألة القوانين واصلاح القضاء على رأس اولوياتنا، بما فيها قانون استقلال القضاء الذي اقره المجلس منذ فترة طويلة ولم يصادق عليه عرفات، وايضاً قانون اصول المحاكم، وتشكيل مجلس القضاء الأعلى المنوط به العمل في المجال القضائي". وتوقف عرفات عن قراءة خطابه، ووجه حديثه الى النواب، واشار بيده الى قاضي القضاة، رئيس المحكمة العليا المستشار رضوان الأغا، وقال: "انا وهو سنرتب هذا الأمر في الساعات القليلة المقبلة". وكان عرفات فاجأ النواب والمدعوين الى الجلسة، الذين احتشدت بهم قاعة مركز الشوا الثقافي، لدى حضوره الى الجلسة بالطلب الى الاغا بالصعود الى المنصة، حيث أجلسه الى يمينه، بعد ان قال: "هنا السلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية".