أعاد لبنان علاقاته الديبلوماسية مع العراق، بعد مضي سبع سنوات على قطعها، في خطوة لافتة بتوقيتها قبل انعقاد القمة العربية في عمان في 27 الجاري، والتي تتناول العلاقات العربية مع العراق كبند رئيسي وحساس بفعل تراكمات غزوه الكويت في العام 1990. وتكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة على الصعيد الاقتصادي في لبنان، نظراً الى انها تزيد من آفاق التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتفتح ابواب تصريف الانتاج اللبناني في العراق، كذلك مجالات الاستثمار للشركات اللبنانية. وهي مجالات كانت اتصالات القطاع الخاص اللبناني بشأنها اصطدمت بانقطاع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وقد طالبت بغداد باعادتها لتسهيل التعاون الاقتصادي. وكان مجلس الوزراء اللبناني الذي عقد بعد ظهر الخميس الماضي وافق على اقتراح من رئيس الحكومة رفيق الحريري بالغاء قرار اتخذه المجلس عام 1994 بقطع العلاقات مع بغداد إثر اكتشاف اجهزة الأمن اللبنانية والتحقيقات القضائية، تورط السفارة العراقية في بيروت في اغتيال طالب السهيل التميمي، المعارض العراقي المرموق الذي كان يقيم في لبنان. وقد اجتمع الحريري بعد ظهر أمس مع السفير الكويتي في بيروت محمد سعد الصلال، وشرح له خلفيات القرار اللبناني. وسبقت اقتراح الحريري مشاورات عدة مع هيئات اقتصادية وجهات معنية. وصدر مرسوم قرار الغاء قطع العلاقات "لانتفاء الأسباب في الظروف الراهنة" ليل الخميس الماضي. وتلقت الحكومة اللبنانية شكراً، أمس، من السلطات العراقية على القرار. وقالت مصادر رسمية ل"الحياة" ان توقيت اعادة العلاقات هو الأفضل للبنان الآن، اذ انه يسبق القمة، ويتم في وقت تجرى محاولات حثيثة للمصالحة العربية، وفي ظروف تعترف الولاياتالمتحدة نفسها بوجوب خفض العقوبات الاقتصادية على بغداد، وفي سياق انفتاح لبنان الاقتصادي لمعالجة ازمة المديونية في ماليته العامة. ورأت المصادر نفسها ان هذه العوامل تساعد على تفهم الجميع لقرار لبنان خصوصاً انه الدولة العربية الثالثة، اضافة الى الكويت والمملكة العربية السعودية التي استمرت في سياسة قطع العلاقة مع بغداد، "مع اننا قطعناها آنذاك ليس بسبب ازمة غزو الكويت بل اثر حادث أمني اعتبرناه في حينه مبرراً للخطوة". وقالت ان "تنامي العلاقات التجارية والاقتصادية بين لبنانوالعراق، ومعها الحاجة الى رعاية الشؤون القنصلية الخاصة بلبنان، بات يتطلب عودة العلاقات". وكان الديبلوماسي العراقي برتبة سفير نبيل الجنابي يتولى المصالح العراقية والتجارية في بيروت بموافقة الدولة الراعية لمصالح بغداد في ظل انقطاع العلاقات، فيما اقتصر الوجود اللبناني على ممثلية تجارية في بغداد. وأوضحت مصادر لبنانية رسمية ان تحديد مستوى التمثيل بين البلدين بعد عودة العلاقات، سيتم بعد اتصالات بين الدولتين خلال الأسابيع المقبلة. وذكرت المصادر نفسها ان سائر الدول العربية يقيم علاقات ديبلوماسية وتجارية كبيرة مع بغداد، بما فيها دول خليجية. وعلمت "الحياة" ان بين الأفكار المطروحة على صعيد العلاقات الاقتصادية بين بيروتوبغداد، والتي حال قطع العلاقات دون بلورتها في محادثات جدية، الآتي: عرض عراقي بتحمل تكاليف تأهيل مصفاتي طرابلس والزهراني لتكرير النفط، وإعادة تصديره، عبر انبوب النفط العراقي الذي اتفقت بغداد ودمشق مبدئياً على اعادة تشغيله، والذي يصل الى الأراضي اللبنانية. وكان العجز في موازنة لبنان حال دون تأهيله المصفاتين في السابق. اقتراح بشراء لبنان حاجته وما يزيد، من النفط العراقي بقيمة 45 في المئة من سعره العالمي، على ان يسدد ثمنه بضائع من انتاجه ومن السلع التجارية الموجودة في السوق اللبنانية.