طرابلس - ا ف ب - لا يتحدث المهاجرون الافارقة في ليبيا الا بصوت هامس خوفا من ان يكونوا عرضة للتنصت عليهم. وهم لا يكشفون للصحافيين اسماءهم او جنسياتهم او حتى عرقهم، على رغم انهم يقيمون في البلد الذي يدعو جهارا وبقوة الى الوحدة الافريقية. وفي عيد الاضحى وقف خمسة افارقة على الكورنيش المطل على المتوسط قرب مدينة طرابلس يروون ظمأهم من عبوات المياه الغازية بعيدا عن اضواء كشك قريب تنبعث منه موسيقى "الراي". وروى احدهم وهو بستاني "لم اكن وصلت بعد الى البلاد حين وقعت اعمال العنف في ايلول سبتمبر الماضي. ولا يمكنني الجزم ما اذا كان هناك قتلى. لكن بالتأكيد اصيب اشخاص بجروح بالغة". وتردد ان نحو130 مهاجرا افريقيا قتلوا في مجازر ارتكبها ليبيون، بحسب افادات الالاف من الافارقة الذين عادوا الى بلدانهم او ابعدوا من ليبيا. ويتحدر الافارقة من عدد من الدول، خصوصا النيجر وتشاد والسودان ونيجيريا وغانا. ويعيش نحو مليونان منهم في ليبيا التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة. وروى البستاني البالغ من العمر 20 عاما ان "الشبان الليبيين هم الذين يهاجموننا". ولدى سؤاله عن السبب، يلمس ذراعه قائلا: "بسبب لون بشرتنا". واضاف: "يتعرضون لنا بثلاثة طرق. يقولون لنا اننا عبيد وانه حسب تراتبية البشر نحن اقل اهمية منهم. كما انهم يهاجموننا بالسكاكين". وتوقف البستاني بعد ذلك عن الكلام خوفا من نظرات صاحب كشك بيع الجرائد الذي كان يراقب لقاءه مع الغربيين. وتم تحديد موعد لليوم التالي في مكان اكثر "امانا". لكن في اليوم التالي وبعد بحث طويل لم يكن هناك اي مكان "آمن"، لان واقع تحدث الافارقة مع احد الغربيين يجذب انظار المارة الذين قد يكونون مخبرين او رجال شرطة باللباس المدني. وتواصل اللقاء بالتالي من دون تدوين ملاحظات في قاعة احد الفنادق. وتابع البستاني القول انه يقبض 10 دنانير ليبية في اليوم حوالى 7 دولارات، وانه رغم اجره المتدني جدا الا ان الوضع يبقى "افضل حالا من الوضع في بلدي". وسئل عن سبب بقائه في ليبيا والمخاطرة بحياته فأجلب: "لا يمكننا العودة الى البلاد من دون تحقيق نجاح". لكنه اضاف: "لو كان لدي الخيار لعدت على الفور". وشاطره رفاقه رأيه هذا ايضا. وتمكن رؤية افارقة آخرين في طرابلس يعتريهم الخوف نفسه. فهم يتكلمون بصوت خافت ويترددون في اعلان انتمائهم الاتني، على رغم ان الافارقة يتحدثون عادة بفخر عن هذا الانتماء. وقال احدهم ان "مدينة طرابلس هي ملجأنا. هنا نشعر بالأمان لكن لا تصرحوا عن انشطتنا في هذه المدينة لانه سيكون في وسعهم التعرف على هوياتنا". ومنذ عامين ينام هذا الافريقي في طرابلس فيما يعيش اصدقاؤه الثلاثة في حي محاذ للعاصمة. ويعيش اولئك الافارقة على امل مغادرة ليبيا الى بلد غربي. وهم اغرقوا السفارات بطلبات اللجوء السياسي عبر البريد الالكتروني، من دون ان يتلقوا اي رد. لكن في المدينة نفسها التي خلت شوارعها بسبب عيد الاضحى، وعلى بعد عشرة امتار من مشغل الافارقة، يؤكد صائغ مصري ان الافارقة "لا يريدون العمل، انهم سارقون ومجرمون". وهذا الرأي نفسه عبر عنه طالب ليبي يدرس الهندسة الداخلية، معربا عن عدم ارتياحه لوضع المجتمع الحالي. وقال: "هناك الكثير من السارقين في صفوف الافارقة. والى ذلك فانهم يدخلون الامراض الى البلاد". ويجري ترداد هذه المواقف ايضا على اعلى المستويات الحكومية. واعلن الوزير الليبي للوحدة الافريقية علي التريكي في مقابلة مع ثلاثة صحافيين فرنسيين عن موضوع المهاجرين الافارقة في بلاده ان "الكثيرين منهم يأتون الى هنا لعبور المتوسط والتوجه الى اوروبا. وهم لا يملكون المال وبالتالي فانهم يضطرون للسرقة وارتكاب مخالفات". وقد اجريت هذه المقابلة بعد يومين على اعلان الاتحاد الافريقي في سرت ليبيا في 2 اذار مارس.